تجمع الهند بين تناقضات عجيبة، ألهبت خيال الباحثين عن الكنوز والروحانيات وفنون السحر وأعطت العالم فلاسفة وعلماء كبار ورجال أعمال ومدراء شركات من الطراز الأول، فزيارة واحدة الى هذا البلد ستدهشك وتغير وجهة نظرك عن العالم وتجعلك أكثر تواضعا وحلما..
فلا تستغربوا كثيرا، فهذه الأرض هي أرض التناقضات القصوى، حيث يندر تساقط الأمطار، وتتراوح حرارة الطقس، بين الشديدة الارتفاع أو الانخفاض. فاذا زرت منطقة "لداخ" الهندية، الممتدة ما بين أعلى سلسلتين جبليتين في العالم، الهيمالايا وجبال كونلون، كما ستكتسف أنه يندر تساقط الأمطار في تلك المنطقة، لأن مصدر ريها الوحيد هو مياه الثلوج الذائبة من الجبال الجليدية. لكن، قد لا يجد المزارعون مصدرا آخر للري، بسبب التغير المناخي، الذي يؤدي إلى تقلص حجم الجبال الجليدية.
لهذا وجد المهندس الميكانيكي "سونام وانغتشوك" حلا لهذه المشكلة في العام 2014، عن طريق التعويض عن النقص في المياه عبر جمع مياه الثلوج الذائبة والجليد في أشهر الشتاء، والتي غالبا ما يتم هدرها، والاحتفاظ بها حتى فصل الربيع، عندما يحتاج المزارعون لها..
وتأتي إليه المياه المخزنة عن طريق الأنابيب، التي تتفجر كنافورة فيه. وما أن تنطلق المياه في الهواء، حتى تتجمد بفعل الحرارة المنخفضة. ومع مرور الوقت، يتكون جبل من الجليد حول هيكل المجسم، ويبلغ ارتفاع المجسم ستة أمتار تقريباً، ويجمع 150 لتراً من المياه في فصل الشتاء حتى منتصف شهر مايو/ أيار، حين تبدأ حاجة المزارعين لمياه الري.
ويطمح "وانغتشوك" إلى جمع 125 ألف دولار لبناء مجسم كامل لجبل جليدي بارتفاع 24 مترا تقريبا، ما يكفي لري مائة ألف متر مربع. ويقول وانغتشوك: "أعلم أنه مبلغ كبير حتى تقبل أي حكومة بأن تقدمه لدعمنا، لكنني أعرف أن الناس حول العالم سيساعدونا."
ونجح "وانغتشوك" في جمع المبلغ عن طريق موقع التمويل الجماعي العالمي "Indiegogo،" كما فاز بجائزة "Rolex Award for Enterprise" في العام 2016، والتي بلغت قيمتها 105 ألف دولار.
ولم تتوقف طموحات "وانغتشوك" هنا، إذ يسعى إلى تحويل الجبال الجليدية الاصطناعية إلى وجهات سياحية، عن طريق بناء حانات ثلجية وفنادق جليدية داخلها، كما يسعى إلى تخصيص ريع تلك المرافق السياحية لدعم المزارعين.