الجنابة
تتعدد الأسباب التي توجب على المسلم الاغتسال حتى يكون طاهراً، وتعد الجنابة أحد هذه الأسباب، ويمكن تعريف الجنابة في اللّغة والاصطلاح فيما يأتي:
الجنابة في لغةً: وهي تأتي عكس وضد مصطلح القرب، فالجنب يأتي من قبيل ما يتجنبه الإنسان ويبتعد ويأنى عنه، فسمّي جنباً لأن فيه نهي عن اقتراب موضع الصلاة في حالة عدم الطهارة، أي تجنبه ذلك، ويشمل الجنب الذكر والأنثى، يستوي فيه الواحد والتثنية والجمع.
الجنابة في الاصطلاح: وتعني في الشرع الإسلامي أنها فعل حاصل في جسم الإنسان، وهذا الفعل مرتبط بنزول المني، أو المجامعة، فإذا حدث هذا الفعل صار واجباً على الإنسان أن يمتنع عن المسجد وعن أداء الصلاة وقراءة القرآن الكريم حتى يطهر.
كيفية الغسل من الجنابة
إن الغسل من الجنابة واجب بإجماع العلماء، وله صفتان: الأولى الصفة الكاملة، والثانية صفة الأجزاء، وفيما يأتي بيان للصفتين:
الغسل ذو الصفة المجزئة: وهو أن يقوم المسلم بأداء الواجبات فقط في غسله، بحيث ينوي الغسل، ثم يقوم بتعميم الماء على بدنه كله، مع القيام بالمضمضة والاستنشاق، فإن قام بفعل ذلك فإن غسله صحيح ولا بأس فيه.
الغسل ذو الصفة الكاملة: وهو أن يقوم المسلم في غسله بأداء الواجبات والسنن معاً، وفيما يأتي ذكر خطوات الغسل الكامل بالترتيب:
• النية: وذلك أن ينوي المسلم الطهارة من الحدث.
• التسمية: وهي أن يقول المسلم "بسم الله الرحمن الرحيم".
• غسل الكفين ثلاث مرات: والسبب في ذلك أن الكفين هما أداة غرف الماء.
• غسل الفرج باليد اليسرى: وذلك لأن الفرج هو موضع الجنابة، فبغسله يتخلص المسلم من الأذى والأوساخ العالقة به.
• تنظيف اليد اليسرى ثم تدليكها بشدة: وذلك للقيام بالتخلص مما علق بها من أوساخ خلال غسل الفرج، وتطهيرها بالماء والصابون، فهو يقوم مقام التراب.
• الوضوء: ويكون الوضوء هنا مثل الوضوء للصلاة وضوءً كاملاً لا نقص فيه، ولا يلزم إعادة الوضوء بعد الانتهاء من الاغتسال من الجنابة من أجل أداء الصلاة، فالقيام بذلك أثناء الاغتسال يجزئ ويكفي، ولا داعي لإعادته، أما إذا تم مس الفرج أو الذكر فإنه يجب إعادة الوضوء؛ وذلك بسبب وقوع الحدث الطارئ.
• غسل القدمين: وهناك اختلاف في وقت غسل القدمين، بحيث هل يكون مع الوضوء؟ أم يتم تأخيره إلى ما بعد الاغتسال؟ والظاهر في الأحاديث المروية ورود الكيفيتين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلاهما ثابتتان في سنته الشريفة، واستحب الجهور تأخير غسلهما بعد الانتهاء من الاغتسال، لكن بما أن كلا الطريقتين وردت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يأتي المسلم بإحداهما تارة، وبالأخرى تارةً أخرى، فيغسل قدميه مع الوضوء، وفي مرات أخرى يؤخر غسلهما إلى آخر الاغتسال.
• تعميم الماء في أصول الشعر: من خلال إدخال أصابعه بينهم، والقيام بالتخليل إن كان الشعر كثيفاً؛ حتّى يصل الماء إلى منبته.
• إدارة الماء على الرأس ثلاث مرات بعد الانتهاء من تخليل الماء لأصول الشعر.
• إفاضة الماء وتعميمها على سائر الجسد مرة واحدة: ومن السنة أن يدلك بدنه، ويبدأ بالجهة اليمنى ثم الجهة اليسرى.
موجبات الاغتسال من الجنابة
ذكر الفقهاء أن للاغتسال ست موجبات، هي:
• خروج المني بشهوة: فإن كان من نائم فلا يشترط وجود الشهوة، وهو ما يسمى بالاحتلام.
• التقاء الختانين: أي مجرّد الجماع سواء أأنزل أم لم ينزِل، لقوله - عليه الصّلاة والسّلام -:"إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ثمّ جَهَدَها فقد وَجَبَ الغُسل وإن لم يُنزِل".
• إسلام الكافر: فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واثلة بن الأسقع، وقتادة الرهاوي بالاغتسال عندما أسلموا.
• انقطاع الحيض ودم النفاس: ولا خلاف في ذلك.
• الموت: وقد حكى المهدي الإجماع على وجوب غسل الميت.
المراجع
وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404هـ-1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 47، جزء 16. بتصرّف.
أبو محمد الحنبلي (1388هـ1968م)، المغني لابن قدامة، مصر: مكتبة القاهرة، صفحة 160، جزء 1. بتصرّف.
رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 373، صحيح.