الاسراء والمعراج من المعجزات الإلهية والأحداث التي يحتفل بها المسلمين في كل يوم، فحادثة الاسراء والمعراج وما مر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لا يمكن اعتباره على أنه أمرًا عاديًا ولكنه كما قلنا معجزة الهية كرم الله بها الرسول صلى الله عليه وسلم واعطاه دليل وبيان قوي يقف به أمام من يكذبوه من قومه.
في رحلة الاسراء والمعراج سافر الرسول إلى الأراضي المقدسة وليس هذا فقط فالرسول صلى الله عليه وسلم في رحلة الاسراء والمعراج صعد إلى السماوات ولعل الهدف الأكبر من رحلة الاسراء والمعراج هو تخفيف آلام الرسول صلى الله عليه وسلم وحزنه الناتج عن وفاة السدة خديجة وعمه رضي الله عنهما.
متى وقعت حادثة الاسراء والمعراج؟
في الحقيقة لم يتم التأكد من التاريخ الفعلي لحادثة الاسراء والمعراج ولكن هناك رأيان يحددان الوقت الخاص بها، فبعض الآراء تذهب للقول بأن رحلة الاسراء والمعراج حدثت قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة أعوام بينما بعد الآراء الأخرى تقول أن الرحلة حدثت قبل الهجرة بعامٍ واحدٍ فقط.
المكان الذي انطلقت منه رحلة الاسراء والمعراج
كما أن تاريخ رحلة الاسراء والمعراج به قولان كذلك مكان انطلاق الرحلة نفسه فالبعض يقول أن رحلة الاسراء والمعراج بدأت من المسجد الحرام وذلك عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم نائمًا في الحجر، والبعض الآخر يظنون أن الرحلة بدأت من بيت أم هاني بنت أبي طالب، بينما هناك مجموعة تقول عن مكان انطلاق الرحلة أن كل الحرم مسجد.
رحلة المعراج إلى السماوات السبع
رحلة المعراج هي التي صعد فيها الرسول عبر السماوات السبع وتبدأ هذه الرحلة عندما سار جبريل بالرسول صلى الله عليه وسلم وجعله يصعد على الصخرة المشرفة ومن ثم حمله فوق جناحيه، وأخذ يصعد بالرسول سماء تلو الأخرى، فبعد أن استفتح واستأذن رأى الرسول أحداث السماء الأولى ثم صعد إلى السماء الثانية أيضًا بعد الاستفتاح والاستئذان وبها رأى المسيح عيسى بن مريم وسيدنا زكريا عليهما السلام وبعدها صعد به جبريل إلى السماء الثالثة فرأى بها سيدنا يوسف وفي السماء الرابعة رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ادريس عليه السلام، ورأى هارون عليه السلام في السماء الخامسة، وبعد أن ارتقى إلى السماء السادسة رأى موسى ، وفي السماء السابعة رأى سيدنا ابراهيم عليه السلام.
وعندما وصلا إلى سدرة المنتهى لم يستطع جبريل التقدم بالرسول الكريم أي خطوة أخرى فهنا تنتهى مهمته ثم أوصله إلى ملكٍ آخر العرش وقام بإنطاقه صيغة التحيات حيث قال صلى الله عليه وسلم " التحيات المباركات والصلوات الطيبات لله".
وفي هذا المكان فرضت الصلاة على الرسول وعلى المسلمين الصلوات الخمس ولكن كان بداية الفرض خمسين صلاة في كل يوم ولكن بعد أن وصل الرسول إلى مكان سيدنا موسى طلب من أن يسأل الله عز وجل التخفيف عن أمته في الصلوات فظل الرسول الكريم يطلب التخفيف حتى وصلوا إلى خمس صلوات في اليوم بعدها استحى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطلب من ربه التخفيف فناداه الله حينها" إنِّي قد فرضْتُ عليكَ وعلى أمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَالْخَمْسُ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبادي".
وبعدها أعاد جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مضجعه حيث كان نائمًا، ويقول الرسول الكريم أن هذه الرحلة الطويلة والتي لم تستغرق سوى ليلة واحدة رأى فيها الرسول الجنة والتي تحوي ما تشتهي الأنفس وما لا عين رأت ولا أذن سمعت كما أنه رأى النار وما بها من عذاب وأهوال، وكل هذا لتظل رحلة الاسراء والمعراج معجزة الهية مُيز بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
أحداث رحلة الاسراء والمعراج
يمكن تقسيم أحداث رحلة الاسراء والمعراج إلى قسمين أولهما الخاص برحلة الإسراء والذهاب إلى المسجد الأقصى والآخر رحلة المعراج إلى السماء وهما كما يلي:
رحلة الإسراء إلى المسجد الأقصى
يحكي الرسول صلى الله عليه وسلم عن رحلة الاسراء فيقول أنه رأى ثلاثة ملائكة وكان فيهما جبريل وميكائيل عليهما السلام وقاموا بجعل جسد الرسول صلى الله عليه وسلم ناحية ظهره وكان مستقبل الأرض وهو نائم وبعدها قاموا بفتح بطنه أي شقها وتطهير وغسل كل ما فيها بماء زمزم الطاهر وبعدها صبوا في قلبه الايمان والحكمة، وخيره بين اللبن والخمر فاختار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اللبن وشربه وبعد هذا قام جبريل عليه السلام بتبشيره الفطرة واركابه دابة اطلق عليها البراق.
بعد أن ركب الرسول صلى الله عليه وسلم البراق وكان جبريل يقوده انطلق حتى وصلوا إلى الأراضي المقدسة أي عند المسجد الأقصى ونزل بطيبة وصلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره عن هجرته إليها كما جعله يرى طور سيناء وهو المكان الذي كلم الله عز وجل فيه رسوله موسى فصلى فيها الرسول، كما ذهبا إلى بيت لحم وهو مكان ولادة المسيح عيسى بن مريم وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم هناك أيضًا.
بعدها أخذه جبريل إلى البيت المقدس وربط البراق في حلقة كان جميع الأنبياء يربطون بها دابتهم، وعندما دخل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المسجد وجد جميع الأنبياء والمبعوثين قبله هناك فسلم عليهم وأم بهم الصلاة لركعتين.
يمكن أن تكون معجزة الاسراء والمعراج لم تذكر بالاسم داخل آيات القرآن الكريم ولكن هناك العديد من السور التي ضمت في محتواها اشارة ومعاني عدة عن صعود الرسول إلى السماء السابعة ومنها قوله العزيز: "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى*عِندَ سِدْرَةِ المنتهى*عِندَهَا جَنَّةُ المأوى*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يغشى*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طغى*لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى" صدق الله العظيم.