*خبراء يعتبرون أن فشل سياسات أوباما وتراجع صورة الولايات المتحدة كقوة دولية مكن روسيا من البحث عن موطئ قدم في الشرق الأوسط.
*الولايات المتحدة في حالة تراجع في جميع أنحاء الشرق الأوسط في العراق، وسوريا، والسعودية ومصر، والروس دخلوا المنطقة ويعتزمون البقاء.
*زيارة بوتين المنتظرة منتصف الشهر القادم تعد ثورة في الحسابات الاستراتيجية بالمنطقة
*الزيارة المرتقبة لبوتين هي إحدى الثمار الإيجابية الكثيرة التي بدأ يجنيها الشعب المصري من ثورة 30 يونيو
ينظر المصريون بتفاؤل كبير إلى زيارة الرئيس الروسي المنتظرة في الشهر القادم، وينتظرون أن تملأ روسيا الفراغ الذي تركه الأميركيون بعد أن قرروا تجميد جانب هام من المساعدات العسكرية والاقتصادية الممنوحة لمصر كردة فعل على ثورة الثلاثين من يونيو التي أطاحت بحليفهم تنظيم "الإخوان".
وقالت مصادر مطّلعة إن القيادة المصرية التي وجهت رسالة رسمية إلى فلاديمير بوتين لزيارة البلاد كانت تهدف من وراء ذلك إلى خلق توازن في علاقاتها الدولية وعدم وضع بيضها فقط في سلة الأميركيين خاصة في فترة إدارة أوباما التي اتسمت مواقفها بالاهتزاز والتناقض.
وأضافت المصادر أن خيار "الانفتاح" على القوى الأخرى الذي اتخذته القيادة الجديدة ليس ردة فعل على تسرع إدارة أوباما في قطع المساعدات، وإنما في سياق مراجعة جذرية تجريها للسياسات العامة بالبلاد.
واعتبر خبراء ومراقبون أن روسيا استفادت كثيرا من فشل سياسات أوباما وتراجع صورة الولايات المتحدة كقوة دولية لتبحث لها عن مكان أوسع بالشرق الأوسط خاصة بعد أن جنّبت حليفها الاستراتيجي بشار الأسد ضربة عسكرية أميركية كانت مقررة وتنتظر فقط لحظة الصفر.
ولفت المراقبون إلى أن الكرملين سيجد الساحة مفتوحة أمامه خاصة بعد الأزمة الأخيرة بين السعودية والولايات المتحدة، وهي أزمة دفعت الرياض بدورها إلى التفكير في إحداث توازن في علاقاتها الاستراتيجية.
وأكد هؤلاء أن تخلي الأميركيين عن الثورة السورية، ونقض تعهداتهم تجاهها، أطاح بمصداقيتهم ليس فقط لدى الشارع العربي، وإنما لدى القيادات السياسية.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أمس أن روسيا عازمة على الاستفادة من المشكلات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها في الشرق الأوسط، وذلك بالدفع في اتجاه تعاون أكبر مع مصر في مسعى قد يقود في النهاية إلى حصول موسكو على منفذ إلى الموانئ المصرية على البحر المتوسط.
وقالت الصحيفة على موقعها الإلكتروني إن بوتين يخطط لزيارة محتملة إلى مصر، كوسيلة لاستغلال الأزمة التي نشبت بين واشنطن والقاهرة منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في يوليو الماضي.
وأضافت أنه "في ضوء المخاوف من عودة التنافس (الروسي- الأميركي) في الشرق الأوسط في حقبة الحرب الباردة، فإن (بوتين) يسعى على ما يبدو إلى استئناف العلاقات العسكرية مع مصر، بعد قرار نظيره الأميركي بتجميد جزء كبير من المساعدات العسكرية الأميركية لمصر".
بالتوازي، أكد الموقع الإسرائيلي "ذا بوست" أن أهم الدوافع التي تحفز "بوتين" على التقارب مع مصر هو الوصول إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، لأن موطئ القدم الوحيد المتاح لروسيا هو ميناء طرطوس السوري، أصبح شائكا في ظل غموض مستقبل الأسد، وأن الموانئ المصرية أفضل منه"، مضيفا أن الولايات المتحدة في حالة تراجع في جميع أنحاء الشرق الأوسط في العراق، وسوريا، والسعودية ومصر، والروس دخلوا المنطقة ويعتزمون البقاء.
وفي مصر، صرح اللواء ثروت جودة، وكيل المخابرات السابق، أن زيارة بوتين المنتظرة منتصف الشهر القادم تعد ثورة في الحسابات الاستراتيجية بالمنطقة وذلك استنادا لمجموعة من الأسباب على رأسها السماح للدب الروسي ببناء نقطة نفوذ جديدة في مصر بكل ما تتمتع به من ثقل استراتيجي.
ولفت جودة إلى أن موقف السعودية برفض العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن كشف عن مدى توتر العلاقات السعودية الأميركية والضعف الذي أصاب النفوذ الأميركي في المنطقة، وذلك على خلفية تراجع الإدارة الأميركية عن توجيه ضربة عسكرية إلى نظام الأسد، وكذلك لدعم أوباما للإخوان الذين يثيرون حفيظة دول الخليج.
من جانبه، قال اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجى المصري "إن الزيارة المرتقبة لبوتين هي إحدى الثمار الإيجابية الكثيرة التي بدأ يجنيها الشعب المصري من ثورة 30 يونيو"، معتبرا أن "أي اتفاقات تتم في إطار هذه الزيارة ستكون صفعة على وجه الولايات المتحدة الأميركية، خاصة بعد الموقف المتعنت لواشنطن تجاه القوات المسلحة والشعب المصري معا، من خلال تأييد ممارسات الإخوان".
واعتبر سيف اليزل أن "هذه الزيارة تأتي في الوقت المناسب بعد إعلان الإدارة الأميركية عن تجميد بعض الاتفاقيات والعقود المبرمة مع مصر، ومنها: وقف تسليم قواتنا المسلحة صفقة طائرات أف 16 وطائرات الأباتشي ومكونات الدبابة إبرامز، فضلا عن خصم مليار دولار من المعونة العسكرية الأميركية البالغة 1.3 مليار دولار سنويا.
يشار إلى أن وفدا شعبيا مصريا عاد أمس من زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى موسكو في سياق الجهود المصرية للتعريف بثورة الثلاثين من يونيو، والتقى فلاديمير بوتين.
وضم الوفد المصري الكاتب محمد سلماوي المتحدث الرسمي باسم لجنة الخمسين المكلفة بإعادة صياغة الدستور وسامح عاشور نقيب المحامين، عضو لجنة الخمسين.