استطاع مخدر «غبار القرد» تغيير مفهوم العقاقير المخدرة، من مواد قد يتناولها البعض للهروب من المشكلات والانفصال عن الواقع لعدة ساعات، إلى وباء يتنشر في كل دولة يدخلها، إذ يتسبب هذا المخدر في إحداث اضطرابات عقلية شديدة وسلوكيات عنيفة في الشوارع، ويحول متعاطيه إلى «زومبي آكل لحم البشر»، وفقًا لما صرحت به الشرطة في شمال بريطانيا.
ويدفع هذا المخدر من يتعاطاه للشعور بالقوة المفرطة، والتصرف بشكل خطير لا يصدق، إذ وصفت صحيفة «بيزنس إنسايدر» شعور من يتعاطى غبار القرد وكأنه الرجل الأخضر، أو د.بروس بانر، الشخصية الخيالية التي ظهرت في مجلات مارفل المصورة، وتتمتع بقوة خارقة؛ إذ يمنح هذا العقار لمتعاطيه شعورًا بالقوة غير العادية، مما يدفعه إلى تسلق المباني والقفز من ارتفاعات عالية، مما يضع حياة من يتناول هذا العقار تحت التهديد، في كل مرة يتعاطى فيها هذا المخدر.
ما الذي يفعله غبار القرد في جسم الإنسان؟
ينتمي مخدر «غبار القرد» إلى فئة عقاقير تسمى بالكاثينونات (cathinones)، وهي مجموعة طبيعية، لكن «غبار القرد» يتم تصنيعه، فيسمى بـ«العقار المصمم». وتشمل الكاثينونات مخدر القات، وهو مخدر طبيعي يشيع استخدامه في الصومال ودول غرب أفريقيا واليمن، يأتي من أوراق شجرة صغيرة، ويتم مضغه، فيعطي تأثيرًا منبهًا.
يختلف عقار غبار القرد عن الكاثينونات الطبيعية في قوة تأثيره، فيستمر التأثير القوي للمخدر لبضع ساعات قد تصل مع بعض الأشخاص إلى ست ساعات من الشعور بالقوة المفرطة، ويمكن الوصول لهذه الدرجة بتناول 15 ملليجرام فقط، بابتلاعه أو حقنه أو استنشاقه، وتبقى بعض الآثار لعدة أيام.
وتشمل الأعراض الجانبية المثبتة لتعاطي المخدر: ارتفاع شديد في درجة حرارة الجسم، والهلوسة، وألم في الصدر، وارتفاع ضغط الدم، ويقضي المخدر على الشعور بالألم، حتى أنه في حادثة انكسر ذراع متعاطٍ ولم يشعر بشيء، ويمكن أن تكون له آثاره المدمرة على الجهاز العصبي، ويتأثر مركز العواطف لدى المتعاطي، فبعضهم يدخل في مشاجرات مع الشرطة، وعلى ما يبدو أن المخدر ينزع من المتعاطي الخوف والشعور بالتهديد.
ويتسبب المخدر في اكتئاب المتعاطي في اليوم التالي لتعاطيه، ويجعل رائحة المتعاطي ومستلزماته تشبه رائحة البول، وعند التفكير في التوقف عن تناوله يشعر المتعاطي بآلام شبيهة بآلام المخاض والوضع، ولا يستغرق الأمر وقتًا ليدمن المتعاطي المخدر.
وكان ثلاثة رجال قد عثر عليهم في منازلهم بعد أن تعاطوا جرعة كبيرة من غبار القرد، توفي اثنان منهم على الفور، وانتقل الثالث للمستشفى بأعراض تسمم وعيون دامية، وهلوسة وأفكار انتحارية، وكلام غير مفهوم، ورائحة تشبه السمك الفاسد، ويعاني ممثلو خدمة الطوارئ بالمستشفيات من أنه لا يوجد علاج للواقعين تحت تأثير هذا المخدر، ولا يمكن التنبؤ بسلوكياتهم، فكل شخص يسلك سلوكًا مختلفًا وخطيرًا عن الآخر، وأنه لا يوجد أيضًا أي اختبار حاسم لإثبات تعاطي المريض له حتى الآن.