قارة أطلانتس:
قارة أطلانتس ظلت دائما مجرد أسطورة يعجز أي عالم أو باحث أثري مهما بلغت شهرته وخبرته عن إثبات أو نفي وجودها بصورة قاطعة جازمة
والحديث عن أطلانتس يعود إلى زمن قديم ..أقدم مما يمكن أن تتصور, فلقد ورد ذكرها لأول مرة في محاورات أفلاطون حوالي عام 335 ق.م
ففي محاورته الشهيرة المعروفة بإسم تيماوس يحكي كريتياس أن الكهنة المصريين إستقبلوا صولون في معابدهم وهذه حقيقة تاريخية ثم يشير إلى أنهم أخبروا صولون عن قصة قديمة تحويها سجلاتهم ,تقول:
-إنه كانت هناك إمبراطورية عظيمة ظهرت
بحسب قول أفلاطون إلى الوجود قبل 9000 سنة ,تعرف بإسم أطلانتس تحتل قارة هائلة خلف أعمدة هرقل Pillars of Hercules -مضيق جبل طارق حاليا- وإنها كانت أكبر من شمال إفريقيا وآسيا مجتمعتين,وخلفها سلسلة من الجزر ,تربط بينها وبين قارة ضخمة أخرى.
وفي نفس المحاورة وصف كريتياس أطلاتنس بأنها جنة الله (سبحانه وتعالى) في الأرض,ففيها تنمو كل النباتات والخضروات والفواكه وتحيا كل الحيوانات والطيور وتتفجر فيها ينابيع المياه الحارة والباردة ,وكل شيء فيها نظيف جميل طاهر وشعبها من أرقى الشعوب وأعظمها ,له خبرات هندسية وعلمية تفوق بعشرات المرات ما يمكن تخيله في عصر أفلاطون
إذ وصف كريتياس إقامتهم لشبكة من قنوات الري والجسور وأرصفة المواني التي ترسو عندها سفننهم وأساطيلهم التجارية الضخمة .
ثم يحكي كريتياس عن الحرب بين الأثينيين والأطلانتيين ويصف كارثة مروعة لحقت بالجيش الأثينني,,وأغرقت قارة أطلنتس كلها في المحيط!
وإلى هنا تنتهي المحاورة ...
وتبدأ المشكلة
مشكلة أطلاتنس..!!
ففي البداية تعامل الباحثون مع محاورة أفلاطون بصفتها رواية مثالية لوصف المدينة الفاضلة (يوتيوبيا) وأنها مجرد خيال لا أكثر..
ثم دس العلماء أنفسهم في الأمر ..
والسبب الذي جعل العلماء يفكرون في قصة أطلاتنس هو أن فكرة وجود قارة وسيطة تربط بين إفريقيا وأمريكا كانت تملأ الأذهان وتثير إهتمام العلماء الذين يتسآلون عن سر وجود تشابه حضاري ما بيتن العالمين ,القديم والجديد
ويبحثون عن سبب علمي منطقي لوجود نفس النباتات والحيوانات في قارتين تفصل بينهما مساحة مائية هائلة
وفي الوقت نفسه كانت هناك تلك الظواهر الحضارية المدهشة التي يجدها العلماء وسط أماكن لم تشتهر أبدا بالحضارة, و وجود أساطير مشابهة في تلك الاماكن تشير إلى أن الآلهة جاءت من حضارة اخرى وضعت كل هذا..
كان وجود قارة متقدمة في هذا الزمن القديم يريح عقول الجميع ..ويفترض وجود شعب متطور بنى حضارته في قلب الأرض ونشر أجزاء منها في كل القارات.
ولكن أين الدليل على وجود أطلنتس ذات يوم؟؟
إن قصة أفلاطون مازلت تتأرجح ما بين الخيال ونصف الخيال والحقيقة ,وفي الوقت نفسه لا يوجد دليل واحد على أن أثينا كانت يوما بهذه القوة التي تمكنها من التصدي لحضارة متطورة كحضارة أطلنتس..
وفي نقس الوقت نجد من بين العلماء من يؤكد وجود أطلنتس,ويشير إلى أن أفلاطون قد أخطأ التاريخ والزمن فحسب,وانه كان يستخدم تقويما عن التقويم الذي نستخدمه الآن
وحجتهم في هذه هو كشف حقيقة وجود مدينة (طروادة)
وطروادة هذه مدينة أسطورية ذكرها (هوميروس) في ملحمتيه الشهريتين الإلياذه والأوديسا حوالي عام 850ق.م أي قبل أفلاطون بحوالي خمسة قرون
وظل الدارسون يعتقدون أن طروادة مجرد خيال من بنات أفكار هوميروس
حتى جاء الألماني (هنريس شوليمان) عام 1871م لينتسل طروادة من التراب في (هيساربيك)في شمال تركيا.
وبعده جاء سير (آرثر إيفانز) ليؤكد أن (قصر التيه) الذي جاء ذكره في أسطورة (المينوتوروس) حقيقة ويثبت وجوده بالفعل عام 1900م
ما دام (شوليمان) و(إيفانز) قد عثرا على أسطورتين ,فلماذا لا يعثر ثالث على أسطورة ثالثة؟ ويثبت أن اطلانتس حقيقة واقعة ؟!
ومن هذا المنطلق بدأت عشرات المحاولات لإثبات وجود اطلانتس وراح العلماء يبحثون في أماكن أخرى بخلاف المحيط الأطلسي, يمكن أن تكون المهد الحقيقى للقارة المفقودة, فاشار الفليسوف البريطاني (فرانسيس بيكون) إلى ان أطلانتس هي نفسها قارة امريكا
وأكد البريطاني (فرانسيس ويلغورد) أن الجزر البريطانية هي جزء من قارة أطلانتس المفقودة
في حين إقترح البعض الآخر وجودها في السويد أو المحيط الهندي أو حتى في القطب الشمالي
ثم جاءت نبوءة (إدجار كايس) لتضع قاعدة جديدة للقضية كلها ..!
ففي يونيو 1940م عندما اعلن الوسيط الروحي الشهير (إدجار كايس) واحدة من أشهر نبوءاته عبر تاريخه الطويل ,إذ قال إنه ومن خلال وساطة روحية قوية ,يتوقع أن يبرز جزء من قارة اطلانتس الغارقة بالقرب من جزر الباهاما ما بين عامي 1968 و1969م
ولفد إتهم العديدون كايس بالنصب والشعوذة عندما أعلن عن هذه النبوءة
وعلى الرغم من ذلك فقد إنتظر العالم ظهور اطلانتس بفارغ الصبر ..
ولكن كان لظهور ذلك الجزء في نفس المكان والزمان الذي حددهما كايس في نبوءته وقع الصاعقة على الجميع .. مؤيدين ومعارضين إذ كان في رأي الجميع الدليل الوحيد الملموس على وجود أطلانتس..
وبعد ظهور جزيرة كايس الصغيرة والمباني أو الأطلال الاثرية فوقها ,قرر باحث وأديب وغواص شهير يدعى (تشارلز بيرليتز) ان يبحث عن اطلانتس في نفس الموقع ,وبدأ بحثه بالفعل ,ليلتقط عددا من الصور لأطلال واضحة في قاع المحيط
ومكعبات صخرية ضخمة ذات زوايا قائمة مقدارها تسعين درجة بالظيط مما يلغي إحتمالية صنعها بواسطة الطبيعة ةعوامل التعرية وحدها ..
ولكن لم يكن هذا وحده ما تم العثور عليه ..
في تلك المنطقة من المحيط لقد عثر الباحثون بالقرب من سواحل فنزويلا على سور طوله أكثر من مائة وعشرين كيلو مترا في أعماق المحيط .
وشاهدت ماسحة محيطت فرنسية درجات سلم منحوتة في القاع بالقرب من بورتريكو
وعلى الرغم من هذا فإن الجدل حول أطلانتس مازال قائما..
والنظريات لم تنته..
ومن بين هذه النظريات ..نظرية تقول :
- سكان الأطلانتس قد أتوا من كوكب آخر في سفينة فضائية ضخمة إستقرت على سطح المحيط الأطلسي
وصنعوا كل ما يثير دهشتنا في كهوف (تيسلي)بليبيا..وكذلك (بطارية بغداد) وحضارة (مصر)
وأنهم كانوا عمالقة زرق البشرة ,(وهناك إشارة إلى هذا في بعض الروايات بالفعل)
ثم شن الأثينيون حربا عليهم .فنسفوا الجيش الأثيني بقنبلة ذرية أو ما يشبه هذا وبعدها رحلوا وتركوا خلفهم كل هذه الآثار ...
وعلى الرغم من غرابة هذه النظرية إلا أنها تجد من يؤيدها وبكل حماس ..مشيرا إلى أن كل الآلهة (لا إله إلا الله) والملوك وصفوا في كل العصور بأنهم من أصحاب الدم الأزرق أم الدم النبيل
حتى أن اللون الازرق أطلقوا عليه إسم (اللون الملكي)...
وهناك نظرية اخرى تربط بين أطلانتس وجزيرة (كريت) التي حملت يوما حضارة رائعة ومبهرة تشابهت في كثير من وجوهها مع حضارة أطلانتس كما أشار البروفيسور (ك.ت.فرويت) عام 1990م في لندن حيث قال :
-إن كل شيء في كريت متشابه مع ما ذكره افلاطون عن اطلانتس
فكل الحضارتين نشأت في جزيرة
وكلتاهما لقيا نفس النهاية المفاجئة
كما أن هناك مراسم صيد الثيران ,والميناء العظيم, والحمامات الضخمة , والملاعب الرياضية , وكل الأشياء الأخرى التي عثر عليها سير (إيفانز) في كريت والتي ذكرها افلاطون في محاورة كريتياس
ويؤيد البروفيسور(ج.ف.لوتش) هذا في كتابه (نهاية أطلانتس)ويؤكد أن إختفاء أطلانتس معنى مجازي وليس حقيقيا,انها لم تغرق في قاع المحيط إنما تعرضت لكائثة أودت بها مثل كارثة بركان (ثيرا) وبركان (كراكاتوا) عندما ثار البركان ودمر جزيرة كاملة ..!
يعتقد الفيزيائي الألماني راينر كوف أن أتلانتس كانت منطقة تقع عند الساحل الإسباني الجنوبي جرفها الطوفاف في الفترة بين 800 إلى 500 قبل الميلاد
الجيولوجي السويدي أكلف إرلنغسوف إعتقد أن أيرلندا تتطابق مع أوصاف أفلاطون حول أتلانتس ، والبعض الآخر يرى ان أتلانتس هي جزيرة سبارتل Spartel ,وهي عبارة عن بقعة طينية ضحلة كانت قد غرقت في البحر عند مضيق جبل طارق منذ حوالي 11,500 سنة
وهناك العديد من المعالم المادية التى بدأت تنكشف وتظهر تباعاً الى العلن تؤكد وجود قارة اطلانتس اهمها :
- خارطة محفوظة في مكتبة مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة (Library of Congress) تُعرف بخارطة Piri Reis التي تم العثور عليها عام 1929 في قصر السلطان التركي المعروف الآن بــ Topkapi، حيث يَظهر اسم وموقع قارة اطلانتس على الخارطة.
- وهنالك مخطوطة مصرية مكتوبة على ورق البردى تُدعى مخطوطة Harris طولها 45 متراً ُتشير الى المصير الذي لاقته قارة اطلانتس وهي محفوظة في المتحف البريطاني،
- كذلك مخطوطة مصرية أخرى محفوظة في متحف Hermitage في مدينة بيترسبيرغ في روسيا تشير الى ارسال الفرعون بعثة الى الغرب بحثاً عن اطلانتس .
- وجود سلسلة جبال في قعر المحيط الأطلسي غرب مضيق جبل طارق صورتها بعثة روسية بواسطة غواصة تدعىAcademian Petrovsky عام 1974 . فبعد دراسة نوعية سلسلة الجبال هذه، تبين أنها كانت في القديم على سطح المحيط... ويقول الباحثون انها كانت جزءاً من القارة المفقودة، اطلانتس.
- جمجمة من كريستال الكوارتز تم العثور عليها عام 1924 على رأس معبد مهدم في هندوراس تحمل تفاصيل دقيقة جداً لجمجمة انسان عادي دون أثر لأية خدوش عليها
ينسب بعض اشهر علماء اليوم جمجمة الكريستال هذه الى الحضارة المندثرة أطلانتس.
( وقد تحدثت عن هذا الموضوع هنا في مدونة عالم المعرفة ..للمعلومات عنها إضغط الجمجمة الكريستالية )
وكالعادة تفتقر كل هذه النظريات إلى دليل..
الدليل العلمي القوي!
وحتى لحظة كتابة هذه السطور مازال عشرات العلماء يبحثون عن قارة أطلانتس التي أصبحت قارة الغموض والخيال في عقول العلماء والأدباء
عشرات النظريات تحدثت عنها ..
مئات المقالات والكتب كتبت بإسمها
أعداد لا حصر لها من الروايات الخيالية تفترض وجودها والعثور عليها ,وينسج الخيال مغامرات مثيرة داخلها عن حضارتها وتقدمها ..
وعن شعبها الغامض..!
اولئك الذين أقاموا أكثر حضارات التاريخ غموضا وإثارة ..
الذين تزعموا العالم يوما ما ..
والذين ذهبوا ..
وبلا عودة..!