يسألنا البعض عندما نقول موقفنا من تعدد الزوجات: لماذا توجهن اتهاماتكن ونقدكن للرجال فقط؟، فعندما يتزوج الرجل ثانية، انما يتزوج من امرأة أخرى وليس من رجل، فهي إذن- اي المرأة الثانية- اختارت الزواج برجل متزوج، لماذا اذن لا تحمِّلنها المسؤولية وتقتصر اتهاماتكن على الرجل؟
نعم حين يتزوج الرجل فهو يختار امراة، وهي توافق على طلب الزواج، واسأل هنا، دون ان اعفيَ الزوجة الثانية من مسؤوليتها عن الظلم الواقع في موضوع تعدد زوجات، هل هي حقا اختارت؟ تعني كلمة "اختيار" انتقاء الافضل من بين عدة امكانيات، فهل كانت لها أصلا امكانيات كثيرة أو قليلة لتختار؟ الجواب برأيي لا. اعتمد في اجابتي على الكثير من القصص التي نسمعها من النساء خلال عملنا معهن، ولكن ادعِّم انطباعي الاول بنتائج البحث النوعي الذي أجرته الباحثة رهام أبو العسل لصالح لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية، تحت عنوان: "تعدد الزوجات: الخطاب والممارسة في المجتمع الفلسطيني".
أُجريت خلال البحث مقابلات مع مجموعة من الزوجات اللواتي "اخترن" الزواج من رجل متزوج، للاستماع إلى رواياتهن حول الاسباب التي عزت بهن الى القيام بهذا "الاختيار" وللتعرف أيضا على ظروف حياتهن في ظل زوجية كهذه. أجمعت النساء اللواتي أجرت معهن الباحثة مقابلات مطوَّلة، ان ذلك الزواج لم يكن اختيارا بالمفهوم الحقيقي لكلمة اختيار، لقد كان ملجأ احيانا وهروباً من واقع في أحيانٍ أخرى، كان إما تعويضاً عن ظلم أسرة وإما فِراراً من قساوة مجتمع. إن الكلمات لجوء وفرار وهروب غير ماخوذة من قاموس الحب والعاطفة والزواج، وانما من قاموس الحروبات والنكبات، فالناس تهرب وتلجأ عند المصائب. في مجتمعاتنا العربية تعيش نسب عالية من النساء العزباوات او المطلقات، ضمن واقع شبيه. هن لا يعشن بالضرورة عنفا على اجسادهن، وانما سيطرة عليها وعلى نفوسهن أيضا واحيانا انتهاكا لكراماتهن، وفي مرات كثيرة يعانين من عنف اقتصادي، فما أكثر ما تعاني المرأة العزباء من سيطرة على دخلها وأموالها، بينما تعيش نسب كبيرة من النساء المطلقات حياة فقر وقلة موارد.
كشف البحث المشار إليه أعلاه عن ثلاثة أسباب لقبول النساء بالزواج من رجل متزوج: أولها الخلاص من السلطة الابوية والحاجة الى الحب. (لا تقتصر السلطة الابوية على سلطة الأب البيولوجي فقط وانما تتسع لتشمل ايضا سلطة الذكور من الاخوة، وأحيانا الأعمام او أبناءهم، وقد تعني أيضا سلطة القيم الرجولية في المجتمع)، واما السبب الثاني للقبول فهو حاجة المرأة للزواج بغض النظر عن صفات الرجل وميزاته، كما وصفت احدى النساء قائلة "ظل راجل ولا ظل حيطة" لكونه الخيار الوحيد في ظل وجودها دون عمل ودون تعليم، وحيث تتعامل معها العائلة كعبئ مادي واجتماعي. الزواج بهذه الحالة يكسبها مكانة وكذلك يضمن معيشتها، وبينما السبب الثالث يشير الى خيار المرأة المطلقة استبدال حياة العنف والقسوة من الزوج الاول الشاب برجل مسنًّ ومتزوج لكنه يكن لها احتراما، تمت الأشارة خلال تفصيل هذه الاسباب أيضا الى احتياجات النساء الى ممارسة الامومة وكذلك الى حياة جنسية، وهذه احتياجات لا يمكنك تلبيتها دون إطار زواج.
يشير استعراض الاسباب الى ان حالات الزواج هذه لم تكن خيارا طبيعيا لامرأة تبحث عن استقرار ورفاهية وعلاقة عاطفية وأسرية سليمة، وانما هي أحيانا محاولات لاسترجاع كرامة منتهكة؛ فعادة يتم النظر الى وجود الفتاة العزباء في البيت كثقل وعبئ، وتتطوع كل نساء العائلة بالبحث عن عريس لها، وكأن وجودها في بيت اهلها بعد جيل معين ليس بالامر الطبيعي. كما يتم النظر إلى الفتاة غير العاملة كعبئ، إما اذا كانت عاملة فلا يحق لها في كثير من الأحيان السيطرة على أموالها أو التصرف بها، فعليها واجب - معلن أحيانا ومفهوم ضمنا في أحيان أخرى - المساعدة في مصاريف العائلة، ولا سيما مصاريف الاخوة الذكور وابنائهم، بالأضافة الى مصاريفها الشخصية. ولو قررت السكن لوحدها والاستقلال، فاختيارها هذا مدعاة لحرج للأهل في افضل الحالات، وعليهم تبرير ذلك الاستقلال باحتياجات العمل او التعليم، وفي اسوأ الحالات ينظر لخيارها هذا على انه تهديد ل"شرف" العائلة التي لا يتم لها رعاية "شرفها" الا بتزويج تلك المراة او اعادتها للبيت.
هي ضحية أيضا لمفاهيم اجتماعية، تكرسها أحيانا النساء قبل الرجال، والتي تربط عملية الزواج بعمليات البيع والشراء. فللمرأة ثمن، وللرجل ثمن في هذا السوق، والمعياران الذان يثمَّن بهما كل من المرأة والرجل مختلفان. فالمراة تثمَّن بطولها ووزنها ولونها وعمرها، كما ويثمن الرجل بامتلاء جيوبه، ويثمن ايضا بالسنوات ولكن ليست سنة ولادته المهمة وانما سنة انتاج سيارته، فالعمر لا يقلل من ثمن االرجل بينما قد يرفع من ثمنه سنة انتاج سيارته. في سوق كهذا يتم النظر للمرأة وللرجل كسلع، ولكن ثمن السلعة المسماة رجل قابل للزيادة مع العمر والعمل والاجتهاد، واما ثمن المرأة فهو يبدأ من أعلى ثمن حين تكون الفتاة ابنة الثامنة عشرة عاما لينقص مع ارتفاع العمر، مما يجعل الزواج مشروعا تجاريا، ويصعب على الكثير من النساء إيجاد شريك مناسب. ومما يزيد من ظاهرة الزواج المبكر.
الكلام أعلاه لا يجعلني أرى النساء اللواتي يدخلن في اطار زواج تعددي غيرَ مسؤولاتٍ، فبرأيي هنالك دائما خيار أفضل بكثير من ظلم امرأة اخرى وأولاد آخرين. هنالك دائما خيار أفضل من الرضى ب"نصف حياة زوجية" او "زوج بالتناوب". ولكن في سياق كهذا تختلف مسؤولية المرأة المستضعفة عن مسؤولية الرجل صاحب القرار الحر وصاحب الأمكانيات، فمسؤوليته اضعاف مسؤوليتها.
برأيي مهم جدا تكثيف العمل النسوي على تمكين النساء ومساعدتهن في فتح الخيارات، رغم معرفتنا جميعا انه بالاضافة للثقافة الذكورية هنالك ايضا واقع اقتصادي تعيشه النساء، تتحمل مسؤوليته سياسات الافقار والعنف الاقتصادي التي تتبعها حكومات اسرائيل، والتي تدفع النساء بها اثمانا اعلى حيث تعلو نسبة الفقر عند النساء بكثير عن تلك الموجودة عند الرجال، مما يجعل "خيارات" النساء قاسية جدا.
رغم اهمية تناول كافة الاطراف المسؤولة عن ظاهرة تعدد الزوجات الا انني اختار ان اتوجه في هذا المقال الى الشريحة الأكثر مسؤولية: المجتمع، فهو الذي ينتج القيم وهو الذي يحدد الصحيح والمقبول والمستحب والمستنكر، وهو الذي يحضن هذه العلاقات، وهو الذي من شأنه أن يشجعها او أن يستنكرها. حين يجد الرجال الذين ينوون الزواج بامرأة ثانية أو ثالثة، أن سلوكهم مستهجن يتوقفون عن هذه الممارسات، ولكن عندما يجدون أن سلوكهم مقبول يستمرون. في حالات كثيرة تم الزواج بتشجيع من الاخرين، وبالاشارة اليه كموقف رجولي، وهذا ما قالته الكثير من النساء في البحث، "كانوا اصحابه يقولوا له يعني اذا انت زلمة تجوز ثانية... واذا انت مش قادر تتجوز معناته انت محكوم لمرتك".
لا يمكن القول أن كل افراد المجتمع تشجع هذا الزواج ، فهناك قلة قليلة تشجع وهناك قلة قليلة تستنكر ولكن الغالبية العظمى من افراد المجتمع صامتون، فهم يصمتون في حالات الظلم ويعتبرون هذا الزواج شأنا داخليا، علما بأن غالبية افراد المجتمع تختار متى تتدخل ومتى لا تتدخل، فعندما تنتهك حقوق النساء نرى المجتمع صامتا معتبرا كل سلوك ضد المراة شأنا داخليا، وأما عندما تمارس المرأة حقوقها الطبيعية بالعمل والسفر والسكن حيث تختار، يتم التعامل مع الموضوع كشأن عام، ويتم التداول بحياة وخصوصيات المرأة على الملأ، ناهيكم عن اختلاق القصص التي تتناسب ورغبة المتحدث والسامع، والتي تغذي حاجتيهما في نسج قصص جنسية لا مكان لها إلا في خيال كليهما.
نقوم مؤخرا في لجنة العمل للمساواة بقضايا الاحوال الشخصية في حملة تهدف الى تجنيد اصحاب المسؤولية في مجتمعنا للعمل على الحد من الظاهرة وانتشارها، تتوجه هذه الحملة بشكل خاص الى الشريحة الصامتة بمجتمعنا عن هذه الممارسة، آمل ان تلقى الحملة آذانا صاغية ومتحمسة من قبل المهنيين والنشطاء والقيادات للعب دور لوقف هذه المظاهر من الظلم. ولكن أوجه مقولتي بالاساس لافراد المجتمع من أخوان وجيران واصدقاء وأقرباء وجارات وخالات وعمات، بان يخرجوا عن صمتهم والا يساهموا في الظلم وان يدافعوا عن النساء حين تظلم وعن حقوقهن حين تنتهك.
يسألنا البعض عندما نقول موقفنا من تعدد الزوجات: لماذا توجهن اتهاماتكن ونقدكن للرجال فقط؟، فعندما يتزوج الرجل ثانية، انما يتزوج من امرأة أخرى وليس من رجل، فهي إذن- اي المرأة الثانية- اختارت الزواج برجل متزوج، لماذا اذن لا تحمِّلنها المسؤولية وتقتصر اتهاماتكن على الرجل؟
نعم حين يتزوج الرجل فهو يختار امراة، وهي توافق على طلب الزواج، واسأل هنا، دون ان اعفيَ الزوجة الثانية من مسؤوليتها عن الظلم الواقع في موضوع تعدد زوجات، هل هي حقا اختارت؟ تعني كلمة "اختيار" انتقاء الافضل من بين عدة امكانيات، فهل كانت لها أصلا امكانيات كثيرة أو قليلة لتختار؟ الجواب برأيي لا. اعتمد في اجابتي على الكثير من القصص التي نسمعها من النساء خلال عملنا معهن، ولكن ادعِّم انطباعي الاول بنتائج البحث النوعي الذي أجرته الباحثة رهام أبو العسل لصالح لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصية، تحت عنوان: "تعدد الزوجات: الخطاب والممارسة في المجتمع الفلسطيني".
أُجريت خلال البحث مقابلات مع مجموعة من الزوجات اللواتي "اخترن" الزواج من رجل متزوج، للاستماع إلى رواياتهن حول الاسباب التي عزت بهن الى القيام بهذا "الاختيار" وللتعرف أيضا على ظروف حياتهن في ظل زوجية كهذه. أجمعت النساء اللواتي أجرت معهن الباحثة مقابلات مطوَّلة، ان ذلك الزواج لم يكن اختيارا بالمفهوم الحقيقي لكلمة اختيار، لقد كان ملجأ احيانا وهروباً من واقع في أحيانٍ أخرى، كان إما تعويضاً عن ظلم أسرة وإما فِراراً من قساوة مجتمع. إن الكلمات لجوء وفرار وهروب غير ماخوذة من قاموس الحب والعاطفة والزواج، وانما من قاموس الحروبات والنكبات، فالناس تهرب وتلجأ عند المصائب. في مجتمعاتنا العربية تعيش نسب عالية من النساء العزباوات او المطلقات، ضمن واقع شبيه. هن لا يعشن بالضرورة عنفا على اجسادهن، وانما سيطرة عليها وعلى نفوسهن أيضا واحيانا انتهاكا لكراماتهن، وفي مرات كثيرة يعانين من عنف اقتصادي، فما أكثر ما تعاني المرأة العزباء من سيطرة على دخلها وأموالها، بينما تعيش نسب كبيرة من النساء المطلقات حياة فقر وقلة موارد.
كشف البحث المشار إليه أعلاه عن ثلاثة أسباب لقبول النساء بالزواج من رجل متزوج: أولها الخلاص من السلطة الابوية والحاجة الى الحب. (لا تقتصر السلطة الابوية على سلطة الأب البيولوجي فقط وانما تتسع لتشمل ايضا سلطة الذكور من الاخوة، وأحيانا الأعمام او أبناءهم، وقد تعني أيضا سلطة القيم الرجولية في المجتمع)، واما السبب الثاني للقبول فهو حاجة المرأة للزواج بغض النظر عن صفات الرجل وميزاته، كما وصفت احدى النساء قائلة "ظل راجل ولا ظل حيطة" لكونه الخيار الوحيد في ظل وجودها دون عمل ودون تعليم، وحيث تتعامل معها العائلة كعبئ مادي واجتماعي. الزواج بهذه الحالة يكسبها مكانة وكذلك يضمن معيشتها، وبينما السبب الثالث يشير الى خيار المرأة المطلقة استبدال حياة العنف والقسوة من الزوج الاول الشاب برجل مسنًّ ومتزوج لكنه يكن لها احتراما، تمت الأشارة خلال تفصيل هذه الاسباب أيضا الى احتياجات النساء الى ممارسة الامومة وكذلك الى حياة جنسية، وهذه احتياجات لا يمكنك تلبيتها دون إطار زواج.
يشير استعراض الاسباب الى ان حالات الزواج هذه لم تكن خيارا طبيعيا لامرأة تبحث عن استقرار ورفاهية وعلاقة عاطفية وأسرية سليمة، وانما هي أحيانا محاولات لاسترجاع كرامة منتهكة؛ فعادة يتم النظر الى وجود الفتاة العزباء في البيت كثقل وعبئ، وتتطوع كل نساء العائلة بالبحث عن عريس لها، وكأن وجودها في بيت اهلها بعد جيل معين ليس بالامر الطبيعي. كما يتم النظر إلى الفتاة غير العاملة كعبئ، إما اذا كانت عاملة فلا يحق لها في كثير من الأحيان السيطرة على أموالها أو التصرف بها، فعليها واجب - معلن أحيانا ومفهوم ضمنا في أحيان أخرى - المساعدة في مصاريف العائلة، ولا سيما مصاريف الاخوة الذكور وابنائهم، بالأضافة الى مصاريفها الشخصية. ولو قررت السكن لوحدها والاستقلال، فاختيارها هذا مدعاة لحرج للأهل في افضل الحالات، وعليهم تبرير ذلك الاستقلال باحتياجات العمل او التعليم، وفي اسوأ الحالات ينظر لخيارها هذا على انه تهديد ل"شرف" العائلة التي لا يتم لها رعاية "شرفها" الا بتزويج تلك المراة او اعادتها للبيت.
هي ضحية أيضا لمفاهيم اجتماعية، تكرسها أحيانا النساء قبل الرجال، والتي تربط عملية الزواج بعمليات البيع والشراء. فللمرأة ثمن، وللرجل ثمن في هذا السوق، والمعياران الذان يثمَّن بهما كل من المرأة والرجل مختلفان. فالمراة تثمَّن بطولها ووزنها ولونها وعمرها، كما ويثمن الرجل بامتلاء جيوبه، ويثمن ايضا بالسنوات ولكن ليست سنة ولادته المهمة وانما سنة انتاج سيارته، فالعمر لا يقلل من ثمن االرجل بينما قد يرفع من ثمنه سنة انتاج سيارته. في سوق كهذا يتم النظر للمرأة وللرجل كسلع، ولكن ثمن السلعة المسماة رجل قابل للزيادة مع العمر والعمل والاجتهاد، واما ثمن المرأة فهو يبدأ من أعلى ثمن حين تكون الفتاة ابنة الثامنة عشرة عاما لينقص مع ارتفاع العمر، مما يجعل الزواج مشروعا تجاريا، ويصعب على الكثير من النساء إيجاد شريك مناسب. ومما يزيد من ظاهرة الزواج المبكر.
الكلام أعلاه لا يجعلني أرى النساء اللواتي يدخلن في اطار زواج تعددي غيرَ مسؤولاتٍ، فبرأيي هنالك دائما خيار أفضل بكثير من ظلم امرأة اخرى وأولاد آخرين. هنالك دائما خيار أفضل من الرضى ب"نصف حياة زوجية" او "زوج بالتناوب". ولكن في سياق كهذا تختلف مسؤولية المرأة المستضعفة عن مسؤولية الرجل صاحب القرار الحر وصاحب الأمكانيات، فمسؤوليته اضعاف مسؤوليتها.
برأيي مهم جدا تكثيف العمل النسوي على تمكين النساء ومساعدتهن في فتح الخيارات، رغم معرفتنا جميعا انه بالاضافة للثقافة الذكورية هنالك ايضا واقع اقتصادي تعيشه النساء، تتحمل مسؤوليته سياسات الافقار والعنف الاقتصادي التي تتبعها حكومات اسرائيل، والتي تدفع النساء بها اثمانا اعلى حيث تعلو نسبة الفقر عند النساء بكثير عن تلك الموجودة عند الرجال، مما يجعل "خيارات" النساء قاسية جدا.
رغم اهمية تناول كافة الاطراف المسؤولة عن ظاهرة تعدد الزوجات الا انني اختار ان اتوجه في هذا المقال الى الشريحة الأكثر مسؤولية: المجتمع، فهو الذي ينتج القيم وهو الذي يحدد الصحيح والمقبول والمستحب والمستنكر، وهو الذي يحضن هذه العلاقات، وهو الذي من شأنه أن يشجعها او أن يستنكرها. حين يجد الرجال الذين ينوون الزواج بامرأة ثانية أو ثالثة، أن سلوكهم مستهجن يتوقفون عن هذه الممارسات، ولكن عندما يجدون أن سلوكهم مقبول يستمرون. في حالات كثيرة تم الزواج بتشجيع من الاخرين، وبالاشارة اليه كموقف رجولي، وهذا ما قالته الكثير من النساء في البحث، "كانوا اصحابه يقولوا له يعني اذا انت زلمة تجوز ثانية... واذا انت مش قادر تتجوز معناته انت محكوم لمرتك".
لا يمكن القول أن كل افراد المجتمع تشجع هذا الزواج ، فهناك قلة قليلة تشجع وهناك قلة قليلة تستنكر ولكن الغالبية العظمى من افراد المجتمع صامتون، فهم يصمتون في حالات الظلم ويعتبرون هذا الزواج شأنا داخليا، علما بأن غالبية افراد المجتمع تختار متى تتدخل ومتى لا تتدخل، فعندما تنتهك حقوق النساء نرى المجتمع صامتا معتبرا كل سلوك ضد المراة شأنا داخليا، وأما عندما تمارس المرأة حقوقها الطبيعية بالعمل والسفر والسكن حيث تختار، يتم التعامل مع الموضوع كشأن عام، ويتم التداول بحياة وخصوصيات المرأة على الملأ، ناهيكم عن اختلاق القصص التي تتناسب ورغبة المتحدث والسامع، والتي تغذي حاجتيهما في نسج قصص جنسية لا مكان لها إلا في خيال كليهما.
نقوم مؤخرا في لجنة العمل للمساواة بقضايا الاحوال الشخصية في حملة تهدف الى تجنيد اصحاب المسؤولية في مجتمعنا للعمل على الحد من الظاهرة وانتشارها، تتوجه هذه الحملة بشكل خاص الى الشريحة الصامتة بمجتمعنا عن هذه الممارسة، آمل ان تلقى الحملة آذانا صاغية ومتحمسة من قبل المهنيين والنشطاء والقيادات للعب دور لوقف هذه المظاهر من الظلم. ولكن أوجه مقولتي بالاساس لافراد المجتمع من أخوان وجيران واصدقاء وأقرباء وجارات وخالات وعمات، بان يخرجوا عن صمتهم والا يساهموا في الظلم وان يدافعوا عن النساء حين تظلم وعن حقوقهن حين تنتهك.
مركزة مشروع الاعلام- جمعية السوار، عضو لجنة العمل للمساواة بقضايا الأحوال الشخصية
يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!