أدان مقال مشترك لوزير الخارجية البريطاني وليام هيغ والممثلة أنجلينا جولي، أرسل إلى وكالات الأنباء، العنف الجنسي والاغتصاب في الحروب، ولا سيما في سوريا.
وقال هيغ وجولي في المقال: "في كل يوم تصل حكايات عن الجرائم المروعة المرتكبة داخل سوريا لأسماع العالم الخارجي. وقد أكدت الأمم المتحدة الآن بأن الاغتصاب يستخدم كسلاح لترهيب ومعاقبة النساء والرجال والأطفال - أثناء تفتيش البيوت وخلال التحقيق وعند نقاط التفتيش وبمراكز الاعتقال والسجون في أنحاء سوريا".
وتابعا: "والتقرير الرهيب الصادر مؤخرا عن لجنة التحقيق في الأمم المتحدة يصف اغتصاب إحدى الأمهات، ثم إجبارها على الطهي والتنظيف لمحتجزيها بتهديدها بقتل أبنائها إن لم تفعل. كما يشير لحكاية طالبة جامعية اغتصبت لأن أخاها مطلوب للحكومة. هذه الحكايات ما هي إلا نموذج بسيط عن الحكايات التي وصلت لأسماع العالم. حيث إن الخوف والعار ومجرد الكفاح لأجل العيش يعني بأن الكثير من الناجين من الاغتصاب لا يجرؤون على البوح بما أصابهم".
وأضافا: "يستخدم العنف الجنسي كسلاح حرب تقريبا في كل الصراعات الكبيرة في عصرنا، من البوسنة وحتى رواندا. واستخدام الاغتصاب كتكتيك عسكري متعمد لتحقيق أهداف سياسية: لإذلال المعارضين السياسيين، أو لدفع الأقليات العرقية على الخضوع أو المغادرة، أو لترهيب المجتمع وحمله على الإذعان. وفي بعض الصراعات يكون اللجوء للاغتصاب لنقل مرض الإيدز للنساء أو لإيذائهن بدرجة كبيرة تفقدهن القدرة على الحمل".
وقالا إن "السبب وراء اللجوء للاغتصاب هو أن من السهل ممارسته بالخفاء، ويطال أكثر الناس ضعفا. حين ذهبنا لزيارة جمهورية الكونغو الديموقراطية التقينا إحدى الأمهات التي تعرضت طفلتها ذات الخمس سنوات للاغتصاب، الطفلة أصغر من أن تتمكن من إسماع صوتها احتجاجا على ما أصابها، لكن معاناتها ومعاناة الملايين غيرها من الضحايا في أنحاء العالم يجب أن تستدعي مواجهة الاغتصاب".
وأوضحا: "لقد صاغ العالم اتفاقيات تحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام الأرضية، أو لمكافحة التجارة غير المشروعة بالأسلحة. كافة هذه الاتفاقيات كان يعتبر يوما ما من المستحيل التوصل إليها، وجميعها بدأت نتيجة غضب أخلاقي وأدت لاتخاذ إجراء دولي، وحان الأوان الآن لاتخاذ إجراء مماثل لمواجهة الاغتصاب والعنف الجنسي في الحروب".
وذكرا أنه "يكمن جوهر هذه المشكلة في ثقافة الحصانة من العقاب، حيث من بين عشرات آلاف حالات الاغتصاب في بلد ما يُحاكم عدد ضئيل جدا من المغتصبين. فالرجال الذين يغتصبون السجناء في سوريا يعتقدون أن باستطاعتهم الإفلات من العقاب لأن ذلك هو ما يوحي التاريخ به. وهناك عامل حرج آخر، ألا وهو عدم وجود دعم على الأجل الطويل للناجين من الاغتصاب الذين يصبحون منبوذين ويعانون من الأمراض والصدمة النفسية طوال حياتهم، علاوة على ما عانوه على أيدي مغتصبيهم".
وورد في نص المقال "لقد تكاتفنا معا في حملة لمواجهة هذه القضية لأن كلينا قد رأى كيف أن العنف الجنسي يدمر حياة الناجين وعائلاتهم. نريد نشر التوعية تجاه ضرورة اتخاذ إجراء عاجل لمواجهة المشكلة. ونحن ندعو حكومات العالم للاتحاد لأجل القضاء، كأولوية قصوى، على الاغتصاب في الحروب".
وواصلا: "لقد بدأنا مبادرتنا هذه السنة الماضية، ونعرب عن تقديرنا لاستجابة الكثير من الدول لهذه المبادرة. فخلال قمة مجموعة الثمانية التي عقدت بشهر إبريل/نيسان في لندن أعلنت الدول، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة، عن التزام تاريخي بمواجهة هذه المشكلة. وفي يونيو (حزيران) تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا يعزز إمكانيات الأمم المتحدة. وأبدت 45 دولة عضو في الأمم المتحدة تأييدها للمشاركة برعاية القرار - وهذا رقم قياسي في تاريخنا الحديث".
مبادرة دولية جديدة
وأبانا أنه "في الأسبوع المقبل سوف تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهي أكبر تجمع سنوي لقادة العالم. وخلال هذا الاجتماع، في 24 سبتمبر/أيلول، سوف يُطرح إعلان جديد بعنوان "إعلان الالتزام بالقضاء على العنف الجنسي في الحروب". تمت صياغة هذا الإعلان بمساعدة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول العنف الجنسي، إلى جانب أكثر من عشر دول من الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا وآسيا وافق قادتها بشجاعة على مناصرة هذه القضية إلى جانبنا. سيتيح هذا الإعلان لكل دولة في العالم فرصة بيان موقفها تجاه هذه القضية.
وتابعا: "والدول التي تصادق على الإعلان توافق، لأول مرة، على أن العنف الجنسي في الصراع يمثل انتهاكا فظيعا لاتفاقيات جنيف وبروتوكولها الأول. هذا يعني إمكانية القبض على المشتبه بارتكابهم هذه الجرائم أينما تواجدوا في العالم. كما يتضمن الإعلان تعهدا بعدم الصفح عن جرائم العنف الجنسي في اتفاقيات السلام لكي لا تدفن تحت البساط، ولكي يعمل القادة العسكريون بأن هذه الجرائم يُحاسب عليها".
وأضافا: "يَعِد هذا الإعلان بصدور بروتوكول دولي جديد بحلول منتصف عام 2014: للمساعدة في ضمان أن يكون الدليل المقدم مقبولا في المحكمة، وأن عددا أكبر من الناجين يحصلون على العدالة، ووضع سلامة وكرامة الضحايا في صميم التحقيقات التي تجرى بقضايا الاغتصاب وغيرها من الجرائم الجنسية التي ترتكب في الحروب. ويشتمل البروتوكول أيضا على أحكام تتعلق بمشاركة النساء وحماية اللاجئين وتدريب القوات المسلحة والشرطة الوطنية. ويتعهد الموقعون عليه بوضع الحماية من العنف الجنسي في مقدمة كافة جهودهم الإنسانية أثناء الصراع، والمساعدة في تعزيز قدرات الدول الأكثر تعرضا لهذا العنف".
وختما بقولهما: "نعتقد بأن هذه كلها خطوات من شأن كل عضو في المجتمع الدولي أن يؤيدها. وبالتالي فإننا نأمل بأن توقع الغالبية العظمى من حكومات العالم على هذا الإعلان، وأن نتمكن معا من العمل على تحويل هذه الالتزامات إلى خطوات نطبقها. وإن استطعنا، فإن ذلك يمثل نقطة تحول في مواقف العالم تجاه الاغتصاب والعنف الجنسي، وأخيرا، بداية للقضاء على الحصانة من العقاب. هناك الكثير من مواضع الظلم التي على العالم أن يواجهها. إلا أن اغتصاب مئات آلاف النساء والرجال والأطفال والإساءة إليهم لم يعد أمرا يمكن احتماله والتسامح حياله. نأمل أن ينضم إلينا الناس من أنحاء العالم لتبني هذا الموقف".