توصلت دراسة علمية إلى احتمال أن يكون كوكب المريخ قد شهد براكين نشطة عملاقة في الماضي السحيق تسببت في تناثر مليارات الأطنان من الصخور والرماد في السماء.
ويعتقد العالمان جو ميتشالسكي وجاكوب بليتشر أن مساحات شاسعة من الأراضي المنهارة في المنطقة الواقعة على الكوكب وتعرف باسم Arabia Terra من بقايا هذه البراكين على أرجح التقديرات.
ونشر العالمان تقريرا عما توصلا إليه من نتائج في دورية (نيتشر) المعنية بشؤون الطبيعة هذا الأسبوع.
وقالا إن مثل هذه البراكين العملاقة أثرت بشكل بالغ على تطور شكل سطح كوكب المريخ.
كما أثرت غازات هذه البراكين في تشكيل الغلاف الجوي وتغير حالة المناخ. كما غطى الرماد المتساقط مساحة شاسعة في شتى أرجاء سطح الكوكب. فهي تشبه إلى حد كبير بعض الرواسب التي تواجهها المركبات الفضائية على سطح المريخ والتي تشير إلى نشأتها من انفجارات هائلة.
وقال ميتشالسكي، في متحف التاريخ الطبيعي في لندن ومعهد علوم الكواكب السيارة في توكسون في ولاية أريزونا الأمريكية "يعرف العلماء أن الكوكب لابد وأنه كان نشطا للغاية خلال مليارات السنوات الأولى. لكننا دوما ما دأبنا من أجل العثور على أدلة تفيد وجود هذه البراكين القديمة".
حالة الأرض
ومصطلح البركان العملاق Supervolcano هو مصطلح غير رسمي يصف حوادث فوران هائلة تطرد 1000 كيلومتر مكعب من الصخور والرماد.
ومرت الأرض بهذا النوع من الكوارث مرات عديدة، على الرغم من عدم حدوث ذلك منذ الآف السنين. فعلي سبيل المثال تقبع حديقة يولوستون الوطنية الأمريكية فوق منطقة بركان عملاق في الماضي.
وعلى النقيض لأنواع البراكين المألوفة – مثل براكين (إنتا) و (سانت هيلين) على الأرض، أو بالطبع أوليمبوس مونس على المريخ، لم تفض البراكين العملاقة إلى بناء جبال من طبقات الحمم. فبدلا من ذلك كانت تعني شدتها، أثناء ثورتها ، حدوث العديد من الأبخرة والصدوع في السطح.
وبعد ذلك تعود الأرض إلى حالتها الكامنة وتبقى آثار على سطح التربة على شكل فجوة هائلة أو فوهة.
وحدد العالمان ميتشالسكي وبليتشر، من مركز غودارد للفضاء التابع لوكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا)، عددا من البراكين العملاقة المحتملة في منطقة النصف الشمالي لكوكب المريخ المعروفة باسم اليابسة العربية. ومن المفترض أن تكون أقدم ياسبة على الكوكب.
وقال العالمان إن فوهات البراكين ليس من المحتمل أن تكون مناطق نتجت عن تأثير نيازك نظرا لكونها تختلف من حيث الشكل، كما تفتقد وجود أطرف ناتئة ، كما توجد في العادة قمة مركزية عند الفوهة المؤثرة.
تأثير الغازات
كما أثرت الغازات المنبعثة من البراكين العملاقة بالتأكيد على تكوين الغلاف الجوي في الماضي وتطور المناخ بعد ذلك. وربما كان لها تأثير على كميات المياه والعناصر الأساسية اللازمة للحياة من أعماق الكوكب.
وهذه الأفكار يمكن اختبارها بواسطة مركبة الفضاء (كيوريوستي) التي تتوجه نحو جبل كبير في وسط منطقة فوهة غيل على سطح المريخ.
ولا يعرف أحد كيف تشكل هذا الجبل، غير أن بعض الشقوق في طبقته ربما تكونت من سقط الرماد، والمحتمل أن يكون من براكين اليابسة العربية العملاقة.
وأكد ميتشالسكي "إن أظهر العمل في المستقبل أن هذه البراكين العملاقة موجودة على سطح كوكب المريخ القديم، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير تام للتقديرات المتعلقة بكيفية تشكيل الغلاف الجوي من الغازات البركانية وكيفية تكوين الرسوبيات من الرماد البركاني وكيفي تشكلت امكانية الحياة على السطح."
وقال خبير المريخ، بيتر غريندرود، من جامعة لندن، في تعليق على البحث "فهم اليابسة القديمة على الأرض صعب للغاية نظرا لاختفاء العمليات اللاحقة أو اختفاء الأدلة عليها، ومحاولة فهم الفترات المبكرة لتاريخ المريخ صعبة للغاية فضلا عن ذلك فان البيانات المتوفرة لدينا من مركبة الفضاء محدودة.
وأضاف "بيد أن هذه الدراسة تعد مثالا رائعا لما يمكن إنجازه بناء على توافر بيانات من البعثات العلمية الأخيرة. وهذه الدراسة مهمة لانها، إن صحت، فهي لن تخبرنا عن شئ يتعلق بالتاريخ الجيولوجي المبكر للمريخ فحسب، بل تساعدنا في شرح مصدر هذه التجمعات الرسوبية، إذ أن الكثير منها مهم للدراسات التي تبحث قابلية الحياة على كوكب المريخ."
وقال ديف روثيري ، عالم جيولوجيا الكواكب ، "من الواضح كليا أن الفوهات القليلة غير مستوية الشكل وكبيرة الحجم كما أكد ميتشالسكي وبليتشر هي فوهات بركانية. فان صح ذلك، فيشير حجمها إلى احتمال أنها ثارت بنفس نمط البراكين العملاقة على الارض.