هيمنت الاحداث في الشرق الأوسط على اهتمام العالم مرة أخرى في عام 2007.
فمن التطورات في العراق، والمواجهات بين حركتي"فتح" و"حماس"، وتداعيات أزمة الملف النووي الإيراني، والفراغ السياسي في لبنان مرورا بالاوضاع السياسية والاقتصادية في مصر إلى العلاقة بين الغرب والاسلام تصدرت المنطقة اولويات وسائل الإعلام والمؤسسات الدولية وحكومات الدول الكبرى.
والأحداث بالنسبة لنا كافراد لا تقتصر على الصعيد العام بل هي شخصية وخاصة أيضا، من طموح في العمل او الدراسة إلى امنيات على صعيد الاسرة او ربما رغبة في تحقيق تغيير جذري في حياتنا.

![]() لقاءات متكررة بين الحريري وبري لم تسفر عن حل الازمة |
لبنان يودع العام بلا رئيس
يقفل عام 2007 على فراغ في سدة الرئاسة الاولى هو الاول منذ العام 1988 عندما تعطلت الانتخابات الرئاسية وحصل فراغ رئاسي.
يومها كانت الحرب الاهلية على اشدها وكان لبنان في انقسام، اما الفراغ اليوم فيحل وسط ازمة سياسية حادة تهدد بعودة شبح الحرب الاهلية.
وتحل نهاية العام من دون ان يظهر في الافق اي احتمال لحل قريب الا اذا حلت معجزة تبدو مستحيلة على الاقل حتى الآن. فكرسي الرئاسة الاولى فارغ، والمجلس النيابي معطل منذ اكثر من عام، اما الحكومة الحالية فتتعثر بفعل الصراع الداخلي على دستوريتها.
وهي، ومنذ الثالث والعشرين من الشهر الماضي تاريخ انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، اصبحت تعمل بصلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة وفق ما ينص عليه الدستور.
![]() مازال مقعد لحود شاغرا في انتظار الوصول لتسوية سياسية |
وقد عقدت الحكومة اول اجتماع لها بهذه الصفة واقترحت تعديل الدستور عبر اقرار مشروع قانون يسمح بانتخاب قائد الجيش الحالي لرئاسة الجمهورية.
خطوة الحكومة اثارت اعتراض المعارضة واعتبارها ان الخطوة لا قيمة دستورية لها. واعلن رئيس مجلس النواب اللبناني رفضه استلام مشروع القانون لتعديل الدستور. واشترطت المعارضة لانتخاب سليمان ان يكون في اطار اتفاق شامل يتضمن الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة يكون للمعارضة فيها الثلث المعطل.
وكانت الاكثرية النيابية الحالية قد رشحت قائد الجيش الحالي لرئاسة الجمهورية بعدما فشلت المبادرة الفرنسية في حمل الموالاة والمعارضة على اتفاق على اسم من بين سبعة اسماء اقترحها البطريرك الماروني نزولا عند اصرار فرنسا.
![]() فرنوسا الحاج كان ابرز المرشحين لقيادة الجيش خلفا لسليمان |
وبعد اسابيع قليلة على الترشيح سجل اول استهداف من طبيعته للمؤسسة العسكرية باغتيال رئيس العمليات في الجيش فرانسوا الحاج في منطقة بعبدا التى تعتبر منطقة امنية نظرا لوجود القصر الجمهوري فيها. والحاج كان الاسم المتداول لقيادة الجيش خلفا لقائد الجيش الحالي عند انتخابه رئيسا لجمهورية.
ردة فعل المرشح قائد الجيش الحالي كانت اشارة هي الاولى من نوعها برفضه الشروط المستبقة لانتخابه وتاكيده ان الثقة هي الضمانة الوحيدة . وقد جاء موقف سليمان في كلمة القيت باسمه في تشييع الحاج.
عودة اميركية على الخط
![]() بري في لقاء مع ميشيل سليمان المرشح لتولي مقعد الرئاسة |
كانت فرنسا الوسيط الوحيد منذ ما قبل انطلاق المهلة الدستورية . وقد جاء التحرك الفرنسي بتفويض اميركي تم في القمة الاميركية الفرنسية الاخيرة.
لكن واشنطن عادت الى الساحة بعد حصول الفراغ وزار ديفيد ويلش مساعد وزيرة الخارجية الاميركية بيروت مرتين.
وفي المرة الاخيرة اتهم ويلش المعارضة بتعطيل الانتخابات الرئاسية واعلن ان لا مبرر لعدم انعقاد جلسة الانتخاب بعد الاتفاق عى قائد الجيش كمرشح توافقي.
قابلت المعارضة عودة التحرك الاميركي باتهام واشنطن بتعطيل الحل فردت الاكثرية باتهام سوريا بمحاولة الامساك بالورقة اللبنانية للابتزاز حتى اسقاط المحكمة الدولية ،وايران بالسعي الى احداث انقلاب في لبنان على الدستور الحالي.
وبين الموقفين يبدو الانسداد تاما امام افق التسوية الداخلية، وهي نفس الصورة التى اقفل عليها العام 2007. لكن العام 2007 فتح على اشتباكات مذهبية هي الاولى منذ انتهاء الحرب، جاءت ترجمة للتأزم الساسي، فعلى ماذا سيفتح العام الجديد؟.
![]() حركة حماس استولت على غزة في عهد حكومة هنية |
عام الانقسام الفلسطيني
لكل أجل أوانه في الرحيل، وها هو عام آخر يرحل أيضاً مخلفاً وراءه إرثاً ثقيلاً من الانقسام داخل النظام السياسي الفلسطيني وسلطة قرار تتأرجح بين غزة ورام الله والكثير الكثير من الذكريات والمواقف يحملها الفلسطينيون معهم إلى العام الجديد.
فعلى ناصية أحد الشوارع في مدينة رام الله، التقينا أبا نزيه، يفترش الرصيف أمام متجره لبيع السجاد وحوله اجتمع جيرانه من التجار وبعض المارة في مشهد يكاد يكون مألوفاً لأهل المدينة.
، ويحتضن ابا نزيه ربابة احترف العزف عليها ومرافقتها بمواويله الحزينة التي غالباً ما تتناول الوضع السياسي ونشرة الأخبار السياسية وأخبار الحواجز العسكرية إن لزم الأمر.
آمال أبا نزيه للعام الجديد "تشبه ما تمناه العام الماضي والذي سبقه" كما يقول، وتتلخص بالنسبة له بالاستقرار والأمان المفتقدين في الأراضي الفلسطينية.
اما جاره وصديق عمره أبو وجيه يبدو أكثر تشاؤماً في ظل التطورات الأخيرة حيث "لم يخطر على بال أحد أننا سنشهد الأخ يقتل أخاه لأجل المناصب والسلطة وننسى أن الاحتلال ما زال قائماً يقتل أحلامنا وآمالنا بالجدار والاستيطان" .
عام الانقلابات السياسية
وبجدارة، استحق العام المنصرم لقب عام الانقلابات والزلازل السياسية..حيث خرجت السلطة التنفيذية من يد حركة فتح للمرة الأولى في تاريخ النظام السياسي الفلسطيني وشكلت حماس بقوة الأغلبية ثلاث حكومات متوالية في أقل من عام قبل أن تستولي على السلطة المطلقة في غزة حزيران يونيو الماضي.
وخلال العام المنصرم كذلك، رد الرئيس عباس على ما اصطلح على تسميته بانقلاب غزة بتضييق الخناق على أنصار حماس في الضفة فاعتقل أنصار الحركة وأغلق المؤسسات التابعة لحماس من إعلامية واقتصادية وثقافية.
![]() محمود عباس يرفض التفاوض مع حماس مالم تتخل عن ما وصفها بانقلابها |
وعمد عباس بعد ذلك الى تقوية أجهزته الأمنية وشرع في تطبيق خطة أمنية مرحلية كانت نابلس محطتها الأولى التي وصفها سلام فياض، رئيس حكومة الطوارئ الفلسطينية بأنها " تبشر بالكثير حيث تعيد لأجهزة الأمن الفلسطينية هيبتها وتفرض القانون بما ينهي حالة الانفلات الأمني ويحد من ظاهرة فوضى السلاح" .
هذه الخطة وإن حظيت بمباركة المجتمع الدولي، لم ترق لقادة حركة حماس.
فقد اعتبرها هؤلاء محاولة من الرئيس عباس لحسم الصراع على السلطة بينه وبينهم على حد وصف حسين أبو كويك، أحد أبرز قيادات حماس في الضفة الغربية وذلك "عبر الاستعانة بطرف ثالث يمثله الدعم الدولي لأجهزة الأمن التابعة في ولائها للرئيس عباس على حساب القوة التنفيذية التابعة لحماس".
احتدام الاستقطاب الحاد بين حركتي فتح وحماس انعكس على بقية الفصائل الفلسطينية بالغياب الكامل عن ساحة التأثير في القرار الداخلي، فيما ضلت أصابع الاتهام طريقها وهي تحاول تحديد المسئول المباشر عن هذه الحالة.
وفي الطريق أيضاً اختلط الشك باليقين حول قدرة الفصائل الأخرى على حسم الصراع وخلق الاستقرار المنشود.
وعن دور الفصائل الأخرى في حسم هذا الاستقطاب، قال بسام الصالحي، أمين سر حزب الشعب أن "النظام السياسي الفلسطيني الحالي يمثله يمين متطرف ومعتدلون أقرب لليمين وهناك حيز محجوز لليسار الفلسطيني الذي لا يبدو أنه يملأ هذا الحيز كما يجب".
ويعتقد الصالحي أن الكثير من العمل ينتظر اليسار الفلسطيني ليتمكن من ملئ الثغرة التي خلفها الاستقطاب بين قطبي القرار فتح وحماس.
ويبدو أن إنهاء حالة الاقتتال ونجاح الحوار بين الأخوة بغض النظر عن النتائج ستشكل مجتمعة شرعية جديدة للرئيس عباس تساعده على ان يستكمل بقوة فترة رئاسته التي اهتزت بقوة بعد سلبه السلطة والسيادة في غزة.
وهكذا سيشكل العام الجديد بكل وعوده وآماله العلامة الفارقة فيما يبدو وكأنه فرصة الشارع الفلسطيني الأخيرة لسلطته لضبط الوضع الذي هو من صنعها ومن مسئوليتها كذلك.
![]() قام الرئيس السوري بشار الاسد بأكثر من زيارة لطهران وانقرة |
سورية 2007: جبهتا السلام والحريات السياسية
شهد عام 2007 مساعي سورية لتعزيز العلاقات مع دول في المنطقة مثل ايران و تركيا، للخروج من العزلة الدولية.
فقد قام الرئيس السوري بشار الاسد بأكثر من زيارة لطهران وانقرة كما زار دمشق الرئيس الايراني احمدي نجاد اول ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان.
ودفعت الضغوط بدمشق الى تعزيز وجودها إقليميا حسب المحلل السياسي السوري، فايز سارة، الذي اشار الى تراجع الدور الاقليمي لسورية في جملة التطورات التي شهدتها المنطقة والعالم منذ بداية التسعينيات.
وهذا الدور حسب سارة يتركز حاليا في محاولة السوريين تأكيد وجودهم و حضورهم في في المنطقة و خاصة في العراق و فلسطين و لبنان، لافتا الى انه و بحكم التواجد الدولي والاقليمي في مواجهة النفوذ السوري فإن هذا الدور يتراجع ويستخدم كأداة للضغط ليس على السياسة الخارجية السورية فقط و انما في المجال الداخلي السوري ايضا و هذا ما جعل مشاكل و عقد هذه الساحات محورا اساسيا في المحادثات التي يجريها اي زائر للعاصمة السورية مثل الرئيس العراقي جلال طالباني والرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الاردني عبد الله الثاني.
واستطاعت دمشق مع نهاية العام ان تخرج من طوق العزلة و ان بشكل جزئي حيث بدأ عدد من القادة بالتوافد عليها للبحث في مشاكل المنطقة، فقد زارتها رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي و امين عام الامم المتحدة بان كي مون و عدد من وزراء خارجية الدول العربية والاجنبية.
عملية السلام
ورغم الدعوات المتكررة لدمشق لتحريك عملية السلام و ما قيل عن اتصالات سرية و علنية بين سورية و اسرائيل فإن عملية السلام على مسارها السوري بقيت في حالة جمود.
كما أصابت الغارة الاسرائيلية على منطقة دير الزور شمال شرق سورية بداية شهر سبتمبر ايلول هذه الجهود باحباط كبير خاصة.
وحددت سورية شروطها لاحياء عملية السلام بالتشديد على التزام اسرائيلي صريح وواضح بالسلام وفق مرجعية الارض مقابل السلام وبما يضمن عودة الجولان كاملاً حتى خط الرابع من حزيران 1967 كما كرر رفضه لاية مفاوضات سرية مطالباً بضمانات على شكل وديعة للعودة الى مفاوضات مع اسرائيل.
الحريات السياسية
من ابرز الاستحقاقات الداخلية كان الاستفتاء على منصب رئاسة الجمهورية والذي اعيد بموجبه انتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية دستورية جديدة و لمدة سبع سنوات ابتداء من الشهر الخامس 2007.
وتم التأكيد في بداية الولاية الرئاسية على الحريات السياسية عبر خطوات تطويرية تساعد في تدعيم البناء الوطني عبر اصدار قانون للاحزاب السياسية لتعزيز المشاركة السياسية و تشكيل مجلس للشورى وبما يوسع دائرة اتخاذ القرار و التشريع ودعم اللامركزية الادارية.
هذه القوانين وجد فيها السوريون اطاراً لقوننة مفهوم الحريات وعدم تركه لسياسة غض النظر رغم ان الحريات على الصعد السياسية والاعلامية عانت بطئاً في انطلاقتها خلال عام 2007 حسب عضو مجلس الشعب السوري الدكتور محمد حبش و ذلك بسبب الضغوط الاقليمية المحيطة بسورية.
و يشير الى انه في الجانب السياسي والحريات "لم نشعر بتطور كبير في الفترة الرئاسية الاولى وحتى الان لا يبدو ان هناك تطور كبير في مجال الحريات".
ويضيف "دعنا نعترف بأن التطور بطيء في هذا السياق لا بل بطيء جداً" معيداً السبب الى التطورات الاقليمية و الدولية القاسية وبالتحديد منذ احتلال العراق.
لكن ورغم هذا فإن حبش يدعو الى خطوات اكثر شجاعة باتجاه اطلاق الحريات "يمكننا القول ان الحريات السياسية السورية لا تزال بحاجة الى جرعات من الخطوات الشجاعة و الجريئة" لافتاً الى وجود توجه لاطلاق الحريات السياسية معرباً عن تفاؤله بذلك بسبب قانون الاحزاب الذي سيمنح الاحزاب فرصة للعمل السياسي المباشر.
بينما يشير الدكتور عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سورية الى "تراجع على صعيد الحريات" داعياً الى ضخ المزيد منها في الحياة السياسية.
ويوضح قائلا: "لمسنا مع بداية العهد الجديد ومع بداية الولاية الاولى بعض الانفراجات على مستوى الحريات وان لم يكن على صعيد الدستور، ولكن على صعيد الممارسة لكن هذا لم يستمر حيث بدأت التراجعات ابتداء من السنة الماضية ايار 2006 اثر اعتقالات طالت اكثر من عشرة ناشطين اثر التوقيع على بيان اعلان دمشق بيروت".
ويضيف: " ومنذ ذلك الحين و حتى الان نلاحظ تراجعا على صعيد الحريات. ومع بدء الولاية الثانية استمر هذا التراجع وكان الكلام واضح من حيث تبدل الاولويات.
فبعدما كانت الاولويات هي الاصلاح الاقتصادي و الاجتماعي و الاداري تحدث الرئيس عن الاصلاح السياسي لكن مع بدء الولاية الثانية بدأ الحديث عن الاولوية للامن و الاستقرار و تحصين الجبهة الداخلية".
وقال قربي: "نحن كمنظمة حقوق انسان نعتقد ان الاولوية يجب ان تكون نحو ضخ المزيد من الحريات في المجتمع السوري".
في حين ترى الاعلامية سعاد جروس ان تغيرات كثيرة طرأت على صعيد الحريات في عهد الرئيس بشار الاسد بالنسبة للسنوات الماضية.
وتقول إن "الولاية الثانية شكلت استمرار للولاية الاولى ولا يمكن اجراء مقارنة، ولكن يمكن اجراء مقارنة بين مرحلة الرئيس بشار والمرحلة السابقة من حيث الحريات ولا شك ان هناك تغيرات كثيرة ان على مستوى الحريات والقوانين ساهمت في رفع سقف حرية التعبير".
وترى جروس أنه "لا يمكن ان يتم اصلاح حقيقي ويأتي بنتائج على الارض ما لم يبدأ باصلاح سياسي. ولكن للاسف بقي ملف الاصلاح السياسي مؤجل لعدة ظروف واسباب لا مجال لشرحها".
ويعتقد رئيس تحرير مجلة ابيض اسود، ايمن الدقر "مع بدء ولاية الاسد الاولى حصل انفتاح على الناس و الشارع السوري بشكل واضح و احياناً كانت النتائج سلبية او ايجابية".
ويضيف: "بتصوري صدور قانون الاحزاب و الاعلام قد تأخر لكن قد يكون هناك اسباب من اهمها الضغوطات التي مورست على سورية والتي هي بدات بالانفراج لكن بتقديري ان العملية جدية".
الاقتصاد
اما على الصعيد الاقتصادي فقد استطاعت سورية هذا العام دخول عالم صناعة السيارات بالتعاون مع ايران.
وخرجت الى العلن اول سيارة سورية (شام) في بداية العام وتبع ذلك وضع حجر الاساس لتأسيس مصنع اخر لتزويد السوق السورية بحاجتها من السيارات.
تعددت مفاجآت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال عام 2007. فقد فاجأ الكثيرين عندما اعلن عن خوضه الانتخابات البرلمانية على رأس قائمة حزب روسيا المتحدة، والتي فاز فيها الحزب باكثر من 80% من مقاعد مجلس النواب الروسي (الدوما).
وفاجأ بوتين المراقبين مرة اخرى عندما اعلن انه يقبل العمل رئيسا لوزراء روسيا بعد ان يغادر منصب الرئاسة في شهر مارس/آذار 2008، وبعد ان رفض تعديل الدستور ليستمر في الرئاسة لاكثر من دورتين.
![]() بوتين استطاع اعادة الاستقرار والنمو الى روسيا |
واستمرت الاثارة على الساحة السياسية الروسية مع اعلان بوتين دعمه لديميتري ميدفيديف لخوض انتخابات الرئاسية مرشحا عن حزب "روسيا المتحدة". وكان رد ميدفيديف هو مطالبة بوتين بان يقبل منصب رئيس وزراء الحكومة القادمة.
وميدفيديف، الذي يبلغ عمره 42 عاما، هو احد اقرب مساعدي بوتين. فقد عمل مع بوتين في مجلس مدينة سانت بطرسبورج (لينينجراد سابقا)، التي ينتمي اليها الرجلان. كما تولى ميدفيديف ادارة الحملة الانتخابية لبوتين، وتولى رئاسة فريق العاملين معه في الكرملين. ولاينتمي ميدفيديف الى المؤسسة العسكرية او جهاز المخابرات الروسي الذي عمل به بوتين فترة طويلة.
ويعني هذا ان بوتين سيستمر الرجل القوي في روسيا بعد ان يغادر مقعد الرئاسة. وفي الايام الاخيرة من عام 2007 فاجأت مجلة التايم الامريكية قرائها باختيار بوتين شخصية العام على الرغم من الانتقادات المكررة من وسائل الاعلام الامريكية له.
انجازات اقتصادية وسياسية
لا شك ان حضور بوتين الطاغي على المشهد السياسي في روسيا يعكس الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها بين الجماهير، وهي شعبية يقر بها مؤيدوه وكثير من معارضيه، ويعكس ايضا تأييد الكثير من القوميين الروس لجهود بوتين في اقامة دولة قوية مستقرة يكون لها وزن دولي يتناسب مع ما تتمتع به روسيا من امكانيات هائلة.
![]() ميدفيديف يحمل الطاعة والولاء لبوتين |
ويرجع هذا التأييد الى ما استطاع بوتين ان يحققه من انجازات اقتصادية وسياسية خلال فترة رئاسته التي بدأت عام 2000.
وحسب بيانات مجلة "الايكونوميست" البريطانية بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي في روسيا نحو 7% سنويا ابتداء من عام 2000، الامر الذي يعني زيادة هذا الناتج بنحو 50% خلال سبع سنوات من حكم بوتين.
والاقتصاد الروسي حاليا هو احد اكبر عشر اقتصاديات في العالم. كما تمتلك روسيا حاليا اكثر 500 مليار دولار من احتياطيات النقد الاجنبي مقابل لاشيء تقريبا عام 1998. وبلغت الاستثمارات الاجنبية نحو 45 مليار دولار.
وانعكس هذا على ابناء الطبقة المتوسطة في روسيا، اذ تحسن مستوى معيشة كثيرين منهم خلال فترة حكم بوتين.
استطاع بوتين ايضا اعادة سيطرة الدولة على مجموعة من القطاعات الهامة خاصة قطاع النفط والغاز، وهو امر استفادت منه الخزانة الروسية كثيرا مع ارتفاع سعر النفط من 15 دولارا للبرميل، قبل ان يتولى بوتين الحكم، الى اكثر من 90 دولارا للبرميل في عام 2007.
![]() بوتين على غلاف التايمز التي اختارته ابرز شخصيات العام |
على المستوى السياسي نجح بوتين في وقف التدهور والتخبط الذي عانت منهما روسيا في نهاية حقبة التسعينات. واستطاع تكوين ادارة قوية. وبدلا من تراجع دور روسيا دوليا، عادت تلعب دورا مؤثرا، وظهر حضور موسكو في عدة ملفات هامة تعارض فيها الموقف الغربي مثل ملف كوسوفو وملف البرنامج النووي الايراني.
وحسب ما ترى مجلة التايمز فان قيادة بوتين لروسيا نجحت في فرض الاستقرار على امة لم تعرف الاستقرار لحقب طويلة، ونجحت في اعادة روسيا كقوة عالمية.
ولهذا السبب قررت مجلة التايمز اختيار بوتين كابرز شخصية في عام 2007. ولا يعني هذا، كما تقول المجلة، تأييدا او معارضة لبوتين، ولكن تعني اعترافا بتأثيره الواسع على الاوضاع في دولة بحجم واهمية روسيا.
قمع المعارضين
على ان الصورة لا تكتمل الا بالنظر الى الجوانب السلبية من حكم بوتين، من بينها الاتهامات بتضخم ثروته التي يرددها معارضوه، والتي اوردتها وسائل الاعلام الغربية في عدة تقارير.
من بين هذه التقارير ما نقلته صحيفة الجارديان البريطانية عن المحلل السياسي الروسي ستانيسلاف بيلكوفسكي، نقلا عن مصادره الخاصة في الكرملين، من ان بوتين تمكن خلال فترة حكمه من جمع ثروة تبلغ نحو 40 مليار دولار.
ويقول بيلوفسكي ان بوتين يمتلك اسهما في ثلاث شركات غاز ونفط روسية، من بينها شركة "غازبروم" العملاقة للغاز، تديرها شبكة من المؤسسات والهيئات الدولية يتحكم فيها اصدقاء بوتين.
ويضيف بيلوفسكي ان بوتين ليس الوحيد الذي يمتلك ثروة هائلة بل هذا هو حال مجموعة كبيرة من المحيطين به الذين يحققون مكاسب هائلة من صفقات النفط والغاز. وما ردده بيلوفسكي عرضته صحيفة الجارديان على المتحدث باسم الكرملين فرفض التعليق عليه.
بالاضافة الى ما سبق فان حكم بوتين اتصف بقمع المعارضين بقسوة. ففي عام 2007 تم اغتيال صحفية روسية بارزة هي آنا بوليتكوفسكايا التي اشتهرت بانتفاداتها للكرملين ولاوضاع حقوق الانسان في الشيشان.
واشار مناصروها باصابع الاتهام لاجهزة الامن الروسية. وقبلها تم اغتيال الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتيفينينكو، المعروف بانتقاداته لبوتين، في لندن عن طريق التسميم بمواد مشعة.
وخلال الانتخابات البرلمانية الاخيرة في روسيا شكت الاحزاب المعارضة من عدم حصولها على فرصة حقيقية في وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الدولة، وشكت من ان امكانيات الدولة وضعت في خدمة حزب روسيا المتحدة الذي يتزعمه بوتين.
مجلة التايمز تقول ان بوتين ليس ديمقراطيا بالشكل الذي يعرفه الغرب، وليس مناضلا في سبيل حرية التعبير، وانما هدفه الاول هو استقرار الدولة، وهذا الهدف اهم عند بوتين من الحرية.
قد تختلف مع منهج بوتين او تتفق معه لكنه بلاشك حقق هدفه الاساسي، وهوبناء دولة قوية مستقرة، ويبقى التحدى الاساسي امامه هو الابقاء على استقرار هذه الدولة وادخال اصلاحات على نظامها تجعلها اكثر عدلا وحرية.
شهدت تركيا خلال عام 2007 عددا من الاحداث السياسية الساخنة، من بينها المواجهة السياسية بين حزب العدالة والتنمية الحاكم والمؤسسة العسكرية التي تعتبر نفسها حامية لمبادىء الجمهورية التركية التي اقامها مصطفى كمال اتاتورك في عشرينيات القرن الماضي.
ورغم العمر الطويل لهذه الجمهورية ووجود مؤسسات وبنى سياسية مماثلة لتلك الموجودة في الدول الديمقراطية بإستثناء الفترات التي تولى فيها الجيش بنفسه الحكم بعد انقلابات عسكرية، ظل عدد من المحرمات (التابوهات) السياسية راسخة في الحياة السياسية التركية رغم ان السياسة في المجتمعات الديمقراطية لا تعترف بالتابوهات.
دور سياسي
يرى الجيش ان هناك عددا من المبادىء لا يجوز المساس بها وهي بمثابة اسس الدولة التركية، وتشمل الاتاتوركية ( نسبة الى مصطفى اتاتورك) والملف الكردي والمسألة الارمنية وعلمانية الدولة والانتماء العرقي التركي لجميع سكان تركيا.
وهذا الوضع ادى الى دخول تركيا في مواجهات سياسية مع الخارج والداخل وما زالت تعرقل اتباع مقاربة موضوعية لعدد من المشاكل التي تعاني منها تركياعلى الصعيدين الداخلي والخارجي.
![]() يرى الجيش التركي انه مكلف بالدفاع عن مبادىء كمال اتاتورك |
المؤسسة العسكرية التركية ذات نفوذ واسع ولها اذرع طويلة، تمتلك مؤسسات صناعية وتجارية كبيرة وترتبط العديد من المؤسسات الاعلامية بها الى جانب السيطرة الكاملة على جميع الاجهزة الامنية ومؤسسة القضاء.
واغلب الاحزاب السياسية التركية لا تخرج عن رأي المؤسسة العسكرية في العديد من القضايا، عدا حزب العدالة والتنمية الذي يبدو انه الاستثناء في هذا المجال حيث وصفه الكاتب التركي الحائز على جائزة نوبل للاداب اورهان باموق بانه "الاكثر ديمقراطية" من علمانيي تركيا.
"الدولة العميقة"
يرى الكثيرون ان هناك تنظيما قويا سريا واسع النفوذ في تركيا يطلق عليه اسم "الدولة العميقة" او "الدولة المتجذرة" وهي عبارة شبكة كبيرة من الافراد والمنظمات التي تعمل تحت الارض وبعيدا عن الاضواء دون ان يتجرأ احد الى التطرق اليها او الحديث عنها ومهمتها "حماية الجمهورية التركية من الاعداء في الداخل والخارج" حسبما تدعي.
هناك شكوك حول تعاون اوساط على صلة بالجيش مع مجموعات وقوات خارج مؤسسات الدولة وبعيدا عن رقابتها تقوم باعمال قذرة مثل تصفية المعارضين وتنفيذ الهجمات ضد اهداف معينة بحيث يبقى الفاعل مجولا.
تحقيقات الشرطة لا تطال المسؤولين الفعليين عن توجيه وادارة هذه الانشطة ومثال على ذلك هجوم بقنبلة على مكتبة يمتلكها احد المتعاطفين مع حزب العمال الكردستاني في مدينة شمدينلي عام 2005 واسفر عن مقتل شخص واصابة اخر.
ولدى القاء السكان المحليين القبض على الشخصين الذين نفذا الهجوم تبين انهما ضابطان في الجيش وعثروا بداخل سيارتهما على اسلحة والا لكانت الجريمة قيدت ضد مجهول مثل العشرات من عمليات الاغتيال التي طالت شخصيات ديمقراطية او ليبرالية او كردية.
ويقول الكاتب اللبناني المتخصص بالشؤون التركية محمد نوري الدين "ان عمليات الاغتيال السياسي التي تشهدتها تركيا تطول كتابا وصحفيين ومثقفين دون ان تمس مسؤولا تركيا واغلب العصابات القومية ذات صلات قوية بالمؤسسات العسكرية والامنية والعديد من عمليات الاغتيال التي وصفت بانها مجهولة الفاعل تبين انها من تخطيط وتنفيذ مجموعات تابعة لضباط في الجيش".
ومهمة هذه المجموعات التي تعمل خارج القانون اثارة الفتن العرقية بين الاكراد والاتراك من اجل اظهار الحاجة لحضور الجيش ودوره في ضمان السلم والاستقرار الاهلي حسب قول نور الدين.
و العديد من الاعمال التي يمكن ان تؤدي الى اثارة الفتن المتنوعة من صنع "الدولة المتجذرة" والتي لم يتردد احد كبار الصحفيين الاتراك في الدفاع عن ممارساتها بل حتى في تجنيد عدد من الكتاب والصحفيين لخدمة اهدافها ووصف اعمالها "بانها ذروة العمل الوطني".
وفي الحالات التي يتم القاء القبض على الفاعل لا يتم التوسع في التحقيقات لمعرفة المسؤولين عن ادارة او توجيه هذه الاعمال.
![]() لا يشعر الجيش بالارتياح لتوجهات حزب العدالة والتنمية |
مواجهة
شهدت تركية عام 2007 انتخابات برلمانية مبكرة احتفظ بنتيجتها حزب العدالة والتنمية باغلبية كبيرة في مجلس النواب.
وجرت الانتخابات بعد فشل مرشح حزب العدالة والتنمية لمنصب رئيس الجمهورية عبد الله جول في الحصول على العدد الكافي من الاصوات بعد مقاطعة الاحزاب المعارضة للجلسات الثلاث متذرعة بالميول الاسلامية لجول ولمنع وصول زوجة جول المحجبة الى القصر الجمهوري.
وكان يتوقع ان يرشح رجب طيب اردوغان نفسه لهذا المنصب لكنه تراجع بعد المعارضة الشرسة من قبل المعارضة والجيش وجاء ترشيح جول لهذا المنصب في محاولة لتخفيف هذه المعارضة باعتباره اكثر اعتدالا من اردوغان لكن ذلك لم يمنع اصدار الجيش لانذاره الشهير ضد ترشيح جول لهذا المنصب.
وبدلا من الدخول مواجهة مفتوحة مع الجيش التركي والمعارضة التي تدور في فلكه اتخذ اردوغان خطوة ذكية بالدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة بعد ان تأكد من فوز حزبه فيها مستندا إلى الانجازات الكبيرة لحزبه خلال سنوات حكمه.
حاول الجيش التركي بكل قوة جمع عدد كبير من الاحزاب التركية المعارضة لحزب العدالة والتنمية في تحالفات جديدة لكي تتجاوز نسبة العشرة بالمائة الضرورية لدخول البرلمان بحيث يؤدي ذلك الى بعثرة اصوات الناخبين وتتراجع حصة حزب العدالة في مقاعد البرلمان لكنه فشل.
كما ترافق ذلك بحملة اعلامية قوية وتظاهرات من قبل المعارضة والاوساط المقربة من مؤسسة الجيش ضد وصول جول الى منصب رئيس الجمهورية وحاولت اثارة مخاوف الناخب التركي بالقول ان وصول جول الى هذا المنصب سيؤدي الى اسلمة الدولة.
وجاء فوز حزب ادروغان بمثابة رسالة للجيش وللاوساط المرتبطة به مفادها ان الشعب جدد الثقة به للسير قدما في برنامجه السياسي والاقتصادي.
وكذلك لمسعاه في ايصال جول الى منصب رئس الجمهورية الذي يعتبر من اهم الادوات التي كان يستخدمها الجيش وغلاة الكماليين والعلمانيين في منع ا جراء اية اصلاحات دستورية او قانونية لانها تتطلب موافقة رئيس الجمهورية عليها بعد اقرارها من قبل البرلمان.
![]() حاول الجيش منع جول من الوصول الى رئاسة الجمهورية |
ومع وصول جول جول الى منصب رئاسة الجمهورية بات الطريق ممهدا امام حزب العدالة السير قدما في برنامجه الاصلاحي الذي باشر به لدى وصوله الى السلطة عام 2002.
ويأتي على رأس هذه الاصلاحات الانتهاء من وضع مسودة دستور جديد للبلاد الى جانب تغيير العديد من القوانين التي تحد من حرية الرأي وتضمن ابعاد المؤسسة العسكرية عن السيطرة على العديد من مؤسسات الدولة.
ويتوقع ان يؤدي ذلك الى نشوب مواجهة جديدة بين الحكومة والمؤسسة العسكرية.
فالدستور الحالي يعود لعام 1982 درس ونوقش وأقر تحت حراب العسكر بعد انقلابهم على السلطة المدنية سنة 1980 على اثر دخول البلاد في ازمة سياسية وحكومية حادة.
وحزب العدالة والتنمية الذي انبثق عن حزب الرفاه ذي التوجهات الاسلامية الواضحة بزعامة رئيس الوزراء السابق نجم الدين اربكان، تخلى عن اي صبغة اسلامية وتبنى نهجا ليبراليا على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وحقق انجازات اقتصادية واضحة بحيث تضاعف دخل المواطن التركي خلال حكمه مما اكسبه شعبية كاسحة.
وهو الان عاقد العزم على استكمال برنامجه الاصلاحي الذي فاز على اساسه في الانتخابات الاخيرة.
ورغم اتفاق الحكومة والجيش مؤخرا على طريقة التعاطي مع ملف حزب العمال الكردستاني داخل تركيا وخارجها لكن الخلاف هو القاعدة بين الطرفين في الملفات الاخرى التي تنتظر تركيا عام 2008.
![]() لاريجاني عقد جولات طويلة من المفاوضات مع سولانا |
دخلت ايران عام 2007 وفي جعبتها مجموعة عقوبات فرضها عليها مجلس الامن الدولي في أوخر 2006 لعدم انصياعها لمتطلباته بوقف انشطة تخصيب اليوارنيوم.
ومع نهاية عام 2007 تضاعفت هذه العقوبات سواء تلك التي فرضها مجلس الامن في قرار ثان في مارس/ آذار لنفس الاسباب أو تلك التي فرضتها الولايات المتحدة منفردة واستهدفت الدولة الايرانية و مؤسسة الحرس الثوري.
وبذلك بدا ان الاجماع الدولي على وضع قيود على تطور ايران النووي تبلور في صورة قرارات عكست روحا جديدة في الاسرة الدولية حيال ما استشعرته تلك المجموعة الدولية من ان البرنامج الذي يوصف عادة بانه " مثير للجدل " ماض في طريقه كقطار " بلا كوابح" كما وصفه مرة الرئيس الايراني احمدي نجاد.
وبالطبع لم تكن الكوابح هي تلك الخطوات التي اتخذها مجلس الامن منذ احالة الملف النووي اليه في اوائل عام 2006 لكنها كانت بمثابة علامات اشارية على الطريق بأن يهدئ القطار من سرعته والا.
فالقرار الذي حمل رقم 1747 والصادر عن مجلس الامن في 24 مارس 2007 صدر باجماع الآراء، وكانت تلك اشارة هامة، وذهب خطوة ابعد من القرار الاول رقم 1737 الذي صدر في ديسمبر / كانون الاول عام 2006.
فقد فرض القرار الجديد حظراً علي بيع وشراء الأسلحة من ايران مما قد يعني فرض حصار علي التسلح الايراني اضافة الى تجميد ارصدة العديد من الاشخاص المنخرطين في البرامج النووية والصاروخية الايرانية.
مفاوضات بلا طائل
وقد مثلت تلك العقوبات من جهة ثانية لحظات المرارة والفشل التي منيت بها جولات طويلة وماراثونية من المفاوضات بين ايران من جهة وكل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيسها محمد البرادعي والاتحاد الاوروبي ممثلا بخافير سولانا المنسق الاعلى للسياسة الخارجية بخلاف المفاوضات مع الروس حول المقترحات الروسية بتخصيب اليورانيوم الايراني على اراضيها.
كل هذه المفاوضات لم تؤد الى نتيجة مرضية، ان ادت الى اي نتيجة على الاطلاق، لتبرهن على الذكاء الشديد للدبلوماسية الايرانية في ادارة معركة التفاوض مع العالم الخارجي والامم المتحدة في الوقت الذي مضى فيه قطار البرنامج الايراني ليقطع اشواطا مهمة.
![]() تقول إيران إن برنامجها النووي مدني الأهداف |
ويكفي ان نعرف الزيادة المطردة لاجهزة الطرد المركزي الايراني والتي تقوم بعمليات التخصيب حتى ندرك كيف نجحت ايران في الحفاظ على ايقاع نمو لبرنامجها النووي خلال 2007 يتجاوز بمراحل ايقاع التفاوض.
فقد امتلكت إيران عند بدء المفاوضات مع الترويكا الأوروبية 164 جهازاً للطرد المركزي، وعند نهاية 2004 كان لدى إيران 500 جهاز تعمل بأقصى طاقتها، ، وفي عام 2007 تشغّل إيران ثلاثة آلاف جهاز بأقصى طاقتها، وتطمح الى تركيب اكثر من 50 الف جهاز في المستقبل المنظور.
ومن الواضح ان ايران راكمت خبرات تفاوضية منذ ان فرض الملف النووي الايراني نفسه كأحد الملفات الساخنة على الساحة الدولية في عام 2003 بعد ان اتضح ان طهران تدير انشطة نووية سرية بعيدا عن اعين الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبذلك يكون عام 2007 بامتياز عام آخر في المفاوضات التي ادارها فريق التفاوض الايراني بحنكة تحت قيادة علي لاريجاني قبل ان يسلم المسؤولية الى خلفه سعيد جليلي تلك المفاوضات التي تبدو وكأنها مفتوحة دون نهاية وشيكة في الافق.
حافة الهاوية
تراوحت المواقف الايرانية بين المرونة والتشدد دون ان تصل ابدا الى نقطة اللاعودة رغم التصريحات النارية والمواقف المتشددة لاحمدي نجاد والتي وصفها البعض بانها تمثل سياسة حافة الهاوية.
وفي الحقيقة،كما الجانب الايراني، فقد حرص الطرف الرئيسي الثاني في لعبة شد الحبل النووية وهو الولايات المتحدة الامريكية بدوره على عدم الوصول الى نقطة اللاعودة رغم انها لوحت كثيرا باستخدام الخيار العسكري.
فلا ايران انسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما هددت به كثيرا، ولا الولايات المتحدة شنت ضدها عملا عسكريا.
ويتفق محللون على ان استراتيجة ايران التفاوضية هي استثمار المفاوضات الدولية لكسب الوقت وتحصيل أكبر قدر من المكاسب التقنية، على خلفية التناقض في مصالح الأقطاب الدولية
ويلخص كبير المفاوضين الإيرانيين السابق حسن روحاني الى نتيجة العملية التفاوضية حين اشار الى ان "ساعتها سيتغير الوضع وسيتعين على العالم الاعتراف لإيران بالقدرة على امتلاك دورة الوقود النووي، فالعالم لم يرغب في امتلاك باكستان القنبلة أو امتلاك البرازيل دورة الوقود النووي، لكنه كان مضطراً للتعامل مع هذه الحقائق".
هذا ما تحاول ايران الوصول اليه قبول الدول الكبرى بالامر الواقع كونها قوة نووية.
شكوك فوق شكوك
مما عزز مراوحة الازمة النووية لايران مكانها ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الدولية المنوط بها الاشراف والرقابة على استخدامات الدول للطاقة النووية، لم تحسم الامر بشأن طبيعة البرنامج النووي لايران
وبدا الامر هنا شبيها الى حد بعيد بعملية التفاوض فكلاهما رغم تحقيق بعض التقدم خلال 2007 لم يصلا الى حسم ما.
فها هو مدير الوكالة محمد البرادعي يقول في 5 مارس في اجتماع لمجلس الوكالة في فيينا انه بعد 4 سنوات من مراقبة انشطة ايران النووية فإن الوكالة " لا تستطيع ان تقدم التأكيدات المطلوبة بخصوص الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني".
![]() يدعو البرادعي إيران إلى بذل مزيد من التعاون |
ولم تكن هذه هي المرة الاولى ولا الاخيرة التي يردد فيها مسؤول الوكالة الاول مثل هذه التصريحات التي لا تدين ولا تبرأ ايران فقد عاد البرادعي في 22 من نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام لينثر شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجددا في طبيعة البرنامج النووي الايراني.
فقد اعلن البرادعي في اجتماع لمجلس حكام الوكالة ان سجل ايران في اخفاء انشطتها النووية يعني ان الامم المتحدة لا تستطيع ان تكون على ثقة حيال انشطة ايران الحالية.
غياب الحسم
لم يشهد عام 2007 مفاجأت او منعطفات هامة في مسار ازمة البرنامج النووي الايراني المعقدة، حيث راوحت الازمة مكانها وواصلت كل الاطراف السعي نفسه الذي بدأته من قبل.
وان كانت الازمة النووية لم تشهد مفاجأت من العيار الثقيل الا انه لم تكد شمس 2007 تميل الى الغروب والا وكشفت الاستخبارات الامريكية عن مفاجأة كان لها وقعها حيث اكدت عن ثقة ان ايران اوقفت برنامجها النووي العسكري عام 2003 ولم تعد اليه منذ ذلك الحين.
وهو التقرير الذي رأى فيه طرفا الازمة كل وما يهوى، ففي الوقت الذي تعلقت به ايران كشهادة براءة لم تغير الادارة الامريكية موقفها حيث رأت فيه واشنطن دليلا على ان ايران كانت تدير برنامجا لتصنيع الاسلحة الذرية في السر وبذلك كذب التقرير دعاوى طهران بسلمية ذلك البرنامج.
ويرى المتتبعون لهذه الازمة ان الادارة الامريكية لم تغير موقفها، وعلى الارجح لن تغيره حتى لو تأكد لها تماما ان ايران اوقفت فعلا برنامجها النووي العسكري، لان القضية لم تعد فيما اذا كانت ايران تستهدف من برنامجها النووي ما هو ابعد من الاستخدامات السلمية.
وانما القضية الآن هي قرار الولايات المتحدة ومن خلفها حلفائها الغربيين بعدم السماح لايران بامتلاك اسرار الطاقة النووية التي يمكن في اي وقت توظف لانتاج اسلحة ذرية حين يصبح المناخ الدولي مواتيا ولان القوى الغربية تراودها الشكوك تجاه رغبة ايران في فرض هيمنتها الاقليمية في منطقة شددية الحيوية تتقاطع فيها المصالح.
شهد عام ألفين وسبعة في باكستان العديد من المواجهات والاضطرابات الأمنية، كانت بدايتها عندما قرر الرئيس الباكستاني برويز مشرف في التاسع من مارس/آذار إيقاف رئيس المحكمة العليا افتخار شودري موجها له تهما بالفساد الإداري واستغلال منصبه استغلالا غير قانوني. كما قام كذلك بمطالبة اللجنة القضائية في المحكمة العليا بالنظر بالقضايا الموجهة ضد شودري.
وانتهى العام 2007 بمزيد من الاحتقان اثر عملية انتحارية أودت بجياة بنظير بوتو.
2007: موسم الانتخابات في الأردن |
![]() شهد هذا العام ثاني انتخابات نيابية في عهد الملك عبد الله الثاني |
عام 2007 شهد تنظيم انتخابات بلدية وتشريعية انحسرت فيها هيمنة التيار الإسلامي لأول مرّة بهذا الزخم من إطلاق ما تصفه السلطات بالمسيرة الديمقراطية قبل عشرين عاما.
بين خوف و رجاء مر علي الشعب الأفغاني عام آخر. خوف من التهديدات الموجهة لهم في كل لحظة، وأمل في حياة قد تكون سعيدة.
عام لم يشاهد البلد مثله منذ الإطاحة بحكومة طالبان عام ألفين وواحد، بل منذ اكثر من عشرة أعوام، حيث ساد دوي الإنفجارات ورائحة الدماء في بعض المناطق في الجنوب الأفغاني.
![]() مقاتلو طالبان يسيطرون على اجزاء واسعة من جنوب افغانستان |
تعترف وزارة الدفاع الأفغانية بأن عام 2007 كان الاكثر دموية منذ سقوط حكومة طالبان. وتقول ان آلاف الاشخاص من المدنيين والمسلحين ورجال الجيش والشرطة الأفغانية لقوا مصرعهم خلال هذا العام.
وإذا اضفنا طرح جهاز "آي فون" في الأسواق والتقدير الذي منح، عبر جائزة نوبل، لأبحاث المقاومة المغناطيسية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات المضغوطة لغدت الصورة اكثر اكتمالا.
حظيت الأبحاث التي ركزت على التوصل إلى علاج للأمراض المستعصية بواسطة الطرق الوراثية باعتراف مهم ، فقد كانت جائزة نوبل للطب لهذا العام من نصيب ثلاثة علماء تتعلق بحوثهم في إحداث تغييرات وراثية في الحيوانات المختبرية باستخدام الخلايا الجذعية (الأساسية).
استنساخ القردة للمرة الأولىسجلت البحوث العلمية سبقا آخر هذا العام باستنساخ أجنة قردة ، مما يجعل، حسب العلماء، الاستنساخ البشري، أكثر قربا.
اعتبرت الجهات الدولية التي تعنى بتغير المناخ والاحتباس الحراري أن القرار السياسي للحد من أسباب التغيرات البيئية لم يتناسب خلال عام 2007 مع حجم الانهيار البيئي الذي يشهده عالمنا.
قبل خمسين عاما شهد العالم إنجازا علميا مهما. ففي أكتوبر/ تشرين الأول من من عام 1957 أطلق القمر الصناعي السوفيتي وهو أول قمر يطلقة الإنسان إلى الفضاء.
![]() حلقات زحل مصورة بالأشعة فوق البنفسجية |
لكنه بسبب الظروف السائدة آنذاك، اعتبر بمثابة مرحلة جديدة في الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وأشارة البدء في السباق المرير بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق للسيطرة على الفضاء.
وجاء إطلاق سبوتنيك متزاما مع تجارب كان يجريها علماء الغرب لدراسة طبقات الجو العليا، بواسطة قمر صناعي مجهز بمعدات علمية.
العراق وميلان والنجم.. أبطال 2007
منتخب العراق وناديا ميلان الإيطالي والنجم الساحلي التونسي هم العناوين الرئيسية لكرة القدم عام 2007 باعتلائهم منصات التتويج القارية.
فالمنتخب العراقي الذي تعاني بلاده وضعا امنيا وسياسيا متدهورا شارك في بطولة لم يكن المرشح الأول لنيلها، وكان اكثر المتفائلين يتوقع منه أن يكتفي بالاداء المشرف او ان يكون الحصان الاسود.
![]() انجاز هائل للمنتخب العراق رغم كل الصعوبات التي يواجهها |
بطولة كأس أمم آسيا الرابع عشرة انطلقت في السابع من يوليو/تموز في أربع بلدان، هي إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وفيتنام بمشاركة فرق قوية بعضها نال اللقب ثلاث مرات، وهي السعودية واليابان وإيران.
لم تكن البداية مبشرة للغاية فقد تعادل العراقيون مع تايلاند بهدف لكل منهما لكن المنتخب العراقي كشر عن انيابه مع المنتخب الاسترالي وهزمه بثلاثة أهداف لهدف واحد. وكان التعادل السلبي مع عمان كافيا لتأهل العراقيين لربع النهائي حيت هزموا فيتنام بهدفين نظيفين.
وفي نصف النهائي تخطوا كوريا الجنوبية بركلات الترجيح 5- 3 بعد انتهاء المباراة بالتعادل السلبي. وفي 29 يوليو / تموز كان الموعد في النهائي مع السعودية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا.
وفي هذه المباراة قدم العراقيون افضل ماعندهم بقيادة مدربهم البرازيلي جورفان فييرا. وكان موعدهم مع الفرحة الكبرى في الدقيقة 70 حيث احرز نجمهم يونس محمود هدف الفوز برأسية قوية اثر تلقيه الكرة امام مرمى السعودية من ضربة ركنية.
وفشل السعوديون في تعديل النتيجة لتنتهي المباراة، ويخرج آلاف العراقيين إلى الشوارع للاحتفال في بلدهم متحدين المخاطر الامنية.
افضل تعليق على هذا الفوز جاء من نجم الفريق العراقي نشأت أكرم الذي قال إن الفوز "يوجه رسالة واضحة الى العالم مفادها انه "ثمة عراق واحد. عراق يمثل كل الطوائف والقوميات".
![]() القحطاني انتزع لقب افضل لاعب في آسيا من يونس |
ويشار الى ان اكرم فاز بلقب افضل لاعب في المباراة النهائية، اما يونس محمود فقد حصل على لقب أحسن لاعب في البطولة كما انه شارك في لقب الهداف مع الياباني تاكاهارا والسعودي ياسر القحطاني.
وقد اختار الاتحاد الآسيوي لكرة القدم المنتخب العراقي كافضل منتخب في القارة خلال 2007.
اما أفضل تعويض للسعوديين عن خسارة اللقب فكان فوز نجم المنتخب السعودي وفريق الهلال لكرة القدم ياسر القحطاني بجائزة افضل لاعب في آسيا 2007 بعد منافسة قوية مع العراقيين يونس محمود ونشات اكرم.
اما على مستوى بطولات الأندية الآسيوية فقد توج نادي اوراوا ريد دياموندز الياباني بلقب بطل دوري أبطال اسيا لكرة القدم على حساب أصفهان الإيراني.
وانتهت مباراة العودة في 14 نوفمبر / تشرين الثاني بهدفين للا شئ للفريق الياباني بينما كانت مباراة الذهاب في أصفهان الإيرانية قد انتهت بالتعادل بهدف لكل منهما.
وأهلت هذه النتيجة اوراوا للمشاركة في كأس العالم للأندية التي استضافتها بلاده حيث فاز للمرة الثانية أصفهان لكنه هزم في نصف النهائي امام ميلان الإيطالي بهدف.
ولكن الفريق صالح جماهيره في 16 ديسمبر/ كانون الأول وأحرز المركز الثالث وبرونزية البطولة بتغلبه على بطل أفريقيا النجم الساحلي التونسي بضربات الترجيح بعد نهاية المباراة التي جرت بمدينة يوكوهاما بالتعادل بهدفين لكل منهما.
بطولات جديدة لميلان
اما في قارة اوروبا فقد أضاف إي سي ميلان الإيطالي المزيد لجعبته من البطولات، وكانت البداية في العاصمة اليونانية اثينا حيث احرز الفريق سابع لقب دوري ابطال اوروبا.
![]() مالديني كابتن فريق ميلان يتسلم كأس العالم للاندية |
وثأر الفريق الإيطالي لنفسه من ليفربول الإنجليزي الذي حرمه من كأس 2005 بعد ان تغلب عليه بضربات الترجيح رغم ان ميلان كان متقدما بثلاثة اهداف مقابل لاشئ.
لكن في اثينا في 23 مايو/ آيار 2007 كان ميلان مختلفا بقيادة النجم البرازيلي كاكا ونجوم منتخب إيطاليا فيليبو إينزاجي واندريا بيرلو وجاتوسو.
وجاء الهدف الاول قبل نهاية الشوط الاول عندما سدد أندريا بيرلو ركلة حرة ارتطمت باينزاجي لتغير اتجاهها إلى داخل مرمى الفريق الانجليزي في الدقيقة 45. وعزز اينزاجي النتيجة بالهدف الثاني في الدقيقة 82 وأحرز ديرك كويت هدف ليفربول الوحيد من ضربة رأسية في الدقيقة 88 من المباراة.
اما اصعب موقف للفريق هو هزيمته خارج ملعبه في ذهاب نصف النهائي امام مانسشتر يونايتد الانجليزي بثلاثة اهداف مقابل هدف.
لكن في مباراة العودة في ميلانو الثاني من مايو/ آيار لقن ميلان ضيفه مانشستر درسا كبيرا عندما هزمه بثلاثية نظيفة. وثأر بذلك ميلان لمواطنه روما الذي مني بهزيمة مهينة من مانشستر بسبعة اهداف لهدف في مباراة العودة بربع النهائي.
وواصل ميلان انطلاقته حيث احرز مطلع سبتمبر/ ايلول كأس السوبر الاوروبية للمرة الخامسة في تاريخه وذلك بفوزه على نادي اشبيلية الاسباني بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد في موناكو.
كاكا.. افضل لاعبي العالم