تابع راديو الشمس

مدينة عكا؛ تاريخ وحضارة لن تموت

مدينة عكا؛ تاريخ وحضارة لن تموت

مدينة عكا وهي واحدة من مدن التراب الفلسطيني العزيزة على قلوب العرب والمسلمين، وهي مدينة عربية أصيلة وعريقة، يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، ونستعرض في هذا المقال أبرز المعلومات حول تلك المدينة، وأصل تسميتها وتاريخ نشأتها.


الموقع الجغرافي وسكان مدينة عكا

هي واحدة من أقدم وأهم المدن الفلسطينية التاريخية، وهي اليوم تقع تحت قبضة المحتل الإسرائيلي، الذي استولى على غالبية الأراضي الفلسطينية، ومن بينها مدينة عكا التي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط شرقًا، وقد وقعت في قبضة الاحتلال الإسرائيلي عقب حرب عام 1948، والتي انهزمت فيها القوات العربية، ودانت السيطرة الكاملة للمحتل الإسرائيلي على الأراضي العربية.


وتبعد مدينة عكا عن مدينة القدس المحتلة، قرابة مئة وواحدٌ وثمانون كيلو مترًا إلى الشمال الغربي من المدينة المقدسة، وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه المدينة نحو 13.5 كيلومتر مربع، فيما يبلغ عدد السكان فيها نحو 46 ألف نسمة وفق آخر إحصاء تم لعدد السكان في المدينة، قبل أحد عشر عامًا، وتحديدًا في عام 2008.


تاريخ مدينة عكا

وللحديث عن تاريخ هذه المدينة العريقة ، فإن تاريخ تأسيسها يرجع إلى العام 3000 قبل الميلاد، وقد تم تأسيسها على أيدي الكنعانيين، أو الذين يُعرفون بـ "الجرشانين"، والذين حولوا منها إلى مركزٍ تجاري، وكانت في الماضي تسمى بـ "عكو"، وهي تحمل معنى "الرمل الحار"، بعد ذلك وفي مرحلة لاحقة، أصبحت جزءًا من دولة الفينيقيين، وتبع ذلك مرورها على عددٍ من المحتلين والغزاة مثل الإغريقيين والرومان، والفرس، والفرنجة الصليبيون في أوروبا.


إلى أن تمكن الفاتحون المسلمون من دخول مدينة عكا وذلك في عام 636 بالتقويم الميلادي، الموافق لـ 16 بالتقويم الهجري، بقيادة "شرحبيل بن حسنة"، وبعدها بأربعة أعوام، وفي عام 20 هـ أنشأ معاوية بن أبي سفيان فيها دارًا لصناعة السفن، حتى أصبحت منطلقًا لأولى الغزوات والفتوحات الإسلامية إلى جزيرة قبرص في عرض البحر الأبيض المتوسط، وذلك بعد مرور ثمانية أعوام فقط، وتحديدًا في عام 28 هجرية.


ظلت مدينة عكا تحت الحكم الإسلامي، فمرت عليها الأعوام تلو الأعوام، لكن أشهر فتراتها التاريخية، تلك التي حكم خلالها "أحمد باشا الجزار"، فقد بلغت في تلك الفترة أزهى عصورها، وأشهر أمجادها، ففي عام 1799 بالتقويم الميلادي.


شهدت هذه المدينة بطولة ستظل محفورة في التاريخ العربي والإسلامي، خاصة بعد نجاحها في وقف الزحف الفرنسي على المنطقة العربية، والذي قاده القائد العسكري "نابليون بونابرت"، والذي وصل إليها، بعد أن تمكن من احتلال مصر، والساحل الفلسطيني، ثم قام بحصار مدينة عكا، في حصارٍ شديدٍ ذكرته كتب التاريخ، إلا أن صمودها أهلها البطولي، وقادها أحمد باشا الجزار، حال دون تمكن قوات نابليون بونابرت، من احتلالها، ومع فشله في اقتحام هذه المدينة والاستيلاء عليها، انتهت أحلام نابليون بونابرت من استكمال مساعيه في السيطرة على المنطقة الشرقية من العالم، فقام على الفور بسحب جيوشه من المنطقة.


مكانة عكا

تتميز بأنها تحتل موقعًا اقتصاديًا وتجاريًا رائعًا، فلها ميناء كبير يطل على البحر الأبيض المتوسط، وهو يعد واحدً من أهم وأقدم الموانئ في فلسطين، بل إنه أحد أكثر الأماكن التاريخية في فلسطين، والتي استغلت في صيد الأسماك، كما أن مدينة عكا تتميز بأن تمتلك موقع أثري مهم للغاية، ويرجع ذلك إلى احتوائها على الكثير من الآثار والمعالم التاريخية، والأماكن الأثرية القديمة، وذلك من غالبية الحضارات القديمة في العصور الغابرة، ومن بين تلك المعالم الأثرية منطقة "السوق الأبيض"، وكذلك "حمام الباشا"، وهنالك أيضًا "خان العمدان"، كما توجد كذلك قلعة عكا المميزة بأسوارها الحصينة، كما يوجد أيضًا الممر الألماني، وجامع الجزار، والذي ترجع تسميته إلى زمن أشهر حكام مدينة عكا، وهو أحمد باشا الجزار، والذي تم تأسيسه في عام 1781 بالتقويم الميلادي، الموافق للعام 1196 بالتقويم الهجري، فضلًا عن الكثير من المعالم التاريخية الموجودة في تلك المدينة العريقة.


التقسيم الجغرافي لمدينة عكا

في الوقت الحاضر، تقسم إلى قسمين، القسم الأول هو البلدة القديمة، المُحاطة بالأسوار، إلى جانب الضاحية الجديدة للمدينة، والتي تمتد إلى الشمال، وكذلك الشمال الشرقي لأسوار المدينة القديمة، وتتميز عكا بتنوع التشكيل السكاني لها ما بين العرب واليهود.


يوجد أيضًا مركزًا ومعبد لأبناء الديانة البهائية، والذي يعتبر واحدًا من أهم المعابد لأصحاب الديانة البهائية في العالم، وذلك إلى جانب المعبد الآخر الموجود في مدينة حيفا، هذا ويظهر في أبنية عكا فن العمارة في الزمن الفاطمي، وفترة الحقبة الصليبية التي مرت بالمنطقة العربية، وكذلك الفن على الطراز العثماني إبان حكم الخلافة العثمانية.


كما تتميز هذه المدينة أيضًا بعمارة جامع الجزار، والذي تم تشيده من أعمدة رخامية قديمة، أمام المدينة القديمة في مدينة عكا، فيرجع بنائها إلى عهد الحملات الصليبية في المنطقة العربية.


عكا تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي

أما عن تاريخ وقوع مدينة عكا الفلسطينية في قبضة المحتل الإسرائيلي، فوقع ذلك في عام 1948 عقب الحرب التي وقعت بين العرب والجماعات الصهيونية، وقد وقعت مدينة عكا تحديدًا عقب قيام المنظمات اليهودية باحتلالها في توابع عملية "بن عمي"، والتي شهدت وقوع مجازر مروعة، قامت بعدها العصابات الصهيونية بترويع سكانها العرب وقامت بطرد معظمهم من مدينة عكا.


وعقب النكبة الفلسطينية قامت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، بعدة ممارسات كرست العنصرية في تلك المدينة، ومن بينها عمليات ترميم المنازل العربية في المدينة، وكذلك استهداف دور العبادة للمسلمين، فضلًا عن القيام بتغير أسماء الشوارع والأحياء العربية واستبدالها بأسماء أخرى عبرية.


خلاصة القول، إذا نجح الاحتلال الإسرائيلي أو غيره، في طمس معالم مدينة عكا العربية الفلسطينية، فإن التاريخ سيظل يذكرها كمدينة عربية عريقة، وستعود يومًا ما إلى أحضان العرب والمُسلمين، لتكون شهادة إلى مدينة من أقدم وأهم المدن في الساحل العربي المطل على البحر الأبيض المتوسط.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على
إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول