تحيي الجماهير العربية اليوم الجمعة الذكرى الـ 42 ليوم الأرض الخالد، هذه الذكرى التاريخية الكفاحية دلالة البقاء والصمود في الوطن وذلك من خلال مسيرات في بلدات ومدن مختلفة في الداخل الفلسطيني والضفة الغربية وقطاع غزة.
أما في الداخل فالمسيرة المركزية ستكون في احدى بلدات مثلث يوم الأرض مدينة عرابة والتي تنطلق عند الرابعة بعد الظهر يسبقها مهرجان مركزي في رأس جرابا في النقب والذي يبدأ بعد صلاة الجمعة. أما في منطقة وادي عارة فالمسيرة المركزية ستكون لأراضي الروحة يوم السبت انطلاقًا من قرية معاوية. وستبدأ مراسيم هذا اليوم ذات الدلالات الخاصة لدى ابناء الشعب الفلسطيني بزيارات لأضرحة الشهداء في سخنين وعرابة وكفركنا والطيبة.
أحداث يوم الأرض
وتعود أحداث ذكرى يوم الأرض الى آذار عام 1976 بعد أن قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو في نطاق حدود مناطق ذو أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة مطلقة، وخاصّة في الجليل، على اثر هذا المخطّط قرّرت الجماهير العربيّة بالدّاخل الفلسطينيّ إعلان الإضراب الشّامل، متحدّية ولأوّل مرّة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السّلطات الإسرائيليّة، وكان الرّدّ الإسرائيليّ عسكريّ شديد إذ دخلت قوّات معزّزة من الجيش الإسرائيليّ مدعومة بالدّبّابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينيّة وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيّين العزل.
معركتنا مستمرة
وقالت لجنة المتابعة العليا في بيان لها، إن ذكرى يوم الأرض تحل في ظل استمرار معركتنا على ما تبقى من ارض مهددة بالمصادرة. والمعركة على توسيع مناطق نفوذ مدننا وبلداتنا لتستعيد بعضا من أراضينا المصادرة. كما أن المعركة مستمرة لإنقاذ مقبرتي عزالدين القسام في حيفا، وطاسو في يافا، وإنقاذ ما تبقى من مقابر ومساجد وكنائس في القرى الفلسطينية المدمّرة. وشدد البيان، على أن المعركة الأكبر من حيث حجم المؤامرة والمساحة، هي في النقب، الذي تواجه فيه جماهيرنا منذ عشرات السنين مؤامرات المصادرة والاقتلاع من الأراضي، وتدمير البلدات لغرض إقامة المستوطنات.
فإن كانت السلطات قد أعلنت عن تجميد مشروع برافر رسميا، إلا أن هذا المشروع الخطير قائم فعليا على الأرض، فها هي قرية العراقيب، تسجل الذروة بعد الذروة في عدد جرائم الهدم، فيما خطر التدمير والتهجير يداهم قرية أم الحيران. والخطر يتفاقم على قرية الفرعة وجوارها. وفي منطقة الروحة، في المثلث الشمالي، تشتد المؤامرة، على ثلث المساحة المتبقية بأيدي أصحاب الأراضي، فخط الكهرباء الذي تريد السلطات تمريره من أراضي الروحة، سيشل استخدام حوالي 5 آلاف دونم، معظمها من الأراضي الزراعية، من أصل 15 الف دونم.
وفي المقابل فإننا نخوض المعارك من أجل الحفاظ على المقابر، وخاصة مقبرة القسام في حيفا، وطاسو في يافا، إذ أن خطر المصادرة يتهدد عشرات الدونمات من المقبرتين، بما فيها من رفات الأجداد، وشواهد الوطن.
وكل هذا، في الوقت الذي تواصل مدننا وبلداتنا معاناتها من حالة الاختناق السكاني، ورفض السلطات توسيع مناطق النفوذ، نحو قسم من الأراضي المصادرة، في حين أن خطر الهدم ما زال يتهدد عشرات آلاف البيوت العربية، التي بنيت اضطرارا من دون ترخيص.
وهذا عرض موجز لأخطر ما نواجهه، وهذا ما يستوجب منا وقفة وحدوية، خاصة في احياء ذكرى يوم الأرض، فنحن كلنا مستهدفون من هذه المخططات، وتصدينا شعبيا لها، هو واجب أخلاقي ووطني أساس.
المؤامرة على شعبنا
كما تحل ذكرى يوم الأرض، في فترة تتفاقم فيها المؤامرة الصهيونية الأميركية على شعبنا الفلسطيني، بأوهام تصفية قضيته العادلة. فنحن نسمع منذ فترة عن أن الإدارة الأميركية بزعامة دونالد ترامب، تصيغ ما تسميه "مشروع حل"، في مطابخ عصابات المستوطنين وزعمائهم في الحكومة الإسرائيلية، تحت ما يسمى "صفقة القرن".
إن الإدارة الأميركية بزعامة ترامب، تثبت يوميا عداءها الاجرامي لشعبنا وحقوقه الشرعية، بدءا من دعم واضح للاستيطان، والقرار بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، ونقل السفارة الأميركية لها. والسعي لتدمير وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، ليس فقط من خلال حجب الميزانيات، وإنما أيضا السعي لتغيير تعريف "اللاجئ"، بهدف إغلاقها.
وإننا باسم جماهيرنا نحذر من هذه "الصفقة"، ونحذر من يحاول التواطؤ معها، وإضفاء شرعية لها، فلا شرعية إلا الشرعية الفلسطينية؛ ولا شرعية إلا شرعية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الى وطنهم. وكل عدا هذا، سيدوس عليه نضال شعبنا الفلسطيني، الذي علمت تجارب السنين انه لن يرضخ لمثل هذه المؤامرات؛ فترامب راحل، والزمرة الإسرائيلية الحاكمة حاليا راحلة، وفلسطين باقية، وشعبها باق فيها.
وفي ذات الوقت نحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ونؤكد أن أساس الأزمة أولا وأخيرا، هو الاحتلال وحصاره، الذي يفرض أيضا حصارات بصياغات أخرى لا تقل خطورة، على شعبنا في الضفة. وباسم يوم الأرض الخالد، ندعو المرّة تلو المرة، لإنهاء حالة البؤس الداخلية المدمّرة، حالة الانقسام المدمرة، التي استمرارها يشل حركة المقاومة الشعبية الضرورية لاقتلاع الاحتلال.