ان إنتاج الطاقة وسيلةً ضرورية لوجود البشرية ونموها، ويؤثر تأثير كبيرا على الطبيعة والبيئة البشرية، فقد دخلت الحرارة والكهرباء بقوة إلى حياة الإنسان ونشاطه الإنتاجي حيث لا يتخيل الشخص اليوم وجوده بدونها، وبدأت التغيرات السريعة في المحيط الحيوي نتيجة النشاط البشري.
ففي بداية القرن العشرين كان الخشب مصدر الطاقة الرئيسي، ثم انتقل الإنسان إلى الاستخدام الواسع النطاق للفحم، ومع ذلك لم تستمر هيمنة الفحم طويلاً، حيث تم استبدالها باستهلاك أنواع أخرى من الوقود كالنفط والغاز الطبيعي، وفي النصف الثاني من القرن العشرين نشأت مشكلة عالمية وهي تلوث البيئة بسبب احتراق الوقود الأحفوري.
يعمل الباحثون في جميع أنحاء العالم لحل مشكلة تلوث البيئة من خلال إنشاء وتشغيل مصادر بديلة للطاقة، حيث تمثل الطاقة البديلة مجموعةً من الطرق الواعدة للحصول على الطاقة التي ليست واسعة الانتشار مثل تلك التقليدية، ولكنها ذات أهمية كبرى للإنسان بسبب الاستخدام المفيد لها مع انخفاض مخاطر الضرر البيئي.
والطاقة البديلة ليست مقتصرةً فقط على طاقة الرياح والطاقة الشمسية المعروفة، بل تم اكتشاف عشرة أنواع من مصادر الطاقة الأكثر إثارةً للاهتمام، وخاصةً أنها ستكون صديقةً للبيئة في المستقبل.
مصادر لا نعرفها للطاقة البديلة
1- توليد الطاقة من الأبواب الدوارة:
يمر كل يوم الآلاف من الناس عبر البوابات عند مداخل محطات السكك الحديدية، من هنا ظهرت للمراكز البحثية فكرة استخدام دخول الناس عبر البوابات كمولد طاقة مبتَكر، حيث قررت شركة سكك حديدية شرق اليابان تجهيز كل باب دوار في محطات السكك الحديدية بمولدات، وتم بناء العناصر الكهروجهدية في الأرضية تحت الأبواب الدوارة، وهذه العناصر هي التي تولد الكهرباء من الضغط والاهتزازات الناتجة عن حركة الشخص عند دخوله عبر البوابة.
تستخدم تكنولوجيا أخرى من بوابات الطاقة في الصين وهولندا، فقد صمم المهندسون في هذين البلدين أجهزةً لاستخدام تأثير دفع مقبض الباب في توليد الطاقة، وقد أظهرت الدراسات في هولاندا أن مولدات الأبواب تنتج حوالي 4600 كيلو وات ساعي من الطاقة سنوياً، والتي قد تبدو للوهلة الأولى غير مهمة، ولكنها بالفعل تشكل نموذجاً جيداً للتكنولوجيا البديلة لتوليد الكهرباء.
2- توليد الطاقة من الطحالب
أصبحت الطحالب مصدراً بديلاً للطاقة في الآونة الأخيرة، ووفقاً للخبراء يكفي القول إنه من هكتار واحد من مساحة سطح الماء التي تعيش فيها الطحالب، يمكن إنتاج 150 ألف متر مكعب من الغاز الحيوي سنوياً، وهذا ما يساوي تقريباً حجم الغاز الذي ينتجه بئر صغير، ويكفي لحياة قرية صغيرة.
والطحالب الخضراء هي كائنات بسيطة تنمو بسرعة، وتمثلها مجموعة من الأنواع التي تستخدم طاقة ضوء الشمس للقيام بعملية التمثيل الضوئي، وتعتبر الطحالب وقودًا إيكولوجياً مثالياً لأنه ينمو في البيئة المائية ولا يتطلب موارداً برية، وهو منتج عالي الجودة ولا يسبب أي ضرر للبيئة.
ويقدِر الاقتصاديون أنه بحلول عام 2018، قد يكون معدل معالجة الكتلة الحيوية للطحالب الدقيقة البحرية حوالي 100 مليار دولار، وقد تم بالفعل بناء مشاريع مختلفة حول العالم تعتمد على وقود الطحالب، ومنها على سبيل المثال بناء من 15 شقة في هامبورغ بألمانيا.
3- توليد الطاقة عن طريق مطبات السرعة في الطرق
بدأ تطبيق مفهوم توليد الطاقة باستخدام ما يسمى مطبات السرعة أولاً في المملكة المتحدة، ثم في البحرين، وكانت البداية لهذا المشروع عندما أنشأ المخترع البريطاني (بيتر هيوز) مطب الحركة الكهربائية للطرق السريعة.
ويتكون المطب من لوحين معدنيين، يرتفعان قليلاً فوق الطريق، وتحت اللوحات يوضع مولد كهربائي ينتج تياراً عند مرور كل سيارة من خلال المطب، وبالاعتماد على وزن السيارة، يمكن أن يولد المنحدر من 5 إلى 50 كيلو وات خلال الوقت الذي تمر فيه السيارة فوق المطب، وتستخدم هذه المطبات كالبطاريات وهي قادرة على توفير الطاقة لإشارات المرور دون أن تضر البيئة.
4- أكثر من مجرد كرة القدم
قامت مجموعة من خريجي جامعة هارفارد، باختراع كرة قدم قادرة على توليد كهرباء كافية لتشغيل مصباح صغير لعدة ساعات بعد نصف ساعة من اللعب بها، يطلق على هذه الكرة اسم مصدر الطاقة البديل الصديق للبيئة، والتي يستخدمها سكان البلدان الأقل تقدماً في كثير من الأحيان.
ومبدأ تراكم الطاقة في الكرة بسيط للغاية ويعتمد على تحويل الطاقة الحركية المتولدة من ضرب الكرة إلى طاقة كهربائية تختَزن في بطارية، ومن ثم يمكن استخدام الطاقة المخزنة لتشغيل أي جهاز كهربائي صغير، على سبيل المثال مصباح مكتبي.
ولقد فازت الكرة المولدة للطاقة بالفعل بالاعتراف بالمجتمع العالمي حيث حصلت على العديد من الجوائز، وكانت محل تقدير كبير من قبل مبادرة كلينتون العالمية، كما حصلت على جوائز نقدية في مؤتمر تيد الشهير.
5- طاقة مخفية من البراكين
تعتبر طاقة البراكين واحدةً من التطورات المهمة التي توصل إليها الباحثون الأمريكيون، وقد كان موضوع الاختبار بركاناً خامداً في ولاية أوريغون، حيث تم ضخ المياه المالحة في العمق بين الصخور.
ونظراً لانحلال العناصر المشِعة في قشرة الأرض فإن درجة حرارة الصخور تكون عالية جداً، ما يساعد في تسخين المياه وتحويلها إلى بخار، ومن ثم يتم توجيه البخار الناتج إلى توربين ينتج الكهرباء.
وفي الوقت الحالي لا يوجد سوى محطتين صغيرتين قائمتين لإنتاج الطاقة من هذا النوع في فرنسا وألمانيا، وإذا نجحت التكنولوجيا الأمريكية، فإن الطاقة الحرارية الأرضية، بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ستكون قادرةً على توفير 50٪ من الكهرباء التي تحتاجها الدولة، في حين تبلغ اليوم مساهمة هذه النوع في انتاج الطاقة فقط 0.3%.
6- الطاقة من حرارة الإنسان
إن مبدأ عمل المولدات الكهربائية الحرارية هو التباين في درجات الحرارة وهو معروف منذ فترة طويلة، ولكن منذ سنوات قليلة فقط بدأت التقنيات تسمح باستخدام حرارة جسم الإنسان كمصدر للطاقة، وطور مجموعة من الباحثين من المعهد الكوري العلمي والتقني الرائد (KAIST) مولداً مدمجاً في صفيحة زجاجية مرنة، تسمح هذه الأداة بإعادة شحنها اعتماداً على اللياقة البدنية للإنسان كحرارة اليد البشرية على سبيل المثال.
ويستطيع المولد الكوري الذي يبلغ قياسه 10 × 10 سم أن ينتج حوالي 40 ملي واط من الطاقة عند درجة حرارة تصل إلى 31 درجة مئوية.
واستندت تقنية مشابهة إلى الشاب (آن ماكوسينسكي) الذي ابتكر مصباحاً يدوياً، معتمداً على فرق درجة الحرارة بين الهواء وجسم الإنسان، ويفسر ذلك التأثير استخدام أربعة عناصر من مادة البيلتيه القادرة على توليد الكهرباء عند تسخينها من جانب وتبريدها من جانب آخر.
ونتيجة لذلك، ينتج مصباح (آن) الإلكتروني ضوءً ساطعاً إلى حد ما، ولا يحتاج بطاريات لعمله، ولا يتطلب سوى اختلاف في درجة الحرارة يبلغ خمس درجات فقط بين درجة تدفئة كف الشخص ودرجة الحرارة في الغرفة.
7- توليد الطاقة باستخدام خطوات على ألواح الرصف الذكية
في أي نقطة في أرضيات الشوارع المزدحمة يحصل مالا يقل عن 50000 خطوة في اليوم، ومن هنا تم تطبيق فكرة استخدام حركة المشاة للتحويل المفيد للخطوات إلى طاقة في منتج طوره (لورانس كيمبال كوك) البريطاني.
قام المهندس بإنشاء ألواح رصف تولد الكهرباء من الطاقة الحركية للمشي، ويتكون الجهاز من بلاطة مبتكرة من مادة مرنة مضادة للماء، والتي عند الضغط عليها، تنحني حوالي خمس ملليمترات، الأمر الذي يخلق بدوره الطاقة التي تتحول إلى كهرباء، ويتم تخزين الطاقة الكهربائية إما في بطارية ليثيوم بوليمر، أو تقديمها بشكل مباشر على شكل إنارة لمواقف الحافلات ونوافذ المتاجر واللافتات.
يعتبر هذا النوع من البلاط صديقاً للبيئة حيث يتكون من فولاذ مقاوم للصدأ، وبوليمر منخفض الكربون معاد تدويره، والسطح العلوي للبلاط مصنوع من الإطارات المستعملة، والتي بفضلها يكون البلاط متين ومقاوم للغاية للتآكل.
وخلال أولمبياد لندن 2012 الصيفية، تم تركيب البلاط في العديد من الشوارع السياحية، وخلال أسبوعين، تم الحصول على 20 مليون جول من الطاقة كانت كافية لإضاءة الشوارع في العاصمة البريطانية.
8- استخدام الدراجة لشحن الهواتف الذكية
لإعادة شحن الموبايل أو الجهاز اللوحي، ليس من الضروري وجود مقبس كهربائي في متناول اليد، ولكن تحتاج فقط إلى تدوير عجلة الدراجة الهوائية، وهكذا أصدرت شركة أمريكية جهازاً يسمح بشحن بطارية خارجية أثناء ركوب الدراجة ومن ثم تستخدم لإعادة شحن الأجهزة النقالة في وقت لاحق، والمنتج هو عبارة عن مولد خفيف الوزن مع بطارية ليثيوم مصممة لتشغيل أي جهاز محمول تقريباً يحتوي على منفذ. USB
ويمكن تركيب مثل هذا المولد الصغير على معظم إطارات الدراجات العادية في غضون دقائق، وتتم إزالة البطارية بسهولة لإعادة شحنها للأدوات في وقت لاحق.
9- الاستفادة من مياه الصرف الصحي
تقوم كل مدينة كبيرة يومياً بتفريغ كمية كبيرة من مياه الصرف الصحي التي تلوث النظام البيئي في المسطحات المائية المفتوحة، ورغم أنه قد يبدو بأن المياه التي تسممها مياه الصرف الصحي لم تعد مفيدة لأي شخص، إلا أن الأمر ليس كذلك، فقد اكتشف العلماء طريقة لإنشاء خلايا وقود قائمة عليها.
واحد من رواد الفكرة كان البروفيسور (بروس لوجان) من جامعة بنسلفانيا، والمفهوم العام للفكرة معقد للغاية بالنسبة إلى غير الخبير، وهو مبني على ركيزتين هما استخدام خلايا الوقود البكتيرية وتركيب ما يسمى بالالتحام الكهربائي العكسي، حيث تقوم البكتريا بأكسدة المادة العضوية في مياه الصرف وتنتج إلكترونات مما يخلق تياراً كهربائياً.
بالنسبة لإنتاج الكهرباء، يمكن استخدام أي نوع من أنواع النفايات العضوية ليس فقط مياه الصرف الصحي، ولكن أيضاً نفايات الحيوانات، وكذلك النفايات الناتجة من الصناعات كصنع النبيذ والتخمير والألبان وغيرها.
10- طاقة الورق
طورت شركة سوني اليابانية المتخصصة في صناعة الإلكترونيات وعرضت في معرض المنتجات الصديقة للبيئة في طوكيو مولداً حيوياً قادراً على إنتاج الكهرباء من الورق المقطوع، وجوهر هذه العملية هو استخراج السليلوز، وهو سلسلة طويلة من سكر الجلوكوز التي توجد في النباتات الخضراء.
ومن الضروري استخدام الكرتون المقوى لتوليد الطاقة، حيث يتم كسر السلسلة بمساعدة الإنزيمات، ويتم معالجة الجلوكوز المتكوِن بواسطة مجموعة أخرى من الإنزيمات، وبمساعدة أيونات الهيدروجين والإلكترونات الحرة التي يتم إطلاقها، ويتم إرسال الإلكترونات عبر دارة خارجية لتوليد الكهرباء.
ومن المفترض أن ينتج التركيب المماثل أثناء معالجة ورقة واحدة بحجم 210 × 297 مم حوالي 18 واط في الساعة، أي حوالي نفس كمية الطاقة التي تنتجها 6 بطاريات.
إن هذه الطريقة صديقة للبيئة والميزة المهمة لمثل هذه البطارية هي غياب المعادن والمركبات الكيميائية الضارة، وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا لا تزال في الوقت الحالي بعيدة عن التسويق، فقد تم استخدامها فقط لتزويد الأجهزة المحمولة الصغيرة بالطاقة.
وبالتأكيد، تقدم الطاقة البديلة خياراً إيجابياً للحفاظ على البيئة والإنسان، فكلما زاد استخدام الطاقة المتجددة كلما انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السامة الناتجة عن النمو الصناعي المستخِدم لمصادر الطاقة التقليدية، إلى جانب التأثير الإيجابي الكبير للطاقة البديلة في الحد من احتمالية وقوع كوارث بيئية من صنع الإنسان، ما يجعل فرص الحياة الصحية للبشر والطبيعة أفضل بكثير.