قال د. نهاد علي، رئيس قسم التعددية الحضارية في كلية الجليل الغربي وجامعة حيفا ورئيس قسم المجتمع العربي في مؤسسة صموئيل نئمان في معهد التخنيون، إن الظاهرة الحالية في المجتمع العربي هي نتيجة للتغيرات الحاصلة وليست سببًا بحد ذاتها، مشيرًا إلى مجموعة من العوامل التي دفعت إلى الفردانية وتراجع العمل الجماعي بشكل كبير وفي كل الأصعدة.
وأوضح علي، في مداخلة هاتفية ضمن برنامج "أول خبر" على إذاعة الشمس، أن الروابط الاجتماعية أصبحت ضعيفة داخل البلد الواحد والمجتمع الصغير، وأن هذا التراجع ينعكس على آليات الاحتجاج والعمل الجماهيري.
وأضاف أن المظاهرة ليست مجرد فعالية اجتماعية، بل هي وسيلة للاحتجاج وإرسال رسالة من المجتمع، لكن الإشكالية الأساسية تكمن في تحديد الجهة المُرسَل إليها. وتساءل: هل الرسالة موجّهة للحكومة أم لشرطة إسرائيل أم للمجتمع نفسه أم للمنظمات الإجرامية؟ معتبرًا أنه لا يمكن إرسال رسالة عامة بلا عنوان واضح.
وأشار د. نهاد إلى وجود إجماع في المجتمع العربي على أن العنف والجريمة هما القضية الأبرز ذات الانعكاسات الواسعة، ورغم ذلك يصعب التحرك جماعيًا كما حدث في عام 2019. وأوضح أن التفكك المجتمعي لا يرتبط فقط بالخوف من القمع، رغم أنه أحد العوامل، لكنه ناتج أيضًا عن تكرار استخدام نفس وسائل الاحتجاج، ما يفقدها تأثيرها.
ولفت إلى أن الاستطلاعات الأكاديمية تظهر أن المجتمع العربي يوجّه اللوم بالتساوي تقريبًا إلى المجتمع نفسه وإلى شرطة إسرائيل، بينما يرى ربع المجتمع تقريبًا أن المسؤولية الأساسية تقع على المجتمع العربي.
وأوضح أنه رغم وجود نماذج احتجاجية ناجحة في السابق، مثل إغلاق شارع 6، إلا أن تكرار الأساليب نفسها أدى إلى شعور عام باليأس.
وقال إن مقارنة المجتمع العربي بالمجتمع الإسرائيلي ليست دقيقة، فرغم خروج المجموعات اليهودية المتعلمة في احتجاجات واسعة ضد التعديلات القضائية لأكثر من عامين، لم ينجح ذلك في إحداث تغيير جوهري في السياسات.
وأكد أن هذا الوضع يؤدي إلى تراجع الإيمان بالأساليب الديمقراطية والدستورية لدى المواطن، ما يدفع البعض إلى التفكير بطرق أخرى للتأثير. وأضاف أن الاستطلاعات تظهر تراجعًا كبيرًا في القيم الديمقراطية في المجتمع الإسرائيلي، وتراجعًا في الملاءمة بين يهودية الدولة وديمقراطيتها.
وأشار د. نهاد إلى أن المواطن اليوم يرى لغة القوة والمال مسيطرة حتى على السياسات العليا، لدرجة الحديث عن مبالغ مالية تُدفع لحملة ترامب مقابل مواقف سياسية تتعلق بمستقبل الضفة الغربية.
وختم بالقول إن اليأس والخوف لا يمكن إنزالهما عن الطاولة، فالمواطن العربي يعيش حالة رعب حقيقية، والدولة تحولت إلى منظمة منتقمة، والشرطة كذلك، وهذا يشمل حتى شخصيات سياسية من المجتمع اليهودي، ما يعكس تراجعًا خطيرًا في الوضع العام.