استذكرت اذاعة الشمس المطرب المصري الراحل عبد الحليم حافظ، والذي لُقب بالعندليب الأسمر، بمناسبة ذكرى رحيله الـ 42 والتي صادفت يوم أمس، الـ 30 من آذار، مع د. نزار رضوان مدير الفرقة العربية الموسيقية، وتطرق الحوار معه الى اهم المحطات في حياة عبد الحليم حافظ.
ولادة عبد الحليم وعائلته
ولد عبد الحليم حافظ يوم 21 يونيو من عام 1929، بقرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية محافظة الشرقية، وهو الابن الأصغر بين أربعة أخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية.
توفيت والدته بعد ولادته بأيام وقبل أن يتم العندليب عبدالحليم حافظ عامه الأول توفي والده ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم من قبل، ليعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة، كان يلعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا.
التحق المطرب عبدالحليم حافظ بعدما نضج قليلا في كتاب إلى المدرسة، الذي كان أخوه والمطرب إسماعيل شبانة مدرسا للموسيقي به، ومنذ دخوله المدرسة، تجلي حبه العظيم للموسيقى.
وبعد إتمامه الدراسة التحق العندليب الأسمر عبد الحليم بمعهد الموسيقى العربية قسم تلحين، والتقى هناك بالملحن القدير كمال الطويل، والذي كان في قسم الغناء والأصوات، وقد درسا معا حتى تخرجهما في عام 1948، كما رشح العندليب للسفر في بعثة حكومية لكنه ألغي سفره وعمل بعد التخرج مدرسًا للموسيقى لمدة 4 سنوات، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بفرقة اﻹذاعة الموسيقية عازفا على آلة الأوبوا.
شهرة عبد الحليم
بدأت شهرة العندليب حليم عندما تقابل مع صديق ورفيق العمر مجدي العمروسي في 1951 في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي فهمي عمر، وتم اكتشاف العندليب الأسمر عبد الحليم شبانة، على يد الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه "حافظ" بدلا من شبانة.
وعانى المطرب عبدالحليم حافظ في أولى حفلاته كثيرا بعد أن هاجمه الجمهور، ولم يكن العندليب عبدالحليم هو الوحيد، الذي عانى فكان أغلب الوسط الفني حينها يعاني في ذلك الوقت، حيث كانت إقامة وإحياء الحفلات الغنائية قليلة جدا كما كانت مدة لا تزيد عن النصف ساعة، ورغم ذلك بدأ سيط العندليب الأسمر عبدالحليم ينتشر على أفق واسعة.
الأعمال الفنية
وعلى مشوار العندليب حليم فإنه تألق كثيرا في عالم السينما والغناء فمن أبرز أعماله التي ظلت بصمة ورمز مصري: "أغنية الوداع"، "بائعة الخبز"، "بعد الوداع"، "فجر"، "أيام و ليالي"، "أيامنا الحلوة"، "ليالي الحب"، "لحن الوفاء"، "دليلة"، "موعد غرام"، "بنات اليوم"، "الوسادة الخالية"، "فتى أحلامي"، "شارع الحب"، "حكاية حب"، البنات و الصيف"، "يوم من عمري"، "الخطايا"، "أدهم الشرقاوي"، "معبودة الجماهير"، "أبي فوق الشجرة"، "أرجوك لا تفهمني بسرعة"، "إحنا الشعب"، "الله يا بلدنا"، "الوطن الأكبر"، "حكاية شعب"، "الجزائر"، "صورة"، "عدى النهار"، "أحلف بسماها"، "البندقية اتكملت"، "عاش اللي قال"، "النجمة مالت علي قمر"، "قارئة الفنجان"، "أهواك"، "علي قد الشوق"، "النجمة مالت علي قمر"، "أنا من تراب"، "ورق الشجر"، "بين صحبة الورد"، "خليني كلمة".
مرضه ووفاته
أكتشف العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بتليف في الكبد لأول مرة عندما أصيب بأول نزيف في المعدة، و كان وقتها مدعواً على الإفطار بشهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف، و من الأطباء الذين عالجوه في رحلة مرضه: مصطفى قناوي، ياسين عبد الغفار، زكي سويدان، هشام عيسى، شاكر سرور، و من إنجلترا الدكتور تانر، الدكتورة شيلا شارلوك، الدكتور دوجر ويليامز، و الدكتور رونالد ماكبث، ومن فرنسا الدكتور سارازان فرنسا، كما كانت للعندليب سكرتيرة خاصة هي الآنسة سهير محمد علي وعملت معه منذ 1972، و كانت مرافقته في كل المستشفيات التي رقد فيها، و من الموستشفيات التي رقد فيها بالخارج، مستشفى ابن سينا بالرباط في المغرب،
وفي المملكة المتحدة، مستشفى سان جيمس هيرست، و لندن كلينك، فيرسنج هوم، مستشفى كنجز كولدج، بمدينة سالبتريد في باريس، و التي شهدت رحيل العندليب، مساء يوم الأربعاء الموافق 30 مارس من عام 1977، بعد أن صعدت روح العندليب عبد الحليم حافظ للمولي عز وجل، عن عمر يناهز الـ 48 عاماٌ.
بعد رحلة مرض طويلة عاشها الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، عاد من لندن محمولًا على الأكتاف، حيث وصل جثمانه إلى مطار القاهرة في الساعة الثالثة فجرًا يوم الخميس الموافق 31 مارس من عام 1977، على متن طائرة "مصر للطيران"، كان على متنها السيدة نهلة القدوسي والمحامي مجدي العمروسي، وشقيقة عبدالحليم علية شبانة، وابن خالتها شحاته.
كان في استقبال الجثمان بالمطار شقيقا العندليب إسماعيل ومحمد شبانة، وعدد كبير من الفنانين في مقدمتهم بليغ حمدي، سيد إسماعيل، حسين كمال، وكذلك السيد محمد البسام، الملحق الإعلامي بالسفارة السعودية.
وكان من المقرر أن ينقل جثمان الراحل إلى مستشفى المعادي، ومنها في الصباح إلى مسجد عمر مكرم، لكن هذا التدبير قد اختصر، حيث أمر الشيخ محمد متولي الشعراوي، وزير الأوقاف وقتها، بفتح المسجد طوال الليل ليسجى فيه الجثمان.
جنازة عبد الحليم
واتخذت ترتيبات خاصة لتشييع جنازة عبدالحليم إلى مثواه الأخير، وعند الساعة الحادية عشرة تمامًا حمل بعض الفنانين نعش الفقيد من داخل المسجد بعد أن تمت الصلاة عليه، ثم وضع في سيارة مكشوفة لونها أخضر وغطيت بالزهور من جوانبها بينما ارتفعت على أعلاهاصورة لعبدالحليم، من أول فيلم مثله للسينما وهو لحن الوفاء، و كان النعش مجللًا بالحرير الفضي و ملفوفًا بالعلم المصري.
وضمن دائرة أمنية مكثفة سارت جنازة الطرب خطوة خطوة من جامع عمر مكرم، إلى ميدان التحرير حتى جامع شركس، وكانت الأمواج البشرية تحاول اختراق الدائرة للوصول إلى النعش لكن كل المحاولات كانت تواجه بالردع محافظة على جلال الموقف، وفي هذه الدائرة استمر سير الجنازة في الشوارع المحددة وسط أصوات نحيب نسائية وانفعالات عصبية لمئات الألوف من الشبان.
سارت الجنازة من أمام جامع شركس انطلقت السيارة الخضراء بنعش عبدالحليم إلى منطقة البساتين بعد أن ودع بدموع الملايين، وهناك تم دفن عبدالحليم في مقبرة خاصة كان قد أشترى أرضها منذ 17 سنة، و لم يوافق على بنائها إلا قبل 45 يومًا من وفاته وذلك قبل سفره إلى لندن في آخر رحلاته العلاجية.