تساهم النزاعات الجارية في اليمن وسوريا وليبيا والعراق وفلسطين في تعريض أجيال من الأطفال والمراهقين في العالم العربي لخطر الإصابة بمشاكل نفسية شديدة وأن يصبحوا في وقت لاحق من حياتهم أفرادا بالغين يتسمون بالعنف..
في ظل هذا الواقع النفسي، يبدو أن تجاوز آثار الصدمات النفسية لم يعد مرتبطا فقط بتلقي حصص علاج على يد طبيب نفسي، فقد نجح باحثون ألمان باستعمال تكنولوجيا متقدمة في تطوير تطبيق فريد يُقدم يد العون للاجئين السوريين في ألمانيا. فكيف يعمل هذا التطبيق؟
أصوات الانفجارات وازيز الرصاص، دمار المنازل وتقطع سبل الحياة، فقدان الأهل والأصدقاء ورحلة فرار طويلة نحو أوربا ممزوجة بالألم والانتظار. ربما هذه بعض من الأحداث التي عايشها بعض اللاجئين السوريين في ألمانيا، والتي تركت آثاراً نفسية عليهم وتتطلب عناية خاصة. وفي هذا الصدد نجح باحثون ألمان في تطوير تطبيق ذكي لمساعدة اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا على التعامل مع الصدمات النفسية والتجارب المؤلمة للحرب، التي عايشوها في سوريا منذ ست سنوات حسب ما أشار إليه موقع جامعة "ليبزيغ" الألمانية.
يعمل التطبيق باللغة العربية ويعتمد على نظام مساعدة ذاتي، كما يتيح إمكانية معالجة الصدمات النفسية لدى المهاجرين السوريين عبر إرشادهم على مدار اليوم وحيثما وجدو. وأعلنت الجامعة أن التطبيق التفاعلي الذي يعتمد على العلاج السلوكي، مبني على طرق علاجية مختلفة، حيث تتمحور محتويات التطبيق الأساسية حول التغلب على المشاكل النفسية وأيضا كيفية التعامل مع مسببات الصدمات النفسية.
وفي هذا الصدد تقول مديرة "لايبزيغ أنيت كيرستينغ"، قسم الطب والعلاج النفسي في المستشفى الجامعي: "يستند هذا التطبيق على حقائق علمية حديثة في مجال معالجة الصدمات النفسية"، وتشير في نفس السياق إلى أن هذه الطرق العلاجية "مصممة خصيصا لتلبية احتياجات المهاجرين السوريين"..
وأشارت الجامعة إلى أن التطبيق يقدم توصيات حول كيفية عمل نظام الرعاية الصحية في ألمانيا والتصرف في حال وقوع الأزمات، وتقول المشرفة على الدراسة "شتيفي ريدل-هيلر" من معهد الطب الاجتماعي، الطب المهني والصحة العامة في جامعة ليبزيغ: "من المهم بالنسبة لنا أن يُقدم التطبيق معلومات وتوصيات بشأن المساعدة المهنية في نظام الرعاية الصحية في ألمانيا مثل أرقام الطوارئ والمراكز التي يمكن اللجوء إليها في حال وقوع أزمات".
وتلفت الدراسة إلى أن السوريين يمثلون المجموعة الأكبر من بين اللاجئين في ألمانيا، يوجد بينهم نساء وأطفال عايشوا تجارب الحرب القاسية أو فقدوا عائلاتهم وأصدقائهم، أو تعرضوا للعنف والتعذيب، فضلا عن رحلة الهروب المحفوفة بالمعاناة وتجارب قاسية. وفي هذا السياق يقول الدكتور "توبياس لاكفوم": "التجارب الصادمة ترفع من خطر الإصابة بأمراض نفسية، بالإضافة إلى أن اللاجئ في ألمانيا مضطر لتدبير شؤونه اليومية بنفسه في ثقافة غريبة عنه"، جدير بالذكر أن التطبيق الذي من المتوقع طرحه للاستخدام عام 2020 سيكلف تطويره نحو 925 ألف يورو..