بقلم: المستشارة والباحثة الاجتماعية دانية خالد حجازي
من ضروريات التربية الأسرية لإنتاج جيل قيادي ألاّ نفصل التربية الإجتماعية عن التربية الإقتصادية والدينية والسياسية ، أُشرِكوا أبناءكم في ميزانية البيت ومصروفاتهم الشخصية فهي الطريق لتحمل المسؤولية في الرخاء الإقتصادي والصبر وقت الشدة ، إغرسوا في أنفسهم مبادئ وأسس وقيم إسلامية تعينهم على حفظ الذات والتعفف وصلاح النفس والصبر وحب العطاء، كالصلاة والصوم والصدقة. بادلوهم أطراف الحديث حول حاضر ومستقبل الأمة ، حاوروهم بواقع الحالة السياسية التي تمر بها الأمة ، لا تحجبوهم عن الواقع بملهيات الحياة وملذاتها، فهذا يتنافى كليا مع تعزيز روح القيادة فيهم، وسيميلون إلى الإتكال على الآخرين مما يسفر عن إنتاج جيل ضعيف قليل الحيلة.
ومن أساليب التربية التي تلجأ إليها بعض العائلات استخدام القسوة والحزم المفرط أو معاملة الطفل بلين والإفراط في الدلال، كالتدخل السريع في مشكلاتهم بدلاً عنهم، وعدم منحهم فرصة المحاولة. والعكس أقبح كأن نتركهم يعاركون الحياة بمفردهم دون احتواء، والبعض من الآباء الذين يمنعون أبناءهم من المجازفات وخوض التجارب ويسيطر على تفكيرهم خوفاًأن يتأذى الإبنمما يؤثر على تكوين شخصيته والخوف من خوض تجربه جديدة فمن الصعب جداً أن يصبح إنساناً متوازياً وقيادياً.
ويحضرني هنا قول القائل حول تربية الأبناء بأنهم ".... خُلقوا لزمان غير زمانكم " ينبغي علينا كوالدين أن نفسح المجال أمام المراهقين كي ينطلقوا ويشكلوا هويتهم الشخصية بدون التأثر بشخصية الأب، ولكن من المهم جدا هنا أن يكون الوالدان قدوة حسنة للمراهقين بسلوكياتهم وأفكارهم ولغة حوارهم ، فعندما لا نستحضر إيجابيات الماضي ولا نفهم الواقع ولا نستشرف المستقبل فإننا لا نستطيع أن نصقل ونعد الأجيال لقيادة المستقبل.
إن إعطاء المراهقين فرصة التطوع بما يتلاءم وطبيعتهم الشخصية، فذلك يرسخ لديهم مفهوم العطاء المجتمعي وتتكون لديهم سمات القائد الملهِم للآخرين. من واجبات الآباء تربية الأبناء على حب الآخرين وعلى ترسيخ الهوية الإسلاميةوالعربية والفلسطينية والإنتماء للأمة، وأنّ الحمولة هي النسب والسند وليس التعصب القبلي، تبادر الأسرة إلى ترسيخ سلوكيات مدمرة عندما تزرع في شخصية الأبناء الزعامة العائلية والسلطة الإقطاعية التي ولت منذ عقود، أنت تربي إبنك على العصبية القبلية ولزمان غير زمانه ، وقد يتعلم مبادئ الحوار والحديث لكنه لن يستطيع مقاومة النزعة التعصبية، وهذا ما شاهدناه في الأيام التي تلت ،من قريب ،فترة الانتخابات للسلطات المحلية حيث كان الأهل يبذلون أقصى طاقاتهم في سبيل مناصرة مرشحهم، وسيطرت العصبية القبلية العائلية أثناء الحوارات الشرسة البدائية، وكلٌ يبطش بمخالبه بوحشية ضاربة، ما أفضى إلى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها، وقد تعايش معها الأبناء، واكتسبوها في سلوكياتهم وطبعت في أفكارهم لينقلوها إلى عالمهم مع زملائهم ليخوضوا مرحلة خيبة الأمل والنزعات مع أقرانهم، ففي نهاية المطاف يصطدمون بواقع ينزل عليهم كالصاعقة عند أول حوار مع أترابهم ، فينبغي على الأسرة ان تفسح المجال أمام المراهقين كي ينطلقوا ويفكروا ويختاروا بأنفسهم تشكيل هويتهم ، حتي يستطيعوا أن يقودوا قومهم وليس عشيرتهم كما يعتقد بعض الآباء.
اذاً، إنتاج جيل قيادي متوازن يؤثر في الآخرين بإيجابية، يحتاج منا إلى أسس تربية سليمة وغرس القيم والمبادئ الإسلامية والعربية والفلسطينية.