نشر موقع "ويكيليكس" وثائق تظهر تورط اسرائيل في التعامل مع المعارضة السورية، موضحة انه تمكن قراصنة من الوصول الى أجهزة كومبيوتر تعود الى موظفين أمنيين إسرائيليين، بينهم أحد العاملين في مكتب متصل برئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، وهو منذر الصفدي المشهور بـ"مندي الصفدي"، أبرز الناشطين في الملف السوري.
عملية قرصنة كمبيوتر الصفدي وهاتفه والتنصّت عليه جرت على مدى أشهر وأدّت إلى فضح أسماء شخصيات لبنانية وسورية متورّطة في التعامل مع إسرائيل في الملف السوري وغيره.
وقد نجح المقرصنون في نسخ ملفات ومحادثات بأكملها، والحصول على أرقام هواتف وعناوين ووثائق سرية تتعلّق بالتنسيق بين شخصيات سورية معارضة للنظام السوري وموالية له، وأخرى لبنانية مع الإسرائيليين للحصول على معلومات عن مواقع ومعطيات عن شخصيات في حزب الله. وكشفت الملفات محاولة "مندي" تجنيد عملاء لبنانيين وسوريين، وتنسيقه لإدخال السلاح الى مجموعات معارضة، وأحياناً دس شرائح تحديد مواقع فيها لقصفها لاحقاً من قبل قوات التحالف. كما فضحت علاقة تربط أحد أمراء "داعش" مع إسرائيل.
وكشف هذا الملف، الذي حصلت "الأخبار" اللبنانية على نسخة منه، عن جانب من الدور الإسرائيلي، لافتا إلى ان "مندي كُلِّف من جهات أمنية إسرائيلية بمتابعة ملف مجموعات المعارضة المسلّحة في سوريا، ما أدى الى ارتباطه بعلاقات واسعة بالاستخبارات التركية وبمختلف أطياف المعارضة السورية، وبضباط منشقّين وآخرين لا يزالون في صفوف قوات النظام. وله تواصل مع قيادات في "جبهة النصرة" و"داعش"، كما تربطه علاقات "صداقة" وعمل أمني بإحدى الشخصيات السياسية اللبنانية وبمغتربين لبنانيين. وتجدر الإشارة إلى أن زوجة أحد الرتباء في حرس مجلس النواب اللبناني تم توقيفها بعدما جنّدها "أبو ارسلان" عبر الفايسبوك.
وكشفت إحدى المراسلات عن "صفقة أسلحة" حاولت إسرائيل عقدها في العاصمة التشيكية براغ لحساب كل من "الجبهة الإسلامية" و"أجناد الشام" و"جبهة النصرة". غير أن الفصائل المسلّحة، وتحديداً "جبهة النصرة"، رفضت إتمام هذه الصفقة خارج الأراضي السورية، طالبةً أن تكون عن طريق المجالس العسكرية لتتمكن من التحكم بالسعر.
وأظهرت المراسلة اتفاقاً بين جهة إسرائيلية وأخرى سورية لإتمام الصفقة عبر الأراضي الأردنية ــ السورية، مع إصرار مندي على التفاوض على التفاصيل في مدينة براغ حيث مقر إحدى شركاته، وحيث تجري معظم الصفقات.
وكشفت ملفات "مندي" أن التمويل الرئيسي للمجموعات السورية المسلحة يأتي من قطر ومن مانحين سعوديين، وأن صلة الوصل بين "جبهة النصرة" وقطر في كل ما يتعلق بالتمويل هو السوري محمد الخطيب المعروف بـ"كلينتون"، وأن الأخير تربطه بـ"مندي" علاقات وثيقة. وأظهرت "داتا الفايبر" أن السوري "أسامة الحر" يُنسّق مع إسرائيل في صفقات التسلح في شمال سوريا، كما أن سيدة تُعرف باسم "ام عباد" تنشط على خط الصفقات.
وأشارت الداتا الى وجود تجار حكوميين يستقدمون أسلحة من مراكز تدريب تعذر تحديدها، ويحملون جوازات سفر أوروبية لسهولة التحرّك وإدخال البضاعة الى الأردن بشكل قانوني. وأظهر "تعقب" حاسوب مندي متابعته لنشاطات "لواء الفرقان ــ الجيش الحر"، وهي مجموعة "تتولى السيطرة على المعابر السرية قرب قلعة جندل في سفوح جبل الشيخ وذلك خدمة لمصالح إسرائيل"، بحسب مندي نفسه.
وفي مراسلة أخرى، أبلغ أحد عملاء "مندي" في الجماعات المسلحة عن قصف قوات التحالف مقرات جماعة "لواء المعتز بالله" بعد تحديدها عبر شرائح إلكترونية زرعت داخل بضائع أرسلت إليهم عبر أحد التجار. وفي الداتا أيضاً محادثات حول التنسيق بين جهات سعودية وأخرى أردنية لعقد صفقات تسلحية في سوريا، مع إشارة الى وجود مندوبين إسرائيليين في مدينة درعا وداخل الأراضي الأردنية للعمل في السياق نفسه. ووُجد في أحد الملفات عقد لصفقة سلاح أميركي لمصلحة إحدى المجموعات المسلّحة، و"طلبية" صواريخ "تاو" و"ستينغر" مضادة للطائرات والدبابات ومناظير ليلية وحرارية وعد «مندي» بتأمينها من إسرائيل. كما عُثر على مسوّدة لـ"إنشاء جيش لإسقاط النظام السوري".