يمر الإنسان بعدة مراحل فى حياته يتخطاها واحدة تلو الأخرى بطريقة تدريجية.. ولعل أصعب المراحل التى يمر بها الأبناء هى مرحلة المراهقة.. فهى المرحلة التى تربط بين مرحلة الطفولة بعفويتها وهدوئها ومرحلة النضج بحكمتها ورصانتها.
تمر مرحلة المراهقة بتغيرات كثيرة فى كل من النمو الجسمانى والفسيولوجى والعقلى والاجتماعى مما يسبب حدوث صراعات كبيرة فى نفسية المراهق تؤثر على تفاعله مع العالم الخارجى والسلطة الابوية.
فالطفل يتعرض تدريجيا لتغيرات كبيرة فى الطول والوزن وتظهر عليه علامات البلوغ فيبدأ فى الاحساس بأنه اصبح كائنا كبيرا وفى طريقه نحو التشبه بصورة ابوية.. كما يتعرض للتغيرات الهرمونية التى تؤثر على صورته الذاتية ومزاجه وعلاقته بالآخرين.
وتختلف تلك التطورات بالطبع من مجتمع لاخر فالتطورات التى يشعر بها اهل المدن تختلف عما يشعر بها اهل الريف، كما أن التطور فى المجتمعات المتفتحة يختلف عنه فى المجتمعات المنغلقة وكلها عوامل تشكل شخصية المراهقين وكيفية تعاملهم مع الاكبر سنا.
مراحل المراهقة:
يمر المراهق بثلاث مراحل مهمة:
المرحلة الاولى من 14ــ 11 عاما وتشهد التغيرات البيولوجية من النمو
المرحلة الثانية من 18-14 عاما وهى مرحلة اكتمال التغيرات.
المرحلة الثالثة من 21-18 عاما وهى مرحلة الوصول للرشد فى المظهر والتصرفات
وتتأثر كل مرحلة بالمرحلة السابقة لها كما تتأثر كل مراحل المراهقة بمرحلة الطفولة وطبيعة المجتمع والعلاقات الاسرية التى ينشأ فيها المراهق.. وتتميز مرحلة المراهقة بعدة صفات:
ــ عدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ لقلة الخبرة.
ــ خوف الآباء الزائد على الابناء خاصة من اصدقاء السوء.
ــ التمرد والعدوانية ورفض السلطة الابوية.
ــ المطالبة بالحرية فى الرأى والملبس.
ــ التقوقع فى عالمهم الخاص بعيدا عن عالم الاسرة.
ــ التخبط فى الاحاسيس والتناقض فى المشاعر من وقت لآخر.
ــ الاهتمام بالاصدقاء والتأثر بآرائهم.
ــ عدم الرضا عن الشكل الخارجى والمحاولات الدائمة لتحسين الصورة الجسمانية.
كيف يتعامل الآباء مع المرحلة:
يعانى الآباء كثيرا من التعامل مع الابناء فى تلك المرحلة.. ولكن لا يعنى الامر أن نسترخى حتى تمر العاصفة.. انما يتطلب الامر ضرورة معرفة كيفية مواجهة العاصفة بهدوء حتى لا تسبب أى افساد لشخصية الطفل أو للعلاقة بيننا وبين ابنائنا. فأنت تراقب نمو ابنك وابنتك وكأنك تراقب ارضك التى تحتاج منك للعناية والاهتمام حتى تثمر فى النهاية. عندما يبدأ الابناء فى رفض السلطة التى كنت تمارسها بسهولة عليهم فى الطفولة سواء فى اختيار اصدقائهم أو طريقة ملبسهم أو اتباعهم للتعليمات بدقة وبدون إبداء أى اعتراض.. تدق اجراس الانذار وتسأل نفسك ما الذى يجب علينا فعله هل اتساهل معه ام لابد من الحزم؟ بعض الاباء يفشلون فى تخطى المرحلة لإصرارهم على فرض ارائهم بالقوة وبدون نقاش بطريقة ديكتاتورية تخلق اما ابناء متمردين أو منطوين.. والبعض الاخر ينجح فى كسب ود ابنائه ويصبح صديقا جيدا لأولاده وهنا يكون قد زرع البذرة الصحيحة فى الارض السليمة فتنمو بنجاح. اترك له الفرصة ليعبر عن رأيه وقل رأيك ايضا ولا مانع من الوصول لحل وسط بما يتفق وطبيعة شخصية كل منكما.. الحزم نعم احيانا لا يمكن استبداله بأمر اخر خاصة مع الابناء الاكثر تمردا، ولكن لابد أن يكون الحزم مساويا للفعل ليس اكثر ولااقل كذلك العقاب فلا داعى للعقاب الصارم لأمر عادى ولا العقاب الخفيف مع اصرار الابن على عدم اطاعة الاوامر.. تعلم جيدا كيف تختار الجرعة المناسبة للعلاج..
عندما يصل الابناء لسن المراهقة ينظر لك بندية فرأيك عنده يحتمل الصواب والخطأ بل يظن دائما انه رأى خاطئ لاعتقاده أن تفكيرك قديم لا يساير الحياة الحديثة.. وهو امر طبيعى ففى هذه المرحلة يبدأ الاعتداد بنفسه والاحساس بالتميز ونمو الشخصية مما يتطلب ضرورة اعطائه الفرصة للتعبير عن آرائه حتى يكتسب الثقة بالنفس دون المساس باحترامه لرأيك وتقديره لدورك.
ولا تنس أن اتساع الفجوة بينكما يأتى من سرعة التغيرات التى تحدث فى الحياة جيلا بعد اخر مما يجعل الانسجام بينكما قليلا ويؤثر سلبا على طبيعة العلاقة وكما قال على بن ابى طالب رضى الله عنه «لا تربى ابنك على نفس ما تربيت فإنك تربيه لزمن غير زمنك»، هذه هى القاعدة الذهبية فى تعاملك مع ابنائك.
خطواتك للنجاح:
ــ تغيير لغة الحوار من الحوار الآمر إلى الحوار الهادئ امر ضرورى حتى لا تضر بشخصية طفلك المستقبلية.
ــ الحرص على اكساب الطفل الثقة بالنفس بالاستماع له والاخذ برأيه فى بعض الامور التى تهم الاسرة.
ــ قضاء الوقت مع اصدقائه ودعوتهم للمنزل حتى تتعرف اكثر على ابنائك فهم الاكثر تأثيرا على شخصيته.
ــ لفت انتباهه عما لا يرضيك فى شخصيته بطريقة حكيمة حتى لا يصاب بالعناد.
ــ تفهم متطلبات الجيل والاطلاع على عالمه ومشاركته هذا العالم بالاستماع لموسيقاه وافلامه وطريقة ملابسه.
ــ الحفاظ على خصوصية العلاقة بينكما وعدم كشف اسراره امام الآخرين حتى تكسب ثقته بك.
ــ عدم توبيخه أو ايلامه امام الآخرين حتى لا تهتز صورته امام نفسه.
ــ كن قدوة صالحة من خلال العمل وليس الكلام فرفض الاوامر المباشرة سمة المراهق لذلك يمكنك تقديم فكرة أو ترسيخ مبدأ من خلال قيامك انت به اولا.
ــ الحرص على توفير جو من الهدوء فى البيت والاحساس بالامان فالطفل الذى يعانى من مشكلات اسرية يعانى من مراهقة تتسم بالعنف أو الانطواء.