تخيل لحظة تطلق فيها أحدث التكنولوجيا في الفضاء ضوءًا جديدًا على أحد أشهر معالم السماء الليلية، النجم القطبي.
هذا النجم، الذي لامس خيال الملايين عبر الأزمان، قد أظهر أخيرًا وجهه الخفي بفضل جهد غير مسبوق من ستة تلسكوبات متطورة.
الآن، وبفضل هذه النظرة الفريدة، نرى النجم القطبي في ضوء جديد، تمامًا كما لو كنا ننتقل من شاشة تلفاز قديمة إلى عرض فائقة الدقة.
هذه اللمحة الدقيقة تكشف عن أسرار غير متوقعة وتفتح أبوابًا جديدة لفهم أحد أكثر الأجرام السماوية غموضًا وسحرًا.
نظرة جديدة على النجم القطبي بفضل ستة تلسكوبات
مثلما يجمع فريق من المصورين صورهم لإنشاء صورة مذهلة، قامت ستة تلسكوبات موجودة على جبل في كاليفورنيا بتقديم نظرة جديدة ومفصلة بشكل غير مسبوق على النجم القطبي، المعروف أيضًا بـ "نجم الشمال".
النجم القطبي، الذي يقع على بُعد نحو 430 سنة ضوئية من الأرض في كوكبة الدب الأصغر، يُعرف بموقعه شبه الثابت في السماء، مما يجعله مرجعًا ملاحيًا مهمًا في نصف الكرة الشمالي.
يتميز النجم بسطوع دوري يتغير كل 4 أيام بسبب النبضات في طبقاته الخارجية. وهو أكبر بكثير وأكثر كتلة من الشمس، حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أنه قد يكون أكثر كتلة بما يصل إلى 5 مرات.
التقدم التكنولوجي: من التلسكوبات القديمة إلى الصورة عالية الدقة
حتى الآن، كان النجم القطبي يظهر في اللوحات والصور الفوتوغرافية ومن خلال تلسكوبات أقل تقدمًا. ولكن، المنظر الجديد الذي وفرته الست تلسكوبات يشبه الانتقال من تلفاز قديم إلى شاشة عالية الدقة.
بفضل مجموعة التلسكوبات، أعلن الباحثون من جامعة جورجيا الأمريكية عن اكتشاف جديد نُشر في دورية "أستروفيزيكال جورنال". فقد تبين أن النجم القطبي يحتوي على بقع على سطحه تشبه البقع الشمسية على شمسنا.
يُعد هذا الاكتشاف مفاجئًا لأنه يمثل نوعًا خاصًا من النجوم يُسمى "النجوم القيفاوية"، التي تلمع وتخفت بانتظام في دورة يمكن التنبؤ بها.
أهمية الدراسة: قياس المسافات الكونية واستكشاف النجوم القيفاوية
يحب العلماء دراسة "النجوم القيفاوية" لأن أنماط سطوعها تساعد في قياس المسافات الكونية. لكن النجم القطبي ليس فريدًا فقط بسبب سطوعه المتوقع، بل هو أيضًا جزء من ثلاثية نجمية.
كان الهدف الأصلي للدراسة هو رسم خريطة لمدار نجم مرافق خافت يدور حول النجم القطبي كل 30 عامًا.
وقد كانت هذه مهمة صعبة نظرًا لأن النجم المرافق كان قريبًا جدًا وخافتًا لدرجة أنه لم يتم تأكيده حتى عام 2005، بفضل تلسكوب هابل الفضائي.
أظهرت النتائج الجديدة أن النجم القطبي أكبر بكثير وأكثر كتلة مما كان يُعتقد سابقًا، مما يثير أسئلة جديدة حول طبيعته.
العلماء الآن مهتمون ببقع النجم ويخططون لمزيد من الملاحظات لفهم أسبابها. يمثل هذا الاكتشاف خطوة مثيرة إلى الأمام في فهمنا لأحد أشهر النجوم في السماء.
طالع أيضًا