صلاة الاستخارة شرع الله عز وجل صلاة الاستخارة ليعرض العبد ما يشغله ويعرقل حياته على ربه ويستخيره في أمره فيختار الله له ما هو أصلح وأفضل له دينيا ودنيويا.
صلاة الاستخارة كثيرا ما يصاب المرء بحالة من الضياع بين أمور الدنيا التي تلاحقه يوما بعد يوم، فهو يتعرض للكثير من صعاب الحياة ومشاكلها وعواقب تلك المشكلات على حياته وعلى طريقة تعامله مع الآخرين فيما بعد، تلك المواقف الحياتية بعضها مصيري يعجز هو عن حله وكثيرا ما يجد نفسه وحيدا في مواجهة مثل هذه الأمور فلا يجد له ناصحًا ولا مرشدًا، ولهذا نجد أن هناك علاقة وثيقة بين توفيق المرء ونجاحه في حياته وبين قربه من الله عز وجل وطاعته والبعد عن معصيته، قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، دائما ما نحتاج عون الله ومساعدته للخروج من أزماتنا ولتفريج ما بنا من كرب ولهدايتنا للطريق المستقيم وحمايتنا من الوقوع في الخطايا والمعاصي، ولأن الصلاة عماد الدين والسجود من أكثر المواضع التي تقرب العبد لربه شرع الله عز وجل صلاة الاستخارة ليعرض العبد ما يشغله ويعرقل حياته على ربه ويستخيره في أمره فيختار الله له ما هو أصلح وأفضل له دينيا ودنيويا. فالاستخارة تعني طلب الخِيَرة من الله تعالى في أمر من الأمور المشروعة والمباحة.
كيف تتم صلاة الاستخارة؟
بعد أن شرع الله تعالى صلاة الاستخارة لتعين العبد على قضاء حوائجه واختيار الصالح له دينا ودنيا؛ جاءت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين كيفية صلاة الاستخارة وخطوات القيام بها، كما فسر العديد من الفقهاء ذلك الأمر في عدة مواضع، ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي توضح كيفية قضاء صلاة الاستخارة ما يلي:
• روى ابنُ حبان من حديث أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قوله - عليه الصّلاة والسّلام: (إذا أراد أحَدُكم أمرًا فلْيقُلِ : اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُكَ بعِلْمِكَ وأستقدِرُكَ بقدرتِكَ وأسأَلُكَ مِن فضلِكَ العظيمِ فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدِرُ وتعلَمُ ولا أعلَمُ وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ اللَّهمَّ إنْ كان كذا وكذا - للأمرِ الَّذي يُريدُ - خيرًا لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي وأعِنِّي عليه وإنْ كان كذا وكذا - للأمرِ الَّذي يُريدُ - شرًّا لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاصرِفْه عنِّي ثمَّ اقدُرْ لي الخيرَ أينما كان لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ).
• روى البخاريّ في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أصحابَه الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يُعَلِّمُ السورةَ من القرآنِ، يقولُ: (إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُلْ : اللهم إني أَستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرتِك، وأسألُك من فضلِك، فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم فإن كنتَُ تَعلَمُ هذا الأمرَ - ثم تُسمِّيه بعينِه - خيرًا لي في عاجلِ أمري وآجلِه - قال : أو في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهم وإن كنتَ تَعلَمُ أنه شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - أو قال: في عاجلِ أمري وآجلِه - فاصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان ثم رَضِّني به).
ومن هنا نجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الأول ذكر الدعاء فقط ولم يذكر صلاة ركعتين قبلها بخلاف ما يحدث في الحديث الثاني حيث أمر بصلاة ركعتين ثم قول الدعاء، ولذلك فإن هناك طريقتين لإتمام أمر الاستخارة وهما:
• صلاة العبد ركعتين قبل قراءة دعاء الاستخارة، مع مراعاة ألا تكون تلك الركعات من صلاة فريضة، بل يجب تخصيصها كنافلة مستقلة.
• قراءة دعاء الاستخارة دون صلاة وذلك عندما يمر المرء بأمر طارئ أو عذر شرعي يمنعه من الصلاة، أو عندما يعتاد المرء على الاستخارة حتى في أبسط الأمور بشكل متكرر.
ما هي الأمور الواجب مراعاتها عند القيام بالاستخارة؟
صلاة الاستخارة شأنها شأن غيرها من الصلوات يجب اتباع العديد من الأمور التي من شأنها أن تجعل الصلاة مقبولة وتفي بالغرض منها من انشراح الصدر واطمئنان القلب والتقرب لله عز وجل، ومن الأمور الواجب مراعاتها في صلاة الاستخارة ما يلي:
• الاهتمام بإتمام الوضوء على أكمل وجه.
• استقبال القبلة عند الدعاء.
• أن يستهل المرء الدعاء ويختمه بحمد الله تعالى والصلاة على رسوله –صلى الله عليه وسلم-.
• أن ينام المرء على طهارة.
• أن يحسن التوكل على الله وأن يؤمن بأن ما يصيبه من خير أو شر هو من عند الله يقدره له.
• لا يتوقف أمر صلاة الاستخارة على وجود رؤية أو منام، بل يمكن ألا يرى المرء في منامه أي رؤية ومع ذلك يجد أن ذلك الأمر أصبح يسير ويحالفه التوفيق في تحقيقه، وعلى العكس؛ قد يجد أن الأمور تزداد تعقيدا فيعلم حينها أنه من شر الأمور التي صرفه الله عنها، ويحدث ذلك عند تمام توكل العبد على ربه.
متى تتم صلاة الاستخارة؟
لا يوجد وقت خاص بصلاة الاستخارة، فهي متاحة للمرء متى أراد أن يستخير الله في أمر من أموره، إلا أنها مثلها مثل باقي الصلوات فريضة كانت أو سنة يجب فيها مراعاة تجنب الأوقات التي لا يستحب للمرء الصلاة فيها، وذلك حتى تتم صلاة الاستخارة كما يجب.