تعتبر المثالية من أكبر العراقيل في حياة الناس خاصة المبدعين منهم فبعضهم يؤجل الأعمال التي يرغب القيام بها لخوفه من عدم فعلها بشكل كامل، وربما يقوم بعملها لكنه يستمر في التخلص من الذي أنهاه ويعيده من جديد.
تأتي مشكلة المثالية في المقام الأول أنها ليست في أولئك الأشخاص الذين يحاولون الوصول للمثالية أثناء قيمهم بأعمالهم بشكل صحيح، لكن المشكلة في الذين لا ينتجون أي شيء بالرغم من قدرتهم على الإنتاج خوفا منهم ألا يكون منتجهم مثاليا، وهي الحالة التي تعرف في الطب النفسي باضطراب الشخصية المثالية، حيث يعلم جيدا أصحاب هذا الاضطراب ضرر المثالية الذي يعتبر عائقا كبيرا في حياتهم، وسنقوم في هذا المقال باستعراض معنى المثالية، وأضرارها، وكيفية التخلص منها؟
تعريف المثالية وأمثلة عليها
المثالية هي طلب الكمال، بمعنى أن الشخص لا يريد القيام بعمل الا أن بشكل ليس به اي نقص، ونجد أن الذي يسعى للمثالية يسعى لها في كل شيء، فبعض الأشخاص يريد أن يكون الصديق الأفضل يراعي صديقه ولا يفعل أي شيء خطأ في هذه العلاقة، وآخر يريد أن يكون أفضل شريكًا في الحياة، أو أفضل معلما، ونجده يسعى دائما أن يكون خير شخصا في المدرسة، ويقوم بكل الأنشطة كي يكون أفضل طالب عند معلميه، ولا نلاحظ ضرر المثالية هنا بشكل كبير بالرغم من أنها تسبب إزعاج دائم لصاحبها، لكنها تعتبر محفزا أيضا، فنجد الكثير من الشركات تقوم بتعليق صورة الموظف المثالي كشكل من أشكل التشجيع لموظفيها، أما الجانب السلبي من المثالية فهو الذي يعيق المبدعين من الكُتاب، والرسامين، وغيرهم عن أداء أعمالهم، فمعظمهم يسعى للمثالية، وفي النهاية لا تتحقق احلامهم.
ضرر المثالية
انتشرت المثالية على يد مدربين التنمية البشرية، وبدأت الفكرة تغرس في عقول الناس، وبعد مرور الوقت أصبح ضرر المثالية أمرا واضحا ، ومن أول هذه الأضرار هي تأجيل الأعمال أو عدم القيام بها نهائيًا، وأحيانًا أخرى يكون من المفترض أن يتم إنهاء العمل في وقت معين، وفي هذه الحالة يقترب وقت تسليم العمل، ويضطر الشخص في النهاية لتسليم العمل بجودة رديئة بسبب العجلة التي حدثت أثناء العمل، والسبب الثاني هو عدم إكمال العمل، فبعد بدأ الشخص في العمل والخوض في جزء كبير منه، يشعر أنه لا يقدم ما يريده فيتوقف عن العمل بشكل نهائي.
حل اضطراب الشخصية المثالية
يصنف علماء النفس المثالية، من الأوهام التي يشغل الإنسان بها نفسه، حيث يخدعنا عقلنا ويضع لنا بعض الأمور في قوالب غير صحيحة من أجل أن يضمن أنه في منطقة الأمان، فنجد أن بعض الناس تخاف من الدخول في العلاقات العاطفية لكي لا تفشل في أن تكون شخصية مثالية في هذه العلاقة، أو حتى كاتب لا يريد أن يبدأ رواياته، وهنا يقول علماء النفس أن هذا التردد من البدء في أي شيء جديد، هو مجرد خوف من النتائج، فمثلا قد ينهي الكاتب رواياته وعند نزولها في السوق لا تحقق الأرباح التي كان يتخيلها، أو قد تفشل تماما، وهنا يشك في موهبته من الأساس، لذلك يستمر العقل في خداع الإنسان بحجج متعددة مثل المثالية حتى لا يدعه يقوم بشيء ويظل أمنًا معتقدا أنه يستطيع أن يقدم أعظم ما في الوجود، وعندما يتأكد الإنسان من هذه الحقيقة يمكنه الانطلاق بدون خوف بعد ادراكه هذا الوهم، ويمكنه أن يستبدل مصطلح المثالية بالإتقان والاحترافية التي تجعله يتقدم كل مرة يقوم بعمل جديد.
وفي النهاية لابد ان نؤكد أن الثقة بالنفس مهمة جدا، ولابد من وجود اتزان وتناسق بين هذه الثقة وبين ادراكنا لقدراتنا الحقيقة التي نملكها؛ وحكمنا على الأشياء هو امر نسبي يتغير من موقف لآخر ومن زمن لزمن اخر فليس هناك شيء سلبي مطلقا او شيء إيجابي كليا، لذلك يجب الا نتعامل مع الأمور بشكل جامد صلب بل يجب ان نفكر ونتدبر في الأمور لجعلها تعمل لمصلحتنا وهكذا يجب الاستفادة من الشخصية المثالية في تحسين حياتنا ونستفيد من ايجابياتها ونبتعد عن سلبياتها.