العين والحسد لغة:
تعرف العين في اللغة بكثير من المصطلحات والتعريفات حسب وروده في سياق الحديث، فهي العضو في جسم الانسان المسؤول عن حاسة البصر، أو ينبوع الماء، أو أهل الدار والبلد، أو الجاسوس، أو النفيس والغالي من الأشياء، أو ذات الشيء، وغيرها معانٍ كثيرة اخرى، أما المقصود هنا فهو الإصابة بالعين، وهو ما يحاول كثير من الناس اتقاءه.
أما الحسد فيعرف بكره نعم الله على الغير، وتمني زوال هذه النعم وسلبها منهم، وتعرف العين والحسد شرعياً على النحو التالي:
تعريف العين شرعاً:
هي أن يرى الإنسان شيئاً يعجبه أو يدهشه، فيدخل في قلبه، ولا يسمي الله عليه، ولا يقول "ما شاء الله تبارك الله"، ولا يدعو له بالحفظ، فتخرج إشارات من عينه إلى المعيون فتصيبه بإذن الله بالضرر والأذى، فقد تصيب الإنسان والمال والولد، وتصيب كل من الإنسان الصالح والطالح على حد سواء.
تعريف الحسد شرعاً:
هو تمني الإنسان زوال نعم الله عن الغير، فيتمنى الفشل لمن يراه ناجحاً أو متفوقاً، والمشاكل والنزاعات بين الأزواج المتحابّين، وفقر من يراه غنياً، فيحصل الحسد من نفس شريرة غير قانعة وراضية بما قسم الله لها من النعم، بحيث تجعل الإنسان يستكثر نعم الله -تعالى- على عباده، وتمني زوالها عنهم.
أعراض العين والحسد
يجب التيقن والتسليم بأن العين والحسد لا يقع الا بقضاء الله تعالى وقدره، فعادة ما نرى كثيراً من الناس دائم القلق والتوهم عند كل عارض أو ضيق يصيبه بأنه من العين والحسد، فيخلطون بين ذلك وبين ما يصيبهم من الأمراض أو الاكتئاب أو غير ذلك، لذا ينبغي على الانسان المؤمن احسان الظن بالله، ويتوكل عليه حق توكله، واليقين أن كل ما يصيب الانسان ما هو الا بقدر الله تعالى وقضائه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم، بأن الناس لو اجتمعوا ليضروه بشيء، فلن يضروه الا بشيء قد كتبه الله عليه.
ولكن اليقين بذلك لا ينفي وجوب أن يتحصن الإنسان بالأذكار والرقية الشرعية لوقاية نفسه، فالرقية نافعة في جميع الأحوال، وإذا وقع الحسد على الإنسان فعلاً، فقد يحدث لديه أعراض كالضيق، والقلق، والفتور عن الطاعة والفرائض وغيرها، لكن على الانسان ألا يغفل عن امكانية اصابته بمرض فعلاً، والذي يستوجب عليه مراجعة الأطباء والأخذ بالأسباب وتلقي العلاج المناسب، فلا يصبح مهووساً ومتيقناً بأن كل ما يصيبه هو من الحسد والعين، ويحرص على دعاء الله تعالى ويحافظ على أذكاره ويتوكل على الله حق التوكل.
الفرق بين العين والحسد
هناك عدة فروق تختلف فيها العين عن الحسد، ويمكن طرح هذه الفروق من عدة محاور; أهمها:
• السبب الرئيسي: الفرق بينهما من حيث السبب الرئيسي لوقوعها، حيث أن العين قد تصيب الانسان بسبب الإعجاب والاستحسان والاستعظام، أما الحسد فسببه هو الحقد وتمني زوال النعم عن الغير.
• العموم والخصوص: إن الحسد أعم وأشمل من العين، فكل حاسد عائن وليس كل عائن حاسد، ولذلك نرى من الإعجاز البياني في القرآن في سورة الفلق الاستعاذة من الحاسد، فإذا استعاذ المؤمن من الحاسد فإنه يدخل في استعاذته العائن أيضاً.
• الأثر على الغير والمصدر: يتشارك كلاً من الحسد والعين في الأثر؛ حيث إن الاثنين يسببان وقوع الضرر للمحسود والمعيون، أما مصدر كل منهما فهو مختلف، حيث إن مصدر العين هو انقداح نظرة العين، وقد تصيب الجماد والمال والزرع والولد وغيره مما لا يحسد بالأصل، أما الحسد فمصدره استكثار النعم على عباد الله، وتحرك القلب حقداً وتمني زوالها عنهم.
• الأثر على النفس: قد يصيب الشخص ماله ونفسه بالعين دون مقصد ونية، لكنه لا يحسدها بكل تأكيد.
• صفة النفس: قد يتسبب رجل صالح بوقوع العين، حيث من الممكن أن يعجب بشيء ويستحسنه دون تمني إزالته، أما الحسد فلا يقع إلا من نفس خبيثة وحاقدة.
علاج العين والحسد
يتوجب على من رأى شيئاً أعجبه أن يذكر الله تعالى قائلاً: "ما شاء الله، لا قوة إلا بالله"، "بارك الله” حتى يصرف عنه العين، إذ تقع العين أحياناً بغير اختيار العائن، فمن السلامة أن يذكر الله دائماً عندما يرى نعم الله وأثرها على غيره.
وعلاج العين أن يطلب المعيون ممن أصابه بالعين إذا عرفه أن يغتسل بالماء، وعليه أن يجيبه حينئذ، وفقاً لما ورد في السنة النبوية الشريفة، حيث أن سهل بن حنيف كان يغتسل يوماً، فرآه عامر بن ربيعة وأعجبه شدة بياض جلده، فقال: (والله ما رأَيت كاليوم ولا جِلد مخبأة)، وما ان انتهى من كلامه سقط سهلاً مغشياً عليه، فجاء به الصحابة إلى رسول الله وحدثوه بما قال عامر بن ربيعة، فدعاه الرسول وقال له: (علام يقتل أحدكم أخاه! ألا تبرك؟)، فأمره بالاغتسال، فغسل عامر يديه ووجهه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في وعاء، ثم صب على سهل، فقام ليس به شيء.
ويعد الالتزام بطاعة الله والإكثار من ذكره هو أفضل ما يمكن للناس اتقاء العين والحسد به، إضافة الى المحافظة على أذكار الصباح والمساء، والرقية الشرعية.
بعض الأدعية والأذكار:
• سورة الفاتحة، فهي شافية بإذن الله تعالى. المحافظة على قراءة آية الكرسي. المحافظة على قراءة سورة الاخلاص والمعوذتين، الرقية الشرعية، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة آخر آيتين من سورة البقرة وقراءة سورة الكافرون.
• قراءة قوله تعالى: (قُلنا لا تَخَف إِنَّكَ أَنتَ الأَعلى* وَأَلقِ ما في يَمينِكَ تَلقَف ما صَنَعوا إِنَّما صَنَعوا كَيدُ ساحِرٍ وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتى).
• الدعاء بهذا الدعاء: (باسمِ اللهِ أَرقِيك من كلِّ شيءٍ يُؤذِيك من شرِّ كلِّ نفسٍ وعينٍ حاسدةٍ، باسمِ اللهِ أَرقِيك، واللهُ يَشفِيك).
كما يتوجب الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان، وعدم إخبار الناس بفضائل الله تعالى، إلا الثقة منهم، والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم بالنفث عند القراءة.