وتطرت الأمور بعدما استشعرت الدول الغربية هشاشة المعارضة وعدم تنظيمها، فلجأت الى استغلال تلك الحالة الهشة، وقدمت مساعداتها للمعارضة ورويدا رويدا سيطرت على المعارضة، التي سرعان ما تحولت الى معارضة عسكرية بعدما أغدق عليها السلاح من كل حدب وصوب وفتحت لها أنابيب الأموال، وتحولت المعارضة الى فرق وكتائب كل تتبع الجهة الممولة والراعية لها، فبدأنا نسمع بأسماء لم نعرفها من قبل، ونشاهد محاربين يهرولون من بلاد ودول مختلفة من الشرق والغرب، وباتت المعارضة معارضات لها مصالح تلتقي تارة وتختلف طورا، وأغرقت سوريا في صراع دموي رهيب وطويل جلب الدمار والخراب لسوريا على كل الأصعدة بشريا وحضاريا.
ولهذا ليس غريبا ما نراه اليوم من خلافات وانقسامات بين فرق المعارضة، لأن كل فريق يأخذ أوامره من أسياده الذين يأوونهم ويحمونهم ويمولونهم، ويعمل كل فريق لصالح أجندة الممول والراعي وليس لصالح بلده الأول سوريا وشعبه المعذب والشريد والمسجل على سجلات الموت.
تلجأ المعارضات السورية الى اتهام النظام بأنه قتل شعبه ودمر سوريا، كيف ذلك؟ هل لتلك المعارضات "الوطنية" وقلبها على المال الذي تتلقاه، أن تشرح لنا متى قام النظام بما يشيرون اليه؟ بالطبع لا يمكنهم الادعاء أن هذا وقع قبل عام 2011! فلو لم تظهر الفرق المسلحة فجأة ويتم ادخال المحاربين المأجورين الى سوريا لمحاربة النظام والجيش العربي السوري في بلده، من أجل تدمير سوريا – كما نشهد وكما ثبت- حضارة وشعبا، هل كانت دمرت سوريا وقتل وشرد شعبها؟ من الذي أدى الى انهيار الأمن والاستقرار وتخريب الحياة داخل سوريا، أليس استجلاب المرتزقة من كل أرجاء الدنيا؟ ومن الذي جعل النظام يرتكب أخطاء وهو مكره على ذلك، أليس لجوء المحاربين الأغراب والمدعومين من عناصر داخلية، بالاحتماء والاختباء بين الأحياء الشعبية وداخل البيوت والمرافق الحيوية وبين الناس؟
واذا كانت المعارضات تود اثبات أن قلبها على الشعب حقا، وتتألم لما آلت اليه بلاد الشام وتود انهاء معاناة الشعب واعمار سوريا، فليس أبسط من أن تلجأ الى مبادرة تحرج النظام تتمثل في اعلان تملصها من المسلحين المأجورين وفرق الموت والاعدام الميداني والوحوش الجديدة، وتعمل على اخراجهم من سوريا كما أدخلتهم، وهذا ليس بالأمر المستحيل لأنه سبق للنظام أن صالح محاربين سوريين بعدما سلموا سلاحهم وعادوا ليكونوا مواطنين عاديين كما كانوا، فالنظام لن يتوانى عن مصالحة المعارضين في الخارج اذا أثبتوا للشعب أنهم فعلا وطنيون وعادوا الى الوطن، ليعملوا مع كل الأطراف وعلى رأسها النظام الشرعي لاعادة الثقة وبناء الوطن من جديد.
لكن هل يقوم بذلك من يعيش حياة رفاهية متنقلا بين أفخم الفنادق في العالم والخليج وتركيا، ويأكل أفضل الطعام وينعم بدفء حار وينعم بحياة الرفاهية، بينما الشعب السوري الذي "يحاربون من أجله" كما يدعون ويتكلمون باسمه ظلما وعدوانا واكراها، الشعب المشرد في المخيمات والذي يموت يوميا في عرض البحار، هل يمكن لأولئك المارقين والمأجورين أن يقوموا بمبادرة تكشف حقيقتهم وتسقط عنهم ورقة التوت؟!