تمكن علماء بريطانيون من تطوير بطاطس معدلة وراثيا تقاوم أكبر تهديد للخضروات وهو آفة اللفحة.
وأظهرت تجربة استمرت ثلاث سنوات أن هذه البطاطس يمكن أن تنمو بالرغم من تعرضها للفحة المتأخرة.
ويعاني المزارعون منذ فترات طويلة من هذه الآفة التي سببت فقدان كميات هائلة من البطاطس الايرلندية في الأربعينيات من القرن التاسع عشر.
ويلزم الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي قبل البدء في زراعة هذا المحصول المعدل وراثيا وتسويقه تجاريا.
ونشرت نتائج هذا البحث في "دورية فيلوسوفيكال ترانزاكشنز" التي تصدرها الجمعية الملكية.
والبطاطس معرضة بشكل خاص للإصابة باللفحة المتأخرة، وهي بكتريا تشبه الفطر تتزايد في الأجواء الرطبة والمبللة خلال موسم الزراعة في أوروبا.
وبسبب السرعة التي تترسخ فيها هذه الآفة وتأثيراتها المدمرة، فإنها تمثل التهديد الأول لستة ملايين طن من البطاطس تنتجها بريطانيا كل عام.
ويجب أن يتوخى المزارعون الحذر باستمرار وينبغي عليهم استخدام الرش لنحو 15 مرة في الموسم الواحد للوقاية من هذه الآفة.
تقنية الجينات
وفي إطار بحث أجري على مستوى الاتحاد الأوروبي حول قدرة التكنولوجيا الحيوية على حماية المحاصيل، بدأ العلماء في مركز " جون اينيس" في مختبر سينسبري تجربة على البطاطس المقاومة للفحة المتأخرة عام 2010.
وأضاف الباحثون أحد الجينات إلى بطاطس "ديزايري" من نبات مشابه في أمريكا اللاتينية، وهو ما يساعد النبات على تفعيل دفاعاته الطبيعية لمقاومة هذه الآفة.
ويقول العلماء المشاركون في هذا البحث إن استخدام هذه التقنية باستخدام جينات إضافية يمثل عاملا مهما للغاية في مقاومة أحد النباتات للفحة المتأخرة.
وقال جوناثان جونز من معمل سينسبري وكبير الباحثين المشرف على الدراسة إن "التكاثر من النباتان البرية القريبة للبطاطس عملية شاقة وبطيئة، وإنه بالتزامن مع إدخال الجين إلى نوعية مزروعة (من المحاصيل) بنجاح، ربما يكون الكائن المسبب للفحة المتأخرة قد طور بالفعل من قدرته على التغلب عليه".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "من الأفضل السيطرة على المرض من خلال الجينات بدلا من المواد الكيميائية".
وفي عام 2012 وهو العام الثالث من التجربة، أصابت الفحة المتأخرة البطاطس غير المعدلة وراثيا بحلول أغسطس/آب.
وظلت الخضروات المعدلة تقاوم بالكامل هذه الآفة حتى نهاية التجربة.
وتبين أيضا أن هناك اختلافا في الانتاجية، حيث أنتجت النوعيات المعدلة وراثيا ضعف كمية الدرنات.
ويقول العلماء إنه بالنظر إلى أن البطاطس تنمو من الدرنات وليس البذور، فإنها تكون عقيمة ولا تظهر مشكلة انتقال اللقاح المعدل وراثيا إلى النوعية البرية.
ويرى العلماء أن التحدي الكبير سيكون في الحصول على موافقة رقابية في أوروبا لهذه النوعية الجديدة من البطاطس.
ومنح الباحثون ترخيصا باستخدام هذه التكنولوجيا لشركة "سمبلوت" الأمريكية التي تريد زراعتها في الولايات المتحدة.
وقال معارضون للمحاصيل المعدلة وراثيا إنه بغض النظر عن حجم الفوائد البيئية الكبيرة، فإنهم يعتقدون أن المستهلكين لن يكونوا مهتمين بها.
وقال ليز اونيل مدير مؤسسة "جي ام فريز" متسائلا "هل هناك بالفعل من سيزرع أو يبيع أو يشتري بطاطس معدلة وراثيا؟"
وأضاف "ينص القانون على أنه يجب أن تحمل العلامة التجارية "معدلة وراثيا"، وتظهر التجربة أن البريطانيين لا يريدون شراء المنتجات المعدلة وراثيا والمزارعون البريطانيون أكثر ذكاء بكثير من زراعة شيء لا يمكنهم بيعه".
عوائق تنظيمية
ورحب باحثون آخرون بهذا التطور، لكنهم شككوا في المقابل في وجود فرص حقيقية لزراعة هذه البطاطس الجديدة في بريطانيا.
وقال البروفيسور كريس بولوك من جامعة ابريستويث إن "اللفحة المتأخرة للبطاطس مرض يصعب السيطرة عليه، واستخدام الجينات من الأقارب البعيدة (لعائلة البطاطس) أداة مكلفة".
وأضاف "لسوء الطالع فإن المشاكل المتعلقة بالعملية التنظيمية الحالية في أوروبا، المكلفة والبطيئة جدا، والتي تعني أن هذا التقدم الذي أحرزه علماء بريطانيون من غير المرجح بشكل كبير أن يساعد المزارعين في بلدان أخرى".