“كولما” مدينة هادئة في كاليفورنيا مساحتها تبلغ حوالي ميلين مربع ويعيش فيها 1700 مواطن وأكثر من مليون ونصف ميت. معظم السكان الذين يعيشون في هذه المدينة الصامتة هم الذين عاش فيها أجدادهم وماتوا فيها لكن أغلب الأحياء الآن لا يستطيعون قضاء بقية حياتهم فيها.
في عام 1900 كانت مدينة سان فرانسيسكو مدينة مزدحمة بالقتلى وذلك خلال اكتشاف الذهب فيها حيث سميت تلك الفترة باندفاع الذهب حيث توافد إليا عمال المناجم والتجار والمهاجرين من جميع أنحاء العالم هنا بحثا عن حياة أفضل، حاملين معهم أمتعتهم دون إغفال أمراضهم المتنقلة والمعدية فارتفعت حالات الموت بشكل كبير جدا حيث أنه في ظرف وقت وجيز تم تأسيس 27 مقبرة خاصة بالعمال ما اعْتُبِر أنها تشكل خطرا على الصحة والأهم من كل ذلك أن هذه المقابر تلتهم نسبة كبيرة جدا من مساحة العقارات.
وفي عام 1902 حظر مجلس المدينة ومجلس المقاطعة المشرفين على مزيد من الدفن في المدينة وأجبرت المقابر الكبرى مثل “لوريل هيل” و”مقبرة الجمجمة” لنقل أمواتها خارج المدينة وكافحت باقي المقابر في الحفاظ على أمواتها في راحة لبضع عقود إلى غاية 1942 حتى تم إغلاقها وظل المحافظة على مقبرتين فقط وهي المقبرة الوطنية في سان فرانسيسكو ومقبرة البعثة “دولوريس” حيث لا زالتا إلى اليوم لكن لا تستقبلان مراسم دفن جديدة.
تم نقل أكثر من 150 ألف جثة من سان فرانسيسكو الى بلدة صغيرة وهي “كولما” حيث تم تأسيسها عام 1892، وذلك لما قرر رئيس الأساقفة “باتريك ريوردان” لإنشاء مقبرة جديدة في وادي على بعد خمسة أميال جنوبا من المدينة في حقل صغير من البطاطا حيث تمت مباركته كموقع جديد لمقبرة كاثوليكية وبسبب ذلك تم إدراج هذه المدينة على أنها المدينة الوحيدة في لعالم التي يفوق فيها عدد القتلى عدد الأحياء.
طوال تاريخها كله لم يسبق أن كان عدد الأحياء يفوق عدد الأموات. أما اليوم فهي موطن لحوالي 1800 شخص حي وأكثر من 1.5 مليون نائم نوما أبديا مدفونون في 17 مقبرة هائلة. وهذا العدد الكبير من الموتى آخذ في الإرتفاع إذ تشير التقديرات أن 75 جثة جديدة تصل إلى “كولما” كل يوم من مدينة سان فرانسيسكو.
يتم نعت مدينة “كولما” بالعديد من الأسماء مثل المدينة الصامتة، مدينة الموتى، مدينة الأرواح وغيرها الكثير كما أن هذه المدينة تعتبر البيت الأبدى للكثير من الشخصيات المشهورة حيث تم دفنها فيها مثل أسطورة القمار في الغرب المتوحش “لاومان ويات إرب ” و أسطورة البيسبول “جو ديماجيو”.