سلطت المحامية ألحان نحاس من القسم القانوني في جمعية كيان الضوء على تعقيدات ملف العنف ضد النساء في المجتمع العربي، مشيرة إلى أن الإهمال ليس فقط من جانب الشرطة والجهات الرسمية، بل أيضاً يمتد إلى بنية المجتمع نفسه وعاداته.
وأضافت في مداخلة هاتفية لبرنامج "أول خبر"، على إذاعة الشمس، أن النساء هن الضحية الأولى للعنف المستشري، مشيرة إلى أنه خلال هذه السنة قُتلَت 14 امرأة، وفي العام الماضي وصل العدد إلى 22 ضحية.
ونوّهت إلى أن قتل النساء يحدث أحياناً بشكل مباشر بسبب كونهن نساء وأحياناً أخرى كضحايا سقوط عشوائي للرصاص نتيجة الفوضى المجتمعية.
وأكدت أن خطاب المجتمع مع قضايا النساء يبقى منخفض السقف وضعيف التأثير، وهو ما ينعكس في عدم الجدية في التعامل مع قضايا تهدد حياة النساء.
وأوضحت: "حتى لو وقعت الجريمة نتيجة رصاصة طائشة، يجب ألا نغفل عن تأثير منظومة العنف عموماً، فالمجتمع يتعامل باستخفاف أحياناً مع هذه الحوادث، ونلاحظ أن الاهتمام الإعلامي أو المؤسسي قليل مقارنة بجرائم العنف الأخرى".
واستنكرت نظرة المجتمع التي تُلقي باللوم أحياناً على المرأة الضحية، مضيفة: "النساء دوماً في موقع الضحية، سواء كن مسنات أو شابات، وهذا أمر مرفوض إنسانيًا وأخلاقيًا".
تطرقت المحامية ألحان إلى دور منظومة التربية والخطاب الذكوري في المجتمع، إذ قالت: "هناك عنف مجتمعي كبير، وضعف في حماية النساء، بدءاً من البيت والتربية وانتهاءً بالقوانين والتطبيق القضائي، هناك من يمنح الذكور شرعية اجتماعية للسيطرة على أخواتهم أو ممارسة العنف باسم حماية الشرف".
واعتبرت أن التغيير ليس سهلاً في مجتمع وصفتْه بأنه "ذكوري"، وأضافت: "حتى العاملين في المؤسسات الاجتماعية في أحيان كثيرة يحملون نظرة منحازة ضد النساء، ما يصعّب الحلول الحقيقية".
وعلى الصعيد القانوني، أوضحت أن المشكلة الأكبر ليست في نقص القوانين بقدر ما هي في ضعف تطبيقها، حيث أكدت: "الكثير من القوانين موجودة، لكن الأجهزة لا تنفذها كما ينبغي، هناك حالات لنساء لجأن إلى الشرطة وعبر عدة ملاجئ ولم يجدن الحماية، وملفات كثيرة أغلقت بلا إجراء رادع".
واختتمت ألحان بأن التغيير الحقيقي يحتاج إلى معالجة منهجية تبدأ من التربية، ودعم العائلة للمرأة، وارتفاع سقف الخطاب الإعلامي والاجتماعي بما يضمن التعامل مع المرأة باعتبارها شريكة كاملة الحقوق، وليس ضحية دائمة.
وتابعت: "نحن بحاجة لتغيير عميق في بنية المجتمع والتربية والخطاب العام الذي لا يزال يستخف بمعاناة النساء، التغيير ممكن رغم تعقيدات الواقع".