أوضح الصحفي في إذاعة مونت كارلو، نبيل شوفان، أن العقوبات الأخيرة التي أعلنها الاتحاد الأوروبي ضد إيران لا تشكّل مسارًا جديدًا، بل جاءت في إطار آلية "إعادة الزناد" المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015 وقرار مجلس الأمن رقم 2211، الذي يتيح إعادة فرض العقوبات في حال أخلّت طهران بالتزاماتها النووية.
وخلال مقابلة مع برنامج يوم جديد، أكد شوفان أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا لم تبتدع إجراءات جديدة، لكنها فعّلت بنود الاتفاق بعد أن فشلت إيران في استئناف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفضت رفع القيود عن عمليات التفتيش في المواقع النووية. كما واصلت زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، في خرق صريح لبنود الاتفاق.
وأضاف أن هذه العقوبات تشمل منع بيع ونقل الأسلحة التقليدية إلى إيران، وتستهدف شركات ومنظمات وأفرادًا يقدمون دعمًا تقنيًا أو ماليًا لبرنامجها النووي أو لتطوير الصواريخ الباليستية. ورغم أن الاتحاد الأوروبي شدد على أن الحل العسكري ليس مطروحًا، فإن الخطوة تمثل رسالة ضغط قوية لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات.
وأشار شوفان إلى أن العقوبات الأوروبية ليست مرتبطة فقط بالملف النووي، بل تتقاطع مع قضايا أخرى مثل انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، واحتجاز مواطنين أجانب للتفاوض، فضلًا عن حالات الإعدام المتكررة، آخرها في صباح يوم المداخلة. هذه العقوبات يتم تجديدها بشكل دوري، ومن المرجح تمديدها حتى عام 2026.
وبيّن أن هذه الإجراءات ليست أحادية التأثير؛ إذ تتحمل الشركات الأوروبية أيضًا جزءًا من الخسائر. فبعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، اضطرت معظم الشركات الأوروبية – نحو 90% منها – إلى الانسحاب من السوق الإيرانية، رغم محاولات باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مالية خاصة لمساعدة طهران على تجاوز العقوبات الأمريكية.
وأوضح أن إيران من جانبها بدأت بالانسحاب التدريجي من التزاماتها، حتى توقفت تمامًا عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما أفقد المجتمع الدولي القدرة على مراقبة برنامجها النووي بدقة، وزاد الشكوك حول نواياها في تطوير سلاح نووي.
وحول فعالية هذه العقوبات، رأى شوفان أنها ستؤثر على حياة الإيرانيين اليومية، نظرًا للوضع الاقتصادي المتردي أصلًا وارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية. وقد يدفع ذلك إلى تصاعد السخط الشعبي ضد الحكومة، التي تتعرض أصلًا لانتقادات داخلية وخارجية بسبب سياساتها في الداخل وتمويل أذرعها في المنطقة على حساب رفاهية الشعب.
أما بخصوص الدعم الروسي والصيني، فاعتبر أن الاتفاقيات المعلنة – مثل مشروع إنشاء مفاعلات نووية بتمويل روسي بقيمة 25 مليار دولار – هي ورقة ضغط أكثر من كونها مشاريع قابلة للتنفيذ قريبًا. وأوضح أن موسكو وبكين، رغم تعاونهما مع طهران، لا ترغبان في امتلاكها سلاحًا نوويًا لأسباب جيوسياسية وأمنية تتعلق بالمنطقة والعلاقات الدولية.