تابع راديو الشمس

حادثة الإسراء والمعراج

حادثة الإسراء والمعراج

شارك المقال

محتويات المقال

ما هي ليلة الاسراء والمعراج ؟



تُعد حادثة الإسراء والمعراج من الأحداث العظيمة في الدعوة الإسلامية، حدثت في منتصف الدعوة الإسلامية، واستهجنت قريش حدوث هذه الرحلة، واستهزأ بعضهم بالتصفير والتصفيق سخرية بذلك، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أصر على قوله، وأكده بوصفه لبيت المقدس بالتفصيل، مما أدى إلى إصابة قريش بالذهول، وسنتحدث في هذا المقال عن معنى الإسراء والمعراج، وسبب القيام بهذه الرحلة العظيمة.


تعريف الإسراء والمعراج:-


الإسراء هي رحلة أرضية، وانتقال عجيب، وغير مألوف لدى البشر تم بُقدرة الله تعالى، حيث نُقل الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بسرعة تجاوزت الخيال، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء: 1].


أما المعراج فهو رحلة سماوية، وارتفاع، وارتقاء من الأرض إلى السماء، حيث سدرة المنتهى، ثم الرجوع بعدها إلى المسجد الحرام، قال تعالى: (وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى, عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى, عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى, إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى, مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى, لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) [النجم: 13-18].


وحدثت هاتان الرحلتان في الليلة ذاتها، وكانتا قبل الهجرة بسنة، وعلى الرغم من حدوثهما في الليلة ذاتها فإن موضعهما في القرآن الكريم لم يترادف، حيث ذُكر الإسراء أولاً في سورة الإسراء، وتأخر ذكر المعراج إلى سورة النجم التي جاءت بعد سورة الإسراء، وقد تكون الحكمة من ذلك هو جعل الإسراء الرحلة الأرضية مُقدمة للإخبار عن المعراج الرحلة العلوية.


التّوقيت والمكان:


قيلَ في توقيتِ رحلةِ الإسراءِ والمعراجِ قولانِ: فَنُقِلَ أنَّها وَقَعت قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ قبلَها بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وأمَّا موضِعُ بدايَتِها ففيهِ أيضاً قولانِ: أوّلهما من المَسجِدِ الحَرامِ؛ إذ كانَ رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ نَائِمًا فِي الْحِجْرِ، فَكانَت انطلاقةُ الرِّحلةِ من موضِعه، وَثانيِهما من بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وثلَّثَ آخرونَ بقولِ: كُلُّ الحرَمِ مسجِد.


سبب رحلة الإسراء والمعراج:


عندما فقد الرسول صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب الذي كان يقف إلى جانبه ويُسانده حزن حزناً شديداً، وضاقت الأرض به، ثم تُوفيت زوجته خديجة رضي الله عنها التي كانت تؤازره، وتُساعده، فنزل جبريل عليه السلام ليُخفف عن رسول الله، ويصحبه في رحلة الإسراء والمعراج، فكانت بمثابة تكريم، ومؤانسة له في حزنه. كان رسول الله نائماً، وأتاه جبريل، وخرج به، ورأى دابةً بيضاء اللون بين البغل والحمار، وتمتلك جناحين في فخذها، ثم مضى الرسول بصحبة جبريل عليه السلام حتى وصلوا إلى بيت المقدس، ثم أعرجوا إلى السماء، فرأى الرسول النبي إبراهيم، وموسى، وعيسى في مجموعة من الأنبياء، ورأى الكثير من الأمور، وبعد ذلك عاد إلى مكة. في صباح اليوم التالي اجتمع الرسول بقريش، وقال لهم ما حدث معه، فرد مُعظم الناس بقولهم: والله هذا الأمر لبيّن، وإن الرسول لصادق أمين، وإن العير لتطرد شهراً من مكة إلى الشام مُدبرة، وشهراً مُقبلة، وقال بعضهم الآخر: إنّ هذا القول لا يصدّق أفيذهب محمّدٌ ويرجع إلى مكّة في ليلة واحدة؟، فارتد العديد ممن أسلم.


هل صعد النبي بجسده أم بروحه؟

جمهور العلماء يرون أنّ الإسراء والمعراج كانا في ليلة واحدة، وأنّهما كانا في حالة اليقظة بجسده وروحه "صلى الله عليه وسلم"، وهذا ما يدلّ عليه قول الله سبحانه وتعالى في بداية سورة الإسراء: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ)، أي بروحه وجسده.



قال الطبري: ولا معنى لقول من قال: أُسْرِيَ بروحه دون جسده، لأنّ ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلًا على نبوته، ولا حجةً له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشّرك كانوا يدفعون به عن صدقه فيه، إذ لم يكن منكرًا عندهم ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف ما هو مسيرة شهر أو أقل .


وقال ابن حجر: إنّ الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه، وإلى هذا ذهب جمهور من علماء الحديث والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة.


تفاصيل الرحلة المثيرة:


لم تكن رحلةُ الإسراء والمعراجِ حدثًا عاديًا؛ بل كانت معجزةً إلهيَّة متكاملةً أيَّدَ الله بها نبيَّهُ محمدًا عليه الصَّلاة والسَّلام، ونَصَر بها دعوتَهُ، وأظهَرهُ على قومِه بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ يعجزُ عنها البَشر؛ إذ أسرى بهِ من المَسجدِ الحرامِ في مكَّةَ إلى المسجدِ الأقصى في مدينةِ القدس؛ِ لِيُسرِّيَ عنهُ ما لَقيَهُ من أهلِ الطَّائف، ومن آثارِ دعوتِه، وموتِ عمِّهِ وزوجَتِه، ثمَّ عَرَجَ بِهِ إلى السَّماواتِ العُلى؛ ليريَهُ من آياتِهِ الكبرى، وعن موضِعُ بدايَة الرحلة هناك قولانِ: أوّلهما أن البداية كانت من المَسجِدِ الحَرامِ؛ إذ كانَ رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ نَائِمًا فِي الْحِجْرِ، فَكانَت انطلاقةُ الرِّحلةِ من موضِعه، أما القول الآخر فهو أن بداية الرحلة كانت من بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ.


وتبدأ أحداث رحلة الاسراء - كما يرويها صاحِبُها عليهِ أفضَل الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليمِ - بِقدومِ ثلاثةٍ من الملائكةِ الكِرامِ، بينَهم جبريلُ وميكائيلُ، فجعلوا جَسدَ رسولِ اللهِ لِظهرهِ مستقبِلًا الأرضَ وهو نائم، ثمَّ شقُّوا بطنَهُ، فغسَلوا ما كانَ بهِ من غلٍّ بماءِ زمزمَ، ثمَّ ملؤوا قلبَه إيمانًا وحِكمةً، ثمَّ عَرَضَ له لبنًا وخمرًا، فاختارَ الرَّسولُ الكريمُ اللَّبنَ فشَرِبهُ، فبشَّرهُ جبريلُ بالفِطرة، ثمَّ أركبَهُ جبريلُ دابَّةً يُقالُ لها البُراقُ، فانطَلَق بهِ البُراقُ إلى المسجدِ الأقصى يسوقُهُ جبريل، فأنزَلَهُ طيبَةَ، فصلَّى بها، وأخبرهُ ما يكونُ من هجرتِه إليها، ثمَّ أنزلَهُ طورَ سيناءَ؛ حيثُ كلَّمَ الله موسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى بهِ، ثمَّ أنزَلهُ بيتَ لحم مولِدَ عيسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى فيها، ثمَّ دنا بهِ إلى بيتِ المقدِسِ فأنزَلهُ بابَ المَسجِدِ، ورَبَطَ البراقَ بالحلقةِ التي كان يربط بها الأنبياءُ، ثمَّ دخلَ المسجد ليَلتقي أنبياءَ الله المبعوثينَ قبلَه، فسلَّموا عليهِ، وصلّى بهم ركعتَين.


وبعدها تبدأ أحداثُ رحلة المعراجِ بصعودِ الصَّخرة المُشرَّفة؛ إذ سارَ جبريلُ بالرّسول "صلى الله عليه وسلم" إليها، ثمَّ حملَهُ منها على جناحِهِ؛ ليصعَدَ بهِ إلى السَّماءِ الدُّنيا، ويتجلَّى بها بعدَ أن استفتَح واستأذن، فاطَّلعَ الرَّسولُ على بعضِ أحداثِ السَّماءِ الأولى، ثمَّ ارتقى بهِ جبريل إلى السَّماء الثَّانيةِ، فاستفتحَ، فأُذِنَ لهُ، فرأى فيها زكريا وعيسى بن مريمَ عليهم سلام الله جميعًا، ثمَّ ارتقى به جبريلُ إلى السَّماءِ الثَّالثةِ، فرأى فيها يوسف عليه السَّلام، ثمَّ ارتقى به جبريلُ إلى السَّماءِ الرَّابعةِ وفيها إدريسُ، ثمَّ إلى الخامسةِ وفيها هارون، ثمَّ ارتقى بهِ إلى السَّادسةِ وفيها موسى، ثمَّ إلى السّابعة وفيها إبراهيمُ عليهم صلواتُ الله عليهم جميعًا وسلامه، ثمَّ انتهى بهِ جبريلُ إلى سدرةِ المُنتهى.



تقدَّمَ جبريلُ بالرّسول "صلى الله عليه وسلم" إلى الحِجابِ وفيهِ مُنتهى الخَلق، فاستَلمَهُ مَلَكٌ، وتخلَّفَ عنه جبريل، فارتقى بهِ المَلَكُ حتَّى بَلَغَ العرشَ، فأنطقَهُ اللهُ بالتَّحيَّاتِ، فقال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: (التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ وَالصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ)، وفيهِ فُرِضت الصَّلاةُ خمسينَ صلاةً على النَّبيِّ وأمَّتِهِ كلَّ يومٍ وليلةٍ.


ثمَّ صَحِبهُ جبريلُ فأدخلهُ الجنَّةَ، فرأى من نَعيمها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ثمَّ عرضَ عليهِ النَّارَ، فَنَظَرَ في عذابِها وأغلالِها، ثمَّ أخرجَهُ جبريلُ حتَّى أتيا نبيَّ اللهِ موسى، فأرجَعهُ إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيفَ على قومه في الصلاة، فخفَّفَ عنهُ عشرًا، ثمَّ أرجَعهُ موسى فسألهُ التَّخفيفَ، فخفَّفَ اللهُ عنهُ عشرًا، ثمَّ لم يَزلْ بينَ ربِّهِ وموسى حتَّى جَعلَها الله خمسَ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلَةِ، ثمَّ أرجَعَهُ موسى إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيف، فأعرَض الرَّسولُ عليه الصَّلاة والسَّلامُ عن ذلكَ؛ استحياءً من الله تعالى وإجلالًا، فناداهُ ربُّه: (إنِّي قد فرضْتُ عليكَ وعلى أمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَالْخَمْسُ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي).

وبعدها عادَ بهِ جبريلُ إلى مضجَعِهِ، وكلُّ ذلِكَ حدث في ليلةٍ واحدةٍ.


ماذا رأى النبي في رحلة المعراج؟


من أجمل ما رأى النّبي "صلى الله عليه وسلم" خلال رحلته المباركة نهر الكوثر، وهو النّهر الذي اختصّه الله لنبيّه "صلى الله عليه وسلم" وذلك تكريمًا له، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنّ النّبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (بينما أنا أسير في الجنّة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدرّ المجوّف، قلت ما هذا يا جبريل، قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربّك، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر) رواه البخاري .




وقد رأى النّبي - "صلى الله عليه وسلم" - الجنّة وما فيها من النّعيم، وفي المقابل رأى أيضًا بعض أحوال النّاس الذين يعذّبون في نار جهنّم، ومنهم من يقعون في الغيبة، والذين يخوضون في أعراض المسلمين، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (لما عُرِجَ بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟، قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم النّاس ويقعون في أعراضهم) رواه أبوداود. وقد رأى كذلك "صلى الله عليه وسلم" أقوامًا وقد تقطَّعت ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، فقال له جبريل عليه السّلام: (هؤلاء خطباء أمّتك من أهل الدّنيا، كانوا يأمرون النّاس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟) رواه أحمد وصحّحه الألباني.


وهكذا.. فقد كان لهذه الليلة أثر عظيم في تثبيت فؤاد النبي "عليه الصلاة والسلام"، وترطيب قلبه وجبر خاطره، بعد أن لاقى ما لاقى من قريش من إيذاء واضطهاد، "صلى الله على نبينا محمد"، وجمعنا به على ضفاف نهر الكوثر في الجنة.



المراجع :

- الإسراء والمعراج"، إسلام ويب.

- سورة النجم، آية: 13-18.

- ابن كثير الدمشقي، تفسير ابن كثير، صفحة: 413، جزء: 7.

- عز الدين ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة: 650-651، جزء: 1.

- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة: 650-654، جزء: 1.

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول