"حالة من الثقة واللامبالاة بما يجري حوله وعدم الإحساس بالذنب" "يتصور أنه لا يزال رئيساً يعيش مسرحية هزلية سرعان ما سيسدل عنها الستار".. هكذا رأى مجموعة من الخبراء النفسيين الظهور العلني الأول للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في أول جلسات محاكمته بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة بتهم قتل الثورة واستغلال النفوذ وإهدار المال العام وتصدير الغاز الطبيعي لاسرائيل بمشاركة نجليه و قيادات الداخلية.
من جانبه، قال الدكتور محمد المهدي خبير الطب النفسي بكلية طب الأزهر أن "موقف مبارك خلال محاكمته كان مركباً ، فعندما دخل مبارك القفص نائماً علي سرير المرض كان في حالة استسلام تام ، بعد ذلك بدأ يحرك يديه ويعبث بأنفه، ودلالة ذلك في لغة الجسد بأنه يحاول أن يتوارى عن عدسات التليفزيون المصري لرغبته في التخفي نظراً لارتباكه وقلقه وخجله من نفسه في هذا الوضع".
لا مبالاة
بعد ذلك، يضيف د. المهدي، "ظهرت عليه حالة من اللامبالاة حيث ظل ينظر بعينه على القاعة من وقت لآخر وكأنه يريد استكشاف الأمر، ولكنه بدا مؤقتا في حالة خجل أن يواجه الموجودين في القاعة فواجههم بطرف عينيه ولم ينظر لهم بشكل مباشر، وكان يرد على من يسأله من المجاورين له ويتلفظ بكلمات غير مسموعة ويتمتم بكلمات وهو بمفرده وهي ربما تكون أدعية".
وعندما سأله القاضي جاء رده حاسما لا ضعف فيه، منكراً كل الاتهامات الموجهة إليه بمنتهي القوة،"ولم يظهر عليه أي قلق وحاول الظهور بمظهر المتماسك .. وتفسير ذلك، بحسب د. المهدي، "أن مشهد دخوله إلى المحكمة كان شيئاً صعباً عليه ولم يتمالك أن يتفاداه فاستسلم له، ولكن ولكونه قائد عسكري سابق سرعان ما استنهض صفات الإقدام والشجاعة ليبدو متماسكاً في رده بإثبات وجوده وإنكاره كل الاتهامات الموجهة إليه ليظهر في مظهر القوة والسيطرة دون أن يشعر بالندم أو الخجل من جرائمه".
ويرى الخبيرالنفسي أن هذه "صورة تختلف تماماً عن محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين في 2006 حيث أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بالإعدام شنقا عليه، وكان يحمل مصحفاً مثل الذي كانا يحملاه نجلا الرئيس المخلوع، لأن صدام حسين كان يتكلم بكبرياء وتعال ويهاجم القضاء لوجود قوة مستعمرة تحاكمه بالرغم من كون القضاة عراقيين لكنهم يحاكمونه تحت سلطة الاحتلال الأمريكي، فأقنع صدام نفسه أنه بطل قومي وشعبي مات وهو يناضل قوة أجنبية".
ويضيف أن الوضع يختلف بالنسبة لمبارك "فالشعب هو من خلعه وثار عليه بعد أن تمكنت منه الاتهامات المالية والسياسية، ولذا لم يفكر مبارك في الظهور كبطل لأن أحداً لن يصدقه علاوة على أن شخصية مبارك متنكرة لانفعالاتها وهو مصاب بتصلب الشرايين (83 عاما) مما يجعل انفعالاته بطيئة ولا تظهر بسهولة".
غيبوبة الرئيس
بدورها قالت الدكتورة هبة العيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس أن "مبارك يتعامل وكأنه لا يريد تصديق ما حوله باعتباره يعيش في غيبوبة كونه لا يزال رئيساً لمصر، وهو ما ظهر جلياً علي قسمات وجهه طوال المحاكمة فلديه شعور خفي أنه لن يري مكروه قط ، وتم ترجمة ذلك في اللامبالاة التي تمتع بها طوال جلسة المحاكمة".
وأضافت: "في الوقت الذي لم يفت محاميه رسم مسرحية المريض حيث تم إحضاره علي سرير المرضي وتم تعليق حامل جلوكوز رغم عدم وجود جلوكوز أصلاً، وظهر سابغاً شعره و حالقاً لذقنه بما يوحي وكأنه ذاهب لنزهة وليس لمحكمة للقصاص منه جراء ضلوعه في قتل مئات الشهداء، وهو ما يؤكد عدم إحساسه بالذنب أصلاً".
وأشارت العيسوي إلى أن مبارك قال في معرض رده على القاضي بخصوص الاتهامات الموجهة إليه: "أنفي تماما وهو أمر يعكس مشكلة الإنكار لديه، التي لم تقتصر على مستوى الوعي وإنما تجاوزت ذلك إلى مستوى اللاوعي، فمبارك طوال عمره لم يقم بعمل مواجهة نفسية بينه وبين ذاته ليقيم أداءه، ولذا لا تتوقعوا منه أي شعور بالذنب تجاه الشهداء أو تجاه وطنه أصلا".
وخلصت إلى أن "مبارك قرر في جلسة محاكمته أن يستمر بينه وبين نفسه في تصديق المقربين منه بعد أن أقنع نفسه بأنه بطل أكتوبر والشعب كله يحبه، ولو كان صدق حقيقة أمره لأصيب بالاكتئاب منذ فترة طويلة ، لكنه لا يمتلك البصيرة طوال سنوات عهده لتمتعه بالغطرسة والكبر والعند وثقته في المقربين حوله فقط".
محاكمة مسرحية
أما الدكتور أحمد عبد الله مدرس الطب النفسي بجامعة الزقازيق فأشار أن انطباعاته قبل المحاكمة هي نفسها انطباعاته بعدها، "فمبارك يتعامل كأنه رئيساً للجمهورية بالفعل فهو يحاكم تحت سلطة جيشه بإحالة من نائبه العام بجزء صغير من الاتهامات التي من المفترض أن يحاكم بشأنها بما يجعل المحاكمة أقرب لمسرحية هزلية يكتفي بمتابعتها وهي يعبث بأنفه ويضحك من وقت لآخر".
"أضف إلي ذلك قدومه من شرم الشيخ بطائرة " رئاسية " وانتقاله بعد الحكم إلي المستشفي العالمي بالإسماعيلية – وليس مستشفي سجن طره – ليظل طوال عمره يعيش في مستوي "دولي" دون وجود ضغوط حقيقة توحي بأنها محاكمة "واقعية" وهو ما بدا في اطمئنانه الشديد بأنه "في السليم".
ويوضح الدكتور عبد الله أن "قسمات وجه مبارك كشفت خليطاً من الثقة واللامبالاة" ربما ما دعمها أن "المحاكمة لم تستكمل أركان جديتها ويكفي النظر لدفاع المدعين بالحق المدني الذي ظهر مشوهاً في مواجهة دفاع منظم جدا من فريد الديب محامي الرئيس المخلوع"
"حالة من الثقة واللامبالاة بما يجري حوله وعدم الإحساس بالذنب" "يتصور أنه لا يزال رئيساً يعيش مسرحية هزلية سرعان ما سيسدل عنها الستار".. هكذا رأى مجموعة من الخبراء النفسيين الظهور العلني الأول للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في أول جلسات محاكمته بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة بتهم قتل الثورة واستغلال النفوذ وإهدار المال العام وتصدير الغاز الطبيعي لاسرائيل بمشاركة نجليه و قيادات الداخلية.
من جانبه، قال الدكتور محمد المهدي خبير الطب النفسي بكلية طب الأزهر أن "موقف مبارك خلال محاكمته كان مركباً ، فعندما دخل مبارك القفص نائماً علي سرير المرض كان في حالة استسلام تام ، بعد ذلك بدأ يحرك يديه ويعبث بأنفه، ودلالة ذلك في لغة الجسد بأنه يحاول أن يتوارى عن عدسات التليفزيون المصري لرغبته في التخفي نظراً لارتباكه وقلقه وخجله من نفسه في هذا الوضع".
بعد ذلك، يضيف د. المهدي، "ظهرت عليه حالة من اللامبالاة حيث ظل ينظر بعينه على القاعة من وقت لآخر وكأنه يريد استكشاف الأمر، ولكنه بدا مؤقتا في حالة خجل أن يواجه الموجودين في القاعة فواجههم بطرف عينيه ولم ينظر لهم بشكل مباشر، وكان يرد على من يسأله من المجاورين له ويتلفظ بكلمات غير مسموعة ويتمتم بكلمات وهو بمفرده وهي ربما تكون أدعية".
وعندما سأله القاضي جاء رده حاسما لا ضعف فيه، منكراً كل الاتهامات الموجهة إليه بمنتهي القوة،"ولم يظهر عليه أي قلق وحاول الظهور بمظهر المتماسك .. وتفسير ذلك، بحسب د. المهدي، "أن مشهد دخوله إلى المحكمة كان شيئاً صعباً عليه ولم يتمالك أن يتفاداه فاستسلم له، ولكن ولكونه قائد عسكري سابق سرعان ما استنهض صفات الإقدام والشجاعة ليبدو متماسكاً في رده بإثبات وجوده وإنكاره كل الاتهامات الموجهة إليه ليظهر في مظهر القوة والسيطرة دون أن يشعر بالندم أو الخجل من جرائمه".
ويرى الخبيرالنفسي أن هذه "صورة تختلف تماماً عن محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين في 2006 حيث أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بالإعدام شنقا عليه، وكان يحمل مصحفاً مثل الذي كانا يحملاه نجلا الرئيس المخلوع، لأن صدام حسين كان يتكلم بكبرياء وتعال ويهاجم القضاء لوجود قوة مستعمرة تحاكمه بالرغم من كون القضاة عراقيين لكنهم يحاكمونه تحت سلطة الاحتلال الأمريكي، فأقنع صدام نفسه أنه بطل قومي وشعبي مات وهو يناضل قوة أجنبية".
ويضيف أن الوضع يختلف بالنسبة لمبارك "فالشعب هو من خلعه وثار عليه بعد أن تمكنت منه الاتهامات المالية والسياسية، ولذا لم يفكر مبارك في الظهور كبطل لأن أحداً لن يصدقه علاوة على أن شخصية مبارك متنكرة لانفعالاتها وهو مصاب بتصلب الشرايين (83 عاما) مما يجعل انفعالاته بطيئة ولا تظهر بسهولة".
بدورها قالت الدكتورة هبة العيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس أن "مبارك يتعامل وكأنه لا يريد تصديق ما حوله باعتباره يعيش في غيبوبة كونه لا يزال رئيساً لمصر، وهو ما ظهر جلياً علي قسمات وجهه طوال المحاكمة فلديه شعور خفي أنه لن يرى مكروه قط ، وتم ترجمة ذلك في اللامبالاة التي تمتع بها طوال جلسة المحاكمة".
وأضافت: "في الوقت الذي لم يفت محاميه رسم مسرحية المريض حيث تم إحضاره علي سرير المرضى وتم تعليق حامل جلوكوز رغم عدم وجود جلوكوز أصلاً، وظهر سابغاً شعره و حالقاً لذقنه بما يوحي وكأنه ذاهب لنزهة وليس لمحكمة للقصاص منه جراء ضلوعه في قتل مئات الشهداء، وهو ما يؤكد عدم إحساسه بالذنب أصلاً".
وأشارت العيسوي إلى أن مبارك قال في معرض رده على القاضي بخصوص الاتهامات الموجهة إليه: "أنفي تماما وهو أمر يعكس مشكلة الإنكار لديه، التي لم تقتصر على مستوى الوعي وإنما تجاوزت ذلك إلى مستوى اللاوعي، فمبارك طوال عمره لم يقم بعمل مواجهة نفسية بينه وبين ذاته ليقيم أداءه، ولذا لا تتوقعوا منه أي شعور بالذنب تجاه الشهداء أو تجاه وطنه أصلا".
يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!