كتبت صحيفة "ذي صنداي تايمز" البريطانية ان اطلاق سراح الجاسوس الاسرائيلي المسجون في أمريكا جوناثان بولارد، من سجنه بعد أن ظل وراء القضبان منذ 28 عاما لقيامه بالتجسس لحساب اسرائيل، قد يشكل حلقة حيوية في اتفاق السلام الشرق اوسطي المقترح الذي تدعمه الولايات المتحدة. جاء ذلك في تقرير اشترك في اعداده توبي هارندن من واشنطن و اوزي محنايمي من تل ابيب، وهذا نص التقرير لأهمية ما يطرحه من معلومات:
القي القبض على بولارد، وهو خبير في تحليل المعلومات الاستخبارية، الذي كان يعمل في ادارة التحقيقات التابعة للبحرية الاميركية، في العام 1985. وقضت المحكمة بحسبه مدى الحياة لبيعه اكثر من مليون صفحة من المستندات السرية الى اسرائيل- وكان ذلك كنزا استخباراتيا يماثل في حجمه ما استولى عليه ادوارد سنودن، المتعاقد مع وكالة الامن القومي الاميركية، العام الماضي.
ويقوم وزير الخارجية الاميركية جون كيري بزيارات مكوكية بين اسرائيل والاراضي الفلسطينية في نهاية هذا الاسبوع – ضمن الزيارة العاشرة للمنطقة في اقل من عام واحد- ليعرض مسودة نهائية من اطار عمل في ست صفحات يأمل في الحصول على موافقة الطرفين وفي نشره خلال هذا الشهر. وقال كيري ان اطار العمل وُضع على اساس خمسة اشهر من المحادثات، وانه سيشتمل على مخطط لدولة فلسطينية مستقبلية تقام في الضفة الغربية. ومن المفهوم ان القدس الشرقية ستكون عاصمة فلسطين، وان الفلسطينيين سيوافقون على عدم مطالبة اسرائيل بمزيد من الاراضي.
وسيتمكن الفلسطينيون الذين فقدوا ممتلكاتهم خلال معارك 1948 و1967 من العودة الى فلسطين، ولكن ليس اسرائيل، وتوافق الدولة اليهودية على وجود قوة متعددة الجنسيات على امتداد حدود الضفة الغربية مع الاردن.
ومن المقرر ان يصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الى القدس الشهر المقبل ليبدا تحركا اوروبيا منظما لاقناع الفلسطينيين والاسرائيليين بقبول خطة اطار العمل.
كما ان من المقرر ان تحذو حذوه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل كخطوة لاحقة في تتابع اعده الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة للوصول الى اتفاق نهائي هذا العام.
ومع ذلك تبقى هناك عثرات كأداء في كل من تل ابيب ورام الله. وقال أرون ديفيد ميلر، المفاوض الاميركي في المحادثات الفلسطينية الاسرائيلية "لا يزال امامنا طريق طويل".
ورغم ان مصير بولارد (59) لم يرد في المسودة، فان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اوضح انه يريد ان يرسم خطا في الرمال بشأن هذه القضية.
وقد ظلت قضية بولارد تحتل مكان الصدارة في اسرائيل، وربطها نتنياهو اخيرا مع خطة اطلاق 26 أسيرا فلسطينيا، وهي المجموعة الرابعة والاخيرة من صفقة تضم 104 سجناء تعهدت اسرائيل بتحريرهم.
وقد وقع جميع اعضاء الكنيست الاسرائيلي فيما عدا 14 عضوا على استرحام لاطلاق سراح بولارد، وسيقوم الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس بتسليم الاسترحام الى ادارة اوباما.
وقالت بعض المصادر الاسرائيلية ان كيري وافق من حيث المبدأ على طلب نتنياهو رغم المعارضة الشديد من مسؤولي الاستخبارات في واشنطن لاطلاق سراح خائن.
وما كشف عنه سنودن من ان وكالة الامن الوطني الاميركية تمكنت في العام 2009 من التقاط الرسائل الالكترونية (إي ميل) لكل من ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الاسرائيلي انذاك، وايهود باراك، وزير دفاعه، كثف الضغوط التي تبذل على الولايات المتحدة. ومن المقرر ان يخلى سبيل بولارد بموجب عفو يصدر في تشرين الثاني (نوفمبر) العام المقبل في كل الاحوال لانه يكون قد قضى في ذلك الوقت 30 عاما في السجن.
وقد حصل بولارد الذي يقبع في سجن فيدرالي في كارولينا الشمالية على الجنسية الاسرائيلية في العام 1995، وينوي الاقامة في اسرائيل.
وكان الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون قد وافق مبدئيا على اطلاق سراح بولارد في العام 1998، وتوجه نتنياهو انذاك لحضور قمة في الولايات المتحدة مستبشرا بانه سيعود الى اسرائيل بصحبة الجاسوس المدان. غير ان كلينتون غير رأيه بعد ان هدد جورج تينيت، الذي كان رئيسا لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، بالاستقالة اذا اطلق سراح بولارد.
وقال رونالد اوليف، المسؤول في وكالة الامن الاميركية، الذي القى القبض على بولارد وحقق معه، انه تسبب في "اضرار جسيمة" للولايات المتحدة، وكان الدافع الى ذلك الجشع ونشوة التجسس، كا انه حاول ارسال معلومات الى باكستان ودول اخرى.
وقال "لا ريب ان المال هو العنصر الفعال، وبعد ان القي القبض عليه تحول كل شيء فجأة الى حب اسرائيل. تمكن سنودن من الاطلاع على اعمال وكالة الامن القومي، اما بولارد فامكنه الاطلاع على جميع هيئات الاستخبارات باكملها من وكالة الاستخبارات الدفاعية، الى وكالة الامن المركزي الى وكالة الفضاء الاميركية واستخبارات البحرية الاميركية، الى كل ما يخطر على البال من مواقع".
وبالتفوه بكلمة "صُبار" لزوجته انذاك آن في محادثة هاتفية اثناء استجوابه، تمكن من تنبيه الاسرائيليين المتعاملين معه، الذين غادروا البلاد. وهذا يعني ان حجم الضرر الذي تسبب به لم يخضع لتقييم كامل.
وعندما سئل المفاوض الاميركي ميلر، الزميل في معهد وودرو ويلسون بواشنطن، عن الاتفاق بين اسرائيل والولايات المتحدة بالا يتجسس اي منهما على الاخر، رد بالقول "لا اصدق ذلك للحظة واحدة. وفي كل رحلة الى اسرائيل مع وزير الخارجية، كانت الغرف ملأى باجهزة التجسس".
اما العقبات الخمس التي لا بد من التغلب عليها ، فهي:
1- القدس – تريد اسرائيل الاحتفاظ بالسيطرة على الضواحي الاسرائيلية التي انشئت منذ 1967 في القدس الشرقية. والفلسطينيون يقولون ان كل القدس الشرقية يجب ان تكون عاصمتهم. والنتيجة المحتملة: جمود.
2 - اللاجئون – تقف اسرائيل ضد اي حق لعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا البلاد في العام 1948 او بعد ذلك. اما الفلسطينيون فيقولون ان العودة يجب ان يكون خيارا مفتوحا امام اللاجئين، وان كان يعتقد ان من المحتمل ان يختار قليلون ممارسة هذا الحق. والنتيجة المحتملة: قد يسمح لعدد رمزي بالعودة لتسهيل التوصل الى اتفاق.
3 - مبادلة الاراضي: تريد اسرائيل الاحتفاظ بحوالي 10 في المائة من اراضي الضفة الغربية حيث يمكن لنصف مليون مستوطن العيش فيها. وقد يوافق الفلسطينيون على ذلك مقابل 10 في المائة من اراضي اسرائيل. والنتيجة المحتملة: قد تقترح اسرائيل 10 في المائة من الاراضي التي بها كثافة سكانية من العرب، الا ان من غير المحتمل القبول بذلك. جمود.
4 - غور الاردن: اسرائيل تريد جنودها على امتداد الغور لضمان امنها. ويسعى الفلسطينيون للسيطرة الكاملة على الوادي. النتيجة المحتملة: تسوية بوجود قوات متعددة الجنسيات على الحدود.
5 - الاعتراف باسرائيل باعتبارها دولة يهودية : يعتبر نتنياهو هذا الامر من الضروريات. اما الفلسطينيون فيرفضون ذلك تماما. النتيجة المحتملة: جمود.