عذاب القبر أكثر حقيقة يؤمن بها المسلمون ويخشونها، فهو عذاب الله يعاقب به الكافرين، المنافقين والعصاة بعد الموت وقبل الحساب إلى يوم غير معلوم وهو يوم القيامة.
عذاب القبر أكثر حقيقة يؤمن بها المسلمون ويخشونها، فهو عذاب الله يعاقب به الكافرين، المنافقين والعصاة بعد الموت وقبل الحساب إلى يوم غير معلوم وهو يوم القيامة، أشهر ما أطلق على عذاب القبر هو مصطلح عذاب البرزخ أي العذاب بين الدنيا والأخرة وهو مصدق عليه في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
الأقوال الواردة عن أهمية الإيمان بعذاب القبر
عن الشيخ ابن تيمية نقلًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبات عذاب القبر أنه قد يكون نعيمًا لمن كان أحق بذلك وأول شروط تحقيق النعيم الإيمان بالعذاب ولا يشترط التفكير في كيفيته العذاب لأنه قد ذكر أنه يأتي بما تحتار فيه العقول، وأكد على ذلك قتادة رحمة الله عليه قائلًا "عذابا في الدنيا وعذابا في الأخرة".
أما عن المناوي رحمه الله ذكر أن عذاب القبر حق وهذا ما أكده أيضًا الإمام الغزالي في قوله أن من أنكر عذاب القبر فهو مبتدع، ومحجوب عنه نور الإيمان ونور القرآن فهو قد يكون حفرة من حفر النار أو أن يكون روضة من رياض الجنة لمن كان يؤمن به.
ومن أقوال السيوطي رحمه الله عن عذاب القبر من أقوال العلماء أن عذاب القبر وهو ما يسمى عذاب البرزخ فقد أضيف إلى القبر وكل ميت ملاقيه فإذا أراد الله تعذيب شخص ما نال عذابه أي كانت طريقة وفاته سواء كان غريقًا أو حرق وصار رمادًا أو حتى أكلته الدواب.
أسباب عذاب القبر
وتعددت الأسباب المؤدية لعذاب القبر وهي تنقسم إلى أسباب مفصلة وأسباب جملة.
من ضمن الأسباب المفصلة التي تؤدي إلى عذاب القبر فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد أخبر الصحابة عن الرجلين الذين تعذبا في قبورهما فكان أحدهم يفشي النميمة بين لبشر، أما عن الشخص الأخر فكان لا يستبرأ من البول والمعروف عن ذلك أنه ترك الطهارة الواجبة ومن أشد المنكرات عذابًا في القبر بالترتيب حسب الأكثر شدة:
• الكفر ومعصية الله
• البكاء والنواح على الميت.
• عدم الاستبراء من البول.
• النميمة والغيبة.
• الحقد والغل.
• الكذب.
• أكل الربا.
أما هن الأسباب المجملة فالميتون يعذبون على جهلهم عدم معرفتهم بالله عز وجل، عدم إتباع أوامره وارتكابهم للمعاصي التي نهي عنها، فالله لا يعذب أبدًا روحًا عرفته، أطاعته وأحبته وأتبعت أوامره واجتنبت كل نواهيه، فعذاب القبر وعذاب الأخر دليل على غضب الله سبحانه وتعالى وسخطه على الإنسان.
ومن دلائل السنة النبوية على أن الشرك بالله عز وجل من أهم أسباب عذاب القبر:
"بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا.
قَالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ".
أما عن أكل الربا فهي من أشد مسببات عذاب القبر وذلك لأن الله سبحانه وتعالى نهى عن الربا فهو من أشد وأعظم الكبائر التي يرتكبها الإنسان في حق نفسه، قد أقسم الله عز وجل في كتابه العزيز بأشد العذاب لأكل الربا وأكد ايضًا على العذاب الشديد في الدنيا والأخرة حيث ورد في سورة البقرة الآية رقم 279 " فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ" ولا يقوى أحد من البشر على حرب الله سبحانه وتعالى كما ورد أيضًا في سورة يوسف الآية رقم" والله غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ".
فيعد الربا من الأمور شديدة الهلاك والتي يقع فيها الكثير من البشر وينسون أن الرزق بيد الله عز وجل وطمعوا في الكسب السريع دون الانتباه إلى الوقوع في الأمور المحظورة والتي ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الموبقات الشديدة أخيرًا فقد تم تحريم الربا لمصلحة المجتمع الإسلامي والحفاظ على أفراده من الهلاك والحقد.
ولا شك في أن الكذب من أكثر القبائح وأسوأ ما يتحلى به حلق الإنسان، فقد نكره الجميع حتى قبل دخول الإسلام فكان كفار قريش يلقبون سيدنا محمد قبل نبوته بالصادق الأمين تأكدين على صدقه مع قبيلته، وجاء الإسلام ليؤكد على ذلك مؤسسًا قواعد الدين أن تكون بناء على الصدق.
فالإنسان الكاذب لا إيمان له، والنفاق مبني في أساسه على مبدأ الكذب فالمنافقون لا يظهروا للناس ما في بطونهم ولذلك فلقبهم عند الله عز وجل بالكاذبين وأقر على ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ"
المنجيات من عذاب القبر
• قراءة سورة الملك يوميًا قبل النوم فورد عن أحد الصحابة "ضَرَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ محمد صلى الله عليه وسلم خِبَاءَهُ عَلَى قَبْرٍ ، وَهُوَ لا يَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ ، فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا ، فَأَتَى النَّبِيَّ محمد صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنِّي ضَرَبْتُ خِبَائِي عَلَى قَبْرٍ ، وَأَنَا لا أَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ ، فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الْمُلْكِ حَتَّى خَتَمَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم : هِيَ الْمَانِعَةُ ، هِيَ الْمُنْجِيَةُ ، تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".
• الإكثار من الأعمال الصالحة فروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله "إِذَا دَخَلَ الإنْسَانُ قَبْرَهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا أَحَفَّ بِهِ عَمَلُهُ، الصَّلاةُ وَالصِّيَامُ".
• الموت بأمراض الكبد.
• الميت يوم الجمعة فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من يمت يوم أو ليلة الجمعة وقاه الله عز وجل من عذاب القبر.
• الموت مجاهدًا في سبيل الله.
وما يتردد في أذهان الجميع عن عذاب القبر : هل هو دائم إلى يوم القيامة؟ أم أن العاصي يعذب ليوم واحد فقط حنى يتحول إلى جثة هامدة؟
فقد ورد عن أحد العلماء أن الفترة التي يعيشها الإنسان بين الموت والبعث قد تكون في نعيم أو جحيم وقياسًا على ذلك قد يكون القبر روضة من الجنة أو يكون حفرة من النار.
وهذه الحياة إما أن تكون نعيماً وإما أن تكون جحيماً، والقبر فيها إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران.
فدليل على استمرارية عذاب ونعيم القبر إلى يوم الدين استشهادًا بآيات من القرآن الحكيم والسنة النبوية:
• عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ ".
• "عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ: نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر".
• وورد عن الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه في قوله عن عذاب القبر "أما إن كان الإنسان كافراً والعياذ بالله فإنه لا طريق إلى وصول النعيم إليه أبداً، ويكون عذابه مستمراً، وأما إن كان عاصياً وهو مؤمن فإنه إذا عذِّب في قبره يعذَّب بقدر ذنوبه، وربما يكون عذاب ذنوبه أقل من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة، وحينئذ يكون منقطعاً ".