على الرغم من التصعيد والاقتراب من توجيه الغرب لضربة عسكرية ضد النظام السوري، إلا أن مرحلة الحسابات والأخذ والرد لم تنته بعد.
القوات الغربية في انتظار ساعة الصفر
تضاربت الأقاويل في حساب المكاسب والخسائر التي ستعود على القوى الغربية، جراء اتخاذها قرارا بالتدخل العسكري في سوريا.
حيث قال مراقبون إنه على القوى الغربية التي تتأهب لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا أن توازن بين ثمن الامتناع عن القيام بهذا العمل والأثر السلبي المحتمل للتدخل. وسيكون لشكل التدخل العسكري أهميته، لكن كل الخيارات محفوفة بالمخاطر في هذه الحرب الطائفية.
وتوقع خبراء أن تستهدف الضربات المواقع الدقيقة التي يجري التفكير فيها لإضعاف قدرة النظام على نشر الأسلحة الكيميائية، لا استهداف مخزونات الأسلحة نفسها، بسبب المخاطر الجلية التي ينطوي عليها ذلك.
وردا على سؤال حول التغييرات التي قد تحدثها الضربة ميدانيا، أجاب مصدر عسكري بأنه «من المستبعد أن تحدث الضربة المحدودة تغييرا جذريا على أرض الواقع في العوامل التي تحرك الأزمة، منذ أكثر من عامين، وتجاوز عدد القتلى فيها المئة ألف. كذلك فإمكانية أن تؤدي إلى جمع الأطراف المتقاتلة على طاولة المفاوضات بعيدة، كما أن بروز جماعات إسلامية متطرفة في أوساط مقاتلي المعارضة ليس فألاً طيبا لما قد يأتي بعد الرئيس بشار الأسد.
وحول حساب التكاليف والآثار التي قد يخلفها هذا التدخل وراءه، أفاد مراقبون بأنه من المرجح أن يكون التدخل مكلفا. فالمقاتلون الذين لم ينخرطوا في التطرف حتى الآن قد يصابون بخيبة أمل إزاء الطابع المحدود للضربة، ويمكن أن يتألموا مما قد يسقط من ضحايا بين المدنيين.
وهوت أسواق الأسهم والعملات في جميع أنحاء العالم وسط مخاوف من أن يؤدي التدخل العسكري في سوريا إلى تفاقم التوترات الطائفية. وازدادت التفجيرات في لبنان في الآونة الأخيرة وشهد العراق سقوط أكبر عدد من القتلى منذ عام 2008.
وأضاف المراقبون أن الرد الانتقامي من جانب سوريا ومؤيديها الأجانب سيكون مكلفا. فالصراع في سوريا يضر بالأردن حيث كان الاقتصاد الهش بالفعل يعتمد على المساعدات الخارجية، قبل طوفان اللاجئين السوريين. وروسيا التي تزود تركيا بأربعة بالمئة من وارداتها النفطية يمكن أن تحاول معاقبتها لدعمها الضربة. وهذا قد يزيد الضغط على الليرة التركية المتهالكة. كما أن الآمال في ذوبان الجليد في العلاقات مع القيادة الإيرانية الجديدة قد تضعف أيضا. وعلاوة على ذلك فإن تأجيج التوترات السنية/ الشيعية في المنطقة بأسرها يؤدي إلى توترات دائمة في سوق النفط.
وفي إجابة عن تساؤل حول إمكانية إحجام الغرب عن التدخل العسكري في سوريا، رد خبراء بأن الامتناع عن القيام بعمل سيكون له أيضا ثمنه. وقد يمتد الصراع السوري إلى دول مجاورة حتى دون التدخل العسكري الخارجي، ويؤدي في النهاية إلى نفس النتائج. وينبغي على المستثمرين أن يستعدوا لعدم الاستقرار لفترة طويلة. وفي المقابل على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين أن يعرفوا أنهم سوف يضطرون إلى مواجهة عواقب وخيمة أيا كان اختيارهم.
ميدانيا، استهدف مقاتلو المعارضة، أمس الأربعاء، مبنى المخابرات الجوية في شرق دمشق بقذائف الهاون، وذلك بعد ساعات من سقوط صاروخي أرض/ أرض من مواقع قوات النظام على حيي جوبر (شرق) والقدم (جنوب) من العاصمة، حسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون.
وقال المرصد في بيان له «استهدفت اليوم الكتائب المقاتلة بقذائف الهاون مبنى المخابرات الجوية في منطقة العباسيين، ولم ترد أنباء عن خسائر بشرية في صفوف القوات النظامية».
وكان المرصد قد أفاد، فجرا، باستهداف حي جوبر بصاروخ أرض/ أرض من القوات النظامية، ثم سقوط صاروخ آخر من النوع نفسه على القدم، مشيرا إلى اشتباكات في جوبر بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين. وأكدت مصادر تصاعد القصف، منذ صباح أمس، على مناطق في مدينتي «داريا» و»معضمية الشام» وأطراف مدينة «النبك» في ريف دمشق مصدره القوات النظامية، حسب المرصد، الذي كان قد أشار إلى قصف ليلي على بلدات «حرستا» و»عربين» وقرى أخرى في الغوطة الشرقية، التي تقول المعارضة إنها تعرضت في 21 أغسطس لـ»هجوم كيميائي» نفذته قوات النظام.
من جهتها، أشارت الهيئة العامة للثورة السورية إلى «قصف مدفعي على طريق المتحلق الجنوبي في دمشق على أطراف مدينة عربين» في الريف، مع «رصد تحرك لشاحنات ضخمة يرجح أنها تنقل أسلحة وذخائر من مستودعات اللواء (105 حرس جمهوري) المتمركز على قمة جبل قاسيون».
كما أفادت بقصف على حيي القابون (شمال شرق) واليرموك (جنوب).
كان المرصد قد أعلن بالأمس، في بيان له، عن مقتل 130 سوريا في اشتباكات وأعمال عنف شهدتها أنحاء متفرقة من البلاد، الثلاثاء. وقال البيان، أمس الأربعاء، إن 130 شخصا قتلوا الثلاثاء، بينهم نحو 90 من القوات النظامية وقوات المعارضة.
وحسب المرصد، قتل ثمانية مسلحين من قوات المعارضة من جنسيات غير سورية في اشتباكات وقصف وتفجيرات، كما قتل 7 من قوات جيش الدفاع الوطني، الموالية للنظام، في اشتباكات بعدة محافظات سورية.
وقتل ما لا يقل عن 31 من القوات النظامية نتيجة تفجير عبوات ناسفة وقصف واشتباكات في أنحاء متفرقة من سوريا.
في سياق متصل، قال نشطاء سوريون معارضون إن فريق مفتشي الأمم المتحدة وصل إلى منطقة خارج دمشق، أمس الأربعاء، وبدأت التحقيقات في مواقع يشتبه في أنها تعرضت لهجوم بأسلحة كيميائية قتل على إثرها مئات الأشخاص، لليوم الثاني.
فيما أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، أن فريق المفتشين يجب أن يتاح له «الوقت الكافي لإتمام المهمة».
وقام المفتشون، الإثنين، بزيارة أولى إلى معضمية الشام، حيث التقوا مصابين في الهجوم المفترض وجمعوا عينات، على الرغم من تعرض إحدى سياراتهم لإطلاق نار من قناصة مجهولين.