اسماء الله الحسنى نستعرضها في هذا المقال بكل ما يحويه هذا الموضوع من تفاصيل، حيث نمر إلى بيان معاني هذه الأسماء والتعريف بها، ثم ندلف إلى السنة المطهرة لنستقصي مصدر هذه الأسماء ونوضح بعض آراء العلماء حول عددها، كما لم ننس أن نعرج قليلًا على فضل هذه الأسماء وبيان منزلتها.
اسماء الله الحسنى نعرفها جميعًا بكل تأكيد، لكن يخطر على بال كثيرين منا أفكارًا وأراءً حول معانيها بل عددها وذاتها، كما نعلم يبلغ عدد هذه الأسماء تسعة وتسعون اسمًا، سمى الله بها تعالى نفسه لتنخلع معانيها على عباده وعلى الكون بكامل تفاصيله، وقد ارتأينا من خلال هذا المقال أن نتتبع معكم معاني هذه الأسماء والتأصيل الشرعي لها من الكتاب والسنة، كما عرجنا قليلا على بعض الآراء لأفاضل علماء المسلمين ومفسريهم، نستطلع بها ما جهلناه حول اسماء الله الحسنى، لذا فكونوا معنا إلى نهاية المقال وحتمًا ستتحصلون على إفادة تامة تروي ظمأكم حيال ماخفي عنكم من أشياء ومعاني مرتبطة بهذه الأسماء.
جاءت السنة النبوية المطهرة على ذكر اسماء الله الحسني في حديث مشهور، حيث ورد في الصنة الصحيحة مروية عن الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال " لله تسعة وتسعون اسمًا، مَن أحصاها دخَلَ الجنة، وإنَّ الله وِتْرٌ يحبُّ الوِتْرَ"، هكذا جاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسماء الله الحسنى، وقد أشار عدد غير قليل من علماء الحديث والشرع أن العدد هنا غير مقصود في ذاته، فـ اسماء الله الحسنى غير محددة العدد، وإنما في هذا الحديث الشريف، يشير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى تسعة وتعين اسمًا بعينهم، فهذا على كل حال لا ينفي أن لله أكثر عددًا من هذا بكثير، حيث قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري":
"قوله "اسمًا" قيل: معناه تسمية، وحينئذٍ لا مفهومَ لهذا العدد، بل له أسماء كثيرة غير هذه" ، كما أشار عدد غير قليل من العلماء كذلك إلى مقصود النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف عن اسماء الله الحسنى من قوله "أحصاها" فقال البعض أنها بمعنى حفظها، وقال البعض الآخر أن الإحصاء غير الحفظ، فالحفظ جزء من الإحصاء، بينما شمول المعنى يتعدى الحفظ إلى أشياء أخرى من قبيل العمل بهذه المعنى وتتبعها، فالحفظ مثلًا قد يقع لغير المسلم، وبالتالي لا فائدة له من ذلك إن لم يدخل الإسلام، ودخوله الإسلام أغلب الظن ينضوي على أنه سيعمل وفقًا لنلك المعاني أو بعضها على الأقل.
قال الخطَّابي وغيره: "وفيه دليلٌ على أنَّ أشهرَ أسمائه - سبحانه وتعالى - "الله"؛ لإضافة هذه الأسماء إليه، وقد رُوِي أنَّ الله هو اسمه الأعظم، قال أبو القاسم الطبري: وإليه يُنسَب كلُّ اسمٍ له، فيُقال: الرؤوف والكريم من أسماء الله - تعالى - ولا يُقال من أسماء الرؤوف أو الكريم الله، واتَّفق العلماء على أنَّ هذا الحديث ليس فيه حَصْرٌ لأسمائه - سبحانه وتعالى - فليس معناه أنَّه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنَّما مقصود الحديث أنَّ هذه التسعة والتسعين مَن أحصاها دخَلَ الجنَّة، فالمراد الإخبارُ عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحَصْر الأسماء؛ ولهذا جاء في الحديث الآخر: (أسألُك بكلِّ اسمٍ سَمَّيتَ به نفسك، أو استأثرتَ به في عِلم الغيب عندك)، وقد ذَكَر الحافظ أبو بكر بن العربي المالكي عن بعضهم أنَّه قال: لله - تعالى - ألفُ اسمٍ، قال ابن العربي: وهذا قليل فيها، والله أعلم"
و اسماء الله الحسنى المعلومة لنا كما أسلفنا هي تسعة وتسعون اسمًا، من الجيد أن نستعرضها معكم بالتفصيل والترتيب المأثور عنها، ثم بعد ذلك نعمد إلى بيان معاني بعض منها، و اسماء الله الحسنى هي كالتالي:-
الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيد الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدىء المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الاخر الظاهر الباطن الوالي المتعال البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الوارث الرشيد الصبور.
وبعد أن أودنا الترتيب المأثور لـ اسماء الله الحسني والمتواتر من السنة النبوية، جاء الوقت الآن لنوضح بعض معاني هذه الأسماء:-
• الرحمن: أي صاحب الرحمة التي شملت كل شيء في هذا الكون وفي هذه الحياة وهذه الصفة تخصّ الله وحده سبحانه وتعالى.
• الرحيم: أي الخالق الذي ينعم على مخلوقاته، ويرحمهم برحمته.
• الملك: أي صاحب الملك في الحياة الدنيا والآخرة، كل الأشياء عائدة إليه من بشر وشجر أو حتى قدر.
• السلام: أي الله الذي يصدر عنه كل السلام الموجود في هذا العالم، ويجب أن يسلّم جميع الناس وقدرته وذاته الي ليس كمثلها شيء.
• المهيمن: أي المسيطر والباسط سلطانه على شتى الأرجاء، ويعلم جميع ما يجري في هذا الكون
• الجبار: أي مالك القوة والقدرة التي لا تعلو على شأنه أحد، ويعطي القوة لخلقه متّى يشاء.
• المتكبر: ليس كمثله شيء في العظمة أو النظير لذا فهو متكبر على كل شيء في هذا الكون لما له من تفرد.
• الخالق: هو خالق كلّ شيء في الكون، الفاطر السموات والأرض، بيده تسيير الأمور
• المصور:أي الخالق المصور الإنسان والكون وجميع المخلوقات في هيئاتهم.
• الغفار: أي الذي يصفح ويمرر أخطاء عباده دون حساب متى شاء ذلك سبحانه.
• الوهاب: أي الذي يهب عبادهم ما يريده له من خيرات ورزق.
• الرزاق: هو الذي يرزق جميع مخلوقاته بما تقيم به آدها وتستمر به حياتها.
• الفتاح: هو الذي ييسر ويفتح أبواب رحمته.
نتمنى أن نكون وفقنا في استعراض هذا الموضوع الخاص بـ اسماء الله الحسنى .