على وقع نغمات موسيقية هادئة تبعث الاحساس بالسلام الداخلي، تناولت الاعلامية وفاء يوسف من خلال الحلقة الثانية من برنامج "روائع" الذي أطلقته مؤخرا رواية رائعة خالدة حافظت على رونقها ووهجها رغم مرور الكثير من الأعوام على كتابتها، إنها رائعة "عائد الى حيفا " لكاتبها الكبير الشهيد المناضل غسان كنفاني، السياسي الباحث، الصحافي الرسام، الذي جمع في شخصه مواصفات عديدة وشكل ظاهرة مضيئة في سيرورة الثقافة الفلسطينية لدى بحثها الدائم عن مكانها تحت الشمس.
من خلال الحلقة الثانية لروائع، حلت الاديبة والكاتبة القديرة فتحية خورشيد طبري ضيفة على الحلقة التي تناولت جوانب عدة من الرواية وتطرقت الى أدق تفاصيلها. "عائد الى حيفا" هي حكاية الشعب الفلسطيني الذي كان آمن فسرق من أيامه ومن أحلامه بين ليلة وضحاها وعلى حين غرة، وهي قصة زوجين فلسطينيين يعودان إلى حيفا بعد غياب دام عشرين عاما تاركين قسرا ابنهما الوحيد"خلدون" في المدينة المنكوبة، ويعود الزوجان بعد كل تلك المدة من الزمن إلى نفس البيت الذي كانا يسكناه قبل التهجير القسري عام ثمانية واربعين .. يعودان بحثا عن ابنهما الذي لا يعلمان إن كان قد قتل أو اختطف أو ضاع.
يتعرض الوالدان للصدمة حين يجدان ابنهما الفلسطيني الرضيع قد أصبح جنديا في الجيش الاسرائيلي بعد أن تبناه يهوديان تحت اسم"دوف"، فتكون المواجهة القاسية بين الوالدين وابنهما للتأكيد على أن هوية الإنسان في الأصل تحددها القضية التي يتبناها وليست طبيعة الدماء التي تجري في عروقه.
الاعلامية وفاء يوسف ومن خلال الحلقة استعرضت بعضا من المقاطع التسجيلية لأحداث الرواية التي تتوالى تباعا، ومن خلال برنامج "روائع" تطرقت مع ضيفتها الاديبة فتحية خورشيد طبري الى تفاصيل الحكاية التي لا يمكن لرياح أن تبعثرها كما تبعثر اصحاب هذه الرواية، فعائد الى حيفا رواية يتواصل إشعاعها ليشكل مصدر إلهام للأجيال اللاحقة. انها عمل أدبي روائي، وفي نصها الإنساني تجربة عاشها كل فلسطيني، تجربة جرح، وجرح وطن، وعذابات إنسان، قهر وظلم وحرمان، ومتشرد، لاجئ حيناً، وملتجئ أحياناً، إلا أنه دائماً وأبداً كان يحمل أمل العودة إلى الوطن الساكن في الوجدان.