تابع راديو الشمس

تعدد الزوجات: ظاهرة اجتماعية تتعدى مفاهيم الحلال والحرام

تعدد الزوجات: ظاهرة اجتماعية تتعدى مفاهيم الحلال والحرام
يفرز واقع مجتمعنا ضرورة الحديث عن ظاهرة "تعدد الزوجات". واقعنا هو ما يفرز هذا النقاش، وليس أي "أجندة غربية" (كما يناقش البعض). التفكك الأسري هو ما يفرز هذا النقاش، نساء مهانات يشعرن أنهن لا شيء لا داخل أسرهن ولا خارجها هو ما يفرز هذا النقاش. انعدام التواصل والإحترام بين المرأة وزوجها، هو ما يفرز النقاش. وفقر مدقع تزيده هذه الظاهرة عمقا، هو ما يفرز هذا النقاش. واقع من النساء المستضعفات، اللواتي أقصين عن الحيز العام، يجدن أنفسهم فجأة خارج حيزهن الخاص أيضا. في هذا الواقع يزيد العنف ضد النساء والعنف الأسري بشكل عام، وتزيد حالات تشريد الأطفال. باختصار هذه الظاهرة تنتج كوارث اجتماعية. ومن لا يريد أن يواجه واقع مجتمعه، ولا النقاشات التي يفرزها هذا الواقع، هو من لا يعيش في مجتمعه، وهو من يتعامل باغتراب مع هموم ومآسي هذا المجتمع. سمات الواقع المتشعبة والمأساوية هذه لا تناقش فقط بمفاهيم الحلال والحرام، واقع من استفحال الفقر وازدياد التفكك والمهانة، لا تحسم ولا تعالج فقط بمفاهيم الحلال والحرام. ونحن لا نستطيع أن نحشر واقع ظاهرة لها أبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية، ونقصر نقاشها في مستواها الفقهي أو الديني، حيث النقاش ببساطة ليس هناك. لكن حتى في هذا المستوى، التوجه الفقهي هو باتجاه حصر هذا الحلال واعتباره استثنائيا، وليس باتجاه توسيع ممارساته. بالإضافة لإشتراط تعدد الزوجات في القرآن الكريم، اشتراط دفع البعض للذهاب باستحالة تحقيق هذه الشروط، عدد الفقهاء أسبابا لتعدد الزوجات، مما يعني أن تعدد الزوجات هو الإستثناء في الحلال وليس القاعدة. في نقبنا الحبيب والمناضل، نسبة انتشار هذه الظاهرة تصل إلى 25% (حسب إحصائيات بعض الدراسات)، وبالتالي فهي ليست إستثناء. وحيث هي ظاهرة منتشرة، نراها تتمتع أيضا بشرعيه إجتماعية غير مشروطة، وتكاد تكون قاعدة اجتماعية طبيعية. وعادة ما تتزايد هذه الظاهرة في البيئات الأكثر فقرا وتهميشا للمرأة، وحيث تنخفض نسبة التعليم والعمل للمرأة والرجل معا. نحن نتحدث عن تعدد زوجات في واقع حيث أغلب الأسر فيه لا يبلغ معدل دخل معيلها الوحيد –الرجل- أكثر من 5000 ش.ج. نحن نتحدث عن واقع أغلب النساء فيه غير متعلمات ولا يعملن خارج البيت، وبالتالي لا يستطعن أن يملكن قرار مصيرهن حتى فيما يتعلق بحيزهن الخاص. نحن نتحدث عن واقع نساء مستضعفات، تم فيه إقصاؤهن بشكل شبه تام عن الحيز العام، حيث بات حيزهن الخاص وسيلة " تعويض". نحن نتحدث، عن واقع نساء تهان في بيتها، معقل أمانها. وإهانة المرأة التي اتخذ زوجها إمرأة أخرى، هي ليست إهانة ناتجة عن سلوك ما، عيني، له بدايته وله نهايته. بل هي عبارة عن حياة تعاش تحت سقف هذه المهانة بشكل متواصل، يومي، يخترق تفاصيلها ويسيطر على كل زاوية فيها معتمة أو علنية. المرأة ليست زوجة وليست إمرأة كاملة مع وجود من يشاركها من النساء. وهذا لا شأن له لا بالحلال ولا بالحرام، هذه مشاعر إنسانية طبيعية، قد تقتل من يحملها معه ليل نهار. ويكفي هذا المستوى النفسي للمرأة، لكي ندرك الأبعاد الفظيعة لهذه الظاهرة. لكن الأمر لا يتوقف هنا، هنالك الأم المهانة التي تحمل إهانتها ومكانتها لأجيال تربيها، وهو باب لمهانات أخرى. وهنالك ما ينتج عنها من ظواهر مثل ازدياد الفقر، وازدياد التفكك الأسري وما ينتج عنه من تشريد للأطفال، وإنعدام حياة أسرية طبيعية. ولا أكثر محلية من مواجهة واقع مجتمعنا، والاحتياجات التي يفرزها هذا الواقع. وأبعاد ظاهرة تعدد الزوجات هي جزء من إفرازات هذا الواقع، لكن محاربتها هي "استيراد غربي" ( حسب نقاش البعض) لكل من يعتبر مجتمعه وحضارته حضارة ظلم وإهانة للمرأة. الحرية والكرامة واحترام المرأة ليست مفاهيما غربية، واعتبارها كذلك هي إهانة للذات الحضارية والتاريخية لنا ولكل ما هو غير غربي، وليس للغرب. كما أن مواجهة هذه الظاهرة هي "استيراد غربي" لكل من يعتبر أن التماسك الأسري الناتج عن الدفء والود والتفاهم والاحترام والشراكة الكاملة بين المرأة والرجل هو مطلب لا نستحقه أو لا يلزمنا. السكوت على أي من مظاهر المهانة والعنف والفقر والتفكك فهو أمر خطير، لكن الأخطر هو تحويل إختلافانا الفكرية والقيمية إلى مبرر لتوجيه التهديدات للآخرين. فالجمعيات النسوية والناشطات فيها، هي جزء من مؤسساتنا، نحن الذين نتحدث ليل نهار عن بناء المؤسسات. والتطاول على النشيطات النسويات هو كالتطاول على "المعلمين" أو "رجال الدين" أو غيرهم، فكرامة أي فئة من شعبنا هي من كرامة شعبنا، وكرامة نشيطاتنا النسويات وغير النسويات هي من كرامة هذه الشعب وهيبته. ونحن لا نستطيع أن نسعى لبناء مجتمع عادل متطور ومتماسك، دون مواجهة كافة آفاتنا الاجتماعية. طبعا، هنالك من يستطيع أن يجد ألف سبب لعدم مواجه الطائفية أو العنف المجتمعي أو الفساد أو العنصرية أو العنف ضد المرأة أو تعدد الزوجات أو حق الميراث للمرأة، لكن من اختار السكوت على هذه أو أحدها، فليقف جانبا ويصمت. أما اختلافاتنا الفكرية والاجتماعية فعليها أن تغني وتطور طرق المواجهة هذه، وليس أن تحدها. يفرز واقع مجتمعنا ضرورة الحديث عن ظاهرة "تعدد الزوجات". واقعنا هو ما يفرز هذا النقاش، وليس أي "أجندة غربية" (كما يناقش البعض). التفكك الأسري هو ما يفرز هذا النقاش، نساء مهانات يشعرن أنهن لا شيء لا داخل أسرهن ولا خارجها هو ما يفرز هذا النقاش. انعدام التواصل والإحترام بين المرأة وزوجها، هو ما يفرز النقاش. وفقر مدقع تزيده هذه الظاهرة عمقا، هو ما يفرز هذا النقاش.

واقع من النساء المستضعفات، اللواتي أقصين عن الحيز العام، يجدن أنفسهم فجأة خارج حيزهن الخاص أيضا. في هذا الواقع يزيد العنف ضد النساء والعنف الأسري بشكل عام، وتزيد حالات تشريد الأطفال. باختصار هذه الظاهرة تنتج كوارث اجتماعية. ومن لا يريد أن يواجه واقع مجتمعه، ولا النقاشات التي يفرزها هذا الواقع، هو من لا يعيش في مجتمعه، وهو من يتعامل باغتراب مع هموم ومآسي هذا المجتمع.

سمات الواقع المتشعبة والمأساوية هذه لا تناقش فقط بمفاهيم الحلال والحرام، واقع من استفحال الفقر وازدياد التفكك والمهانة، لا تحسم ولا تعالج فقط بمفاهيم الحلال والحرام. ونحن لا نستطيع أن نحشر واقع ظاهرة لها أبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية، ونقصر نقاشها في مستواها الفقهي أو الديني، حيث النقاش ببساطة ليس هناك.

لكن حتى في هذا المستوى، التوجه الفقهي هو باتجاه حصر هذا الحلال واعتباره استثنائيا، وليس باتجاه توسيع ممارساته. بالإضافة لإشتراط تعدد الزوجات في القرآن الكريم، اشتراط دفع البعض للذهاب باستحالة تحقيق هذه الشروط، عدد الفقهاء أسبابا لتعدد الزوجات، مما يعني أن تعدد الزوجات هو الإستثناء في الحلال وليس القاعدة.

في نقبنا الحبيب والمناضل، نسبة انتشار هذه الظاهرة تصل إلى 25% (حسب إحصائيات بعض الدراسات)، وبالتالي فهي ليست إستثناء. وحيث هي ظاهرة منتشرة، نراها تتمتع أيضا بشرعيه إجتماعية غير مشروطة، وتكاد تكون قاعدة اجتماعية طبيعية. وعادة ما تتزايد هذه الظاهرة في البيئات الأكثر فقرا وتهميشا للمرأة، وحيث تنخفض نسبة التعليم والعمل للمرأة والرجل معا.

نحن نتحدث عن تعدد زوجات في واقع حيث أغلب الأسر فيه لا يبلغ معدل دخل معيلها الوحيد -الرجل- أكثر من 5000 ش.ج. نحن نتحدث عن واقع أغلب النساء فيه غير متعلمات ولا يعملن خارج البيت، وبالتالي لا يستطعن أن يملكن قرار مصيرهن حتى فيما يتعلق بحيزهن الخاص.

نحن نتحدث عن واقع نساء مستضعفات، تم فيه إقصاؤهن بشكل شبه تام عن الحيز العام، حيث بات حيزهن الخاص وسيلة " تعويض". نحن نتحدث، عن واقع نساء تهان في بيتها، معقل أمانها. وإهانة المرأة التي اتخذ زوجها إمرأة أخرى، هي ليست إهانة ناتجة عن سلوك ما، عيني، له بدايته وله نهايته. بل هي عبارة عن حياة تعاش تحت سقف هذه المهانة بشكل متواصل، يومي، يخترق تفاصيلها ويسيطر على كل زاوية فيها معتمة أو علنية. المرأة ليست زوجة وليست إمرأة كاملة مع وجود من يشاركها من النساء. وهذا لا شأن له لا بالحلال ولا بالحرام، هذه مشاعر إنسانية طبيعية، قد تقتل من يحملها معه ليل نهار.
ويكفي هذا المستوى النفسي للمرأة، لكي ندرك الأبعاد الفظيعة لهذه الظاهرة. لكن الأمر لا يتوقف هنا، هنالك الأم المهانة التي تحمل إهانتها ومكانتها لأجيال تربيها، وهو باب لمهانات أخرى. وهنالك ما ينتج عنها من ظواهر مثل ازدياد الفقر، وازدياد التفكك الأسري وما ينتج عنه من تشريد للأطفال، وإنعدام حياة أسرية طبيعية.

ولا أكثر محلية من مواجهة واقع مجتمعنا، والاحتياجات التي يفرزها هذا الواقع. وأبعاد ظاهرة تعدد الزوجات هي جزء من إفرازات هذا الواقع، لكن محاربتها هي "استيراد غربي" ( حسب نقاش البعض) لكل من يعتبر مجتمعه وحضارته حضارة ظلم وإهانة للمرأة. الحرية والكرامة واحترام المرأة ليست مفاهيما غربية، واعتبارها كذلك هي إهانة للذات الحضارية والتاريخية لنا ولكل ما هو غير غربي، وليس للغرب. كما أن مواجهة هذه الظاهرة هي "استيراد غربي" لكل من يعتبر أن التماسك الأسري الناتج عن الدفء والود والتفاهم والاحترام والشراكة الكاملة بين المرأة والرجل هو مطلب لا نستحقه أو لا يلزمنا.

السكوت على أي من مظاهر المهانة والعنف والفقر والتفكك فهو أمر خطير، لكن الأخطر هو تحويل إختلافانا الفكرية والقيمية إلى مبرر لتوجيه التهديدات للآخرين. فالجمعيات النسوية والناشطات فيها، هي جزء من مؤسساتنا، نحن الذين نتحدث ليل نهار عن بناء المؤسسات. والتطاول على النشيطات النسويات هو كالتطاول على "المعلمين" أو "رجال الدين" أو غيرهم، فكرامة أي فئة من شعبنا هي من كرامة شعبنا، وكرامة نشيطاتنا النسويات وغير النسويات هي من كرامة هذه الشعب وهيبته.

ونحن لا نستطيع أن نسعى لبناء مجتمع عادل متطور ومتماسك، دون مواجهة كافة آفاتنا الاجتماعية. طبعا، هنالك من يستطيع أن يجد ألف سبب لعدم مواجه الطائفية أو العنف المجتمعي أو الفساد أو العنصرية أو العنف ضد المرأة أو تعدد الزوجات أو حق الميراث للمرأة، لكن من اختار السكوت على هذه أو أحدها، فليقف جانبا ويصمت. أما اختلافاتنا الفكرية والاجتماعية فعليها أن تغني وتطور طرق المواجهة هذه، وليس أن تحدها.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول