على أعتاب الذكرى ال 66 لنكبة شعبنا الفلسطيني ونحن في أكناف المصالحة الفلسطينية التي جمعت فصيلان كبيران من فصائل شعبنا الفلسطيني هما حركة المقاومة الاسلامية – حماس- وحركة التحرر الفلسطيني – فتح-، لا شك أن مجمل الشعب الفلسطيني فرح للمصالحة مع مآخذ، على أو من، هذا الفصيل أو الاخر ناهيك عن امتعاض البعض من المصالحة وتخوفهم من وصول المصالحة لدمج أو التنازل في البرامج المختلفة لكلا الطرفين مع أنهما في النقيض، هذا الدمج أو التنازل الذي من المرجّح أن يكون على حساب حركة حماس لكونها دائماً المطالبة بالتنازل والواقعية، وهذا ما يرفضه شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني ارتضت بنهج المقاومة.
مع ما سلف فإننا يجب أن لا ننسى أو نتناسى أن هناك جزءاً حياً من الشعب الفلسطيني ما زال متمسكاً بوتد الوطن في الداخل الفلسطيني، هذا الجزء "يتمتع" بالمواطنة الاسرائيلية ويسير وفقاً لقوانينها ولكنه جزء من الوطن والمجموع والشعب الفلسطيني ببعده الهوياتي الذي تجمعه الجغرافيا المكونة من 28000 كلم هي مساحة فلسطين التاريخية هذا الشعب الذي فٌرّق على وقع النكبة – التي نحن على أعتاب ذكراها – بين ساكنٍ في الشتات كلاجئ وساكنٍ في الارض كصامد أو مهجّر في وطنه، أو من فرقته حدود قررتها حرب عام 67 هذا الحدود التي ارتضى قسم من أبناء هذا الشعب أنها تحد الوطن الجديد، فلسطين الجديدة، عن الوطن الكل فكانت السلطة الفلسطينية أو دولة فلسطين اليوم في حدود 67 هذا الوطن الجديد لم يقرره الشعب الفلسطيني بل قرره نفر من القيادة الفلسطينية في حينه والتي بحكم الواقعية أو الاقتناع رضت به، ومن يرضى أو لا يرضى بتلك الحدود كمفصل تاريخي يعيد ترسيم حدود الوطن فإنهما أي كلا الطرفان لا ينزعان حق من بقي في الداخل الفلسطيني وفي فلسطين التاريخية من تعريف أنفسهم على أنهم فلسطينيون ولا يستطيعون مسخهم عن هويتهم الفلسطينية وكونهم مكوّن من مكونات النسيج الفلسطيني العام.
ولكن يبدو أن المصالحة الفلسطينية ونتائجها نسيت أو تناست هذا الجزء من الشعب الفلسطيني ويبدو أن قيادات الداخل الفلسطيني بحسن نية أو بسوئها تجاهلت موقعها كجزء من الشعب الفلسطيني والذي ليس هو ضلع قاصر أو فلسطيني ناقص بل هو فلسطيني كامل، من غير تناسٍ للخصوصية التي يحملها أبناء الداخل الفلسطيني من كونهم يحملون المواطنة الاسرائيلية.
وهنا يأتي التساؤل المركزي في هذا المقال، ما هي حدود مواطنة فلسطيني الداخل الاسرائيلية – المفروضة عليهم للبقاء- مقابل حدود فلسطينيتهم وعمقها وكنه مطالبهم المترتبة على انتمائهم لهذا الشعب، وهل يحق لهم المطالبة بحقوق سياسية وحتى تنظيمية من عمقهم الفلسطيني ومن القيادة الفلسطينية التي تمثّل الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة أم أن هذا تجاوز للمواطنة الاسرائيلية! (وعليه أرى أنه على القيادات الفلسطينية في الداخل أن تفكّر في حدود هذه المواطنة وحدود الانتماء للشعب الفلسطيني (إن كان له حدود)) هذا الأمر لا يعني بالضرورة الانفصال عن "المؤسسة الاسرائيلية" مما يمكن أن يترتّب عليه نفيٌ من الوطن وتكون المفاضلة إما فلسطيني فيجب أن يكون ضمن حدود 67 أو فلسطيني يحمل الهوية الاسرائيلية تلبي طموحه المؤسسات الاسرائيلية والماكينازيم الذي يُسّيُرها.
ويكمن التساؤل لماذا لا يحق للفلسطيني في الداخل المشاركة في القرار الفلسطيني العام أو تقرير مستقبل شعبه أو حتى في المصالحة وإعادة بناء منظمة التحرير ولماذا لا يحق للفلسطيني في الداخل أن يصوّت لانتخابات منظمة التحرير بعد اعادة بنائها وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني- على الأقل كما هي تعرّف نفسها ويرتضيه شريحة من شعبنا- أوليس الفلسطيني في الداخل جزءاً من هذا الشعب؟ لذلك يجب على القيادات السياسية في الداخل تدارس نتائج وتبعات ومتطلبات المصالحة علينا نحن في الداخل الفلسطيني.
وفي عودة للواقعية وقوانينها، يمكن أن لا يتم هذا الأمر لإشكالية الحيّز والسياسة وتفرقة الحدود ولكن هذا الأمر يجب أن لا يسقِط الحق في المطالبة في ذلك حتى وإن كان التطبيق صعباً. وعلينا أن لا نتحسب أو نتخوف من ردة فعل الاخر وهو في هذه الحالة الاسرائيلي لكونه قطعاً سيكون معارضاً لحقوقنا ومصالحنا وهذا لا يثنينا عن مطالبنا العادلة وتشبثنا بدوائر انتمائنا الفلسطينية والعربية والإسلامية مع تفهمنا لصعوبة الواقع وحتمية دراسة القرار وفقاً لهذا الواقع.