تلتصق بيارة الحاج حمدان من قرية جلجوليه في حدود مدينة كفار سابا من الغرب، ومن الجنوب تلتصق بها مستوطنة سديه حيمد ومن الشرق والشمال الشارع الرئيسي الموصل لكفار سابا وبين مدينة قلقيلة وعلى امتداد الشارع اراض تمت مصادرتها، ووسط هذه الاراضي التابعه اليوم لمجلس اقليمي هشارون بيارة الحاج حمدان ومنازل العائلة .
يروي الحاج ابو شادي حمدان قصة صمودهم بارضهم المجاورة لكفار سابا،بعد معارك نضاليه دامت اعواما لجده الذي وقف على سطح منزله حينما جاء جيش الاحتلال بالأسلحة والدبابات لينسف المنزل ويحتل ارضهم، لم يأبه ولم يخف بل بقي والده وحيدا بعدما هرب الجميع وطلب من جدته الهروب بالأطفال بعيدا عن المنزل خشية من حدوث مكروه لهم وبقيوا بين الاشجار في البياره مختبئين في البرد حتى ساعات الصباح بعدما غادر الجيش . وسرد التفاصيل المريره والآهات التي طواها التاريخ:"كنت صغيرا عندما جاء جيش الاحتلال لنسف الحي الذي نسكنه الذي يحتوي بيوتا بمساحات مئات الدونمات لنا وللجيران، لا زلت اذكر كيف هربت والدتي مع اخوتي عندما كنا اطفالا واختبأنا بين الاشجار في بيارتنا هذه، ووالدي وقف يصرخ بوجههم من على سطح المنزل لن تنسفوا المنزل سابقى هنا مهما حصل...فعادوا ادراجهم وانتظروا الفرصه القادمة،وكل مرة كان والدي مصرا على الموت فوق منزله او بين اشجار بيارته التي كانت بمساحة 380 دونم ناهيك عن الاراضي التي كانت في الضفه قبل ألاحتلال واستمر الصراع معهم الى ان تمكننا من التشبث بهذه القطعه من الارض المجاورة لفار سابا على التصاق من مستوطنة سديه حيمد التي هي بالأصل اراضي لأهالي قلقيليه، وكل اصحاب الاراضي المجاورين لنا قسم منهم هرب وقسم مهم صودرت ارضه وقسم رحل وبقينا وحيدين هنا وكل الاراضي المحيطه صودرت رغما عنهم بالتشريد بالتخويف بالعنف وبكل السائل التي استخدمها الجيش حتى احتلوا كل شيء، كان لاجدادي ايضا اراض في قلقيلية صودرت وبالتالي استوطن هنا في هذه البياره.
وتابع بمراره :"في ذلك الزمن الغابر عهد الانتداب لم يكن المواطنين العرب اصحاب الاملاك والاراضي يهتموا بتسجيل الكواشين بسبب فرض الضرائب والتي كانت احد الحيل على العرب مصادرة بصوره غير مباشره،فمثلا من كان يملك 100 دونم كان يسجل في الكوشان (الطابو) 30 دونم كي لا يدفع ضرائب بمبالغ كبيره، وبهذه الحيله استولت الدوله على اراضيهم ، جدي محمد الحاج حمدان احتفظ بالكوشان ولم يفارقه للحظة ، ففي العام 56 عندما تأهلت دولة اسرائيل بدأ الصراع مجددا صودرت اراضينا وتوجهنا للمحاكم لإثبات ملكيتنا ، كنا ندفع الضرائب واحتفظنا بالكوشان الذي كان مسجلا بكل الاراضي التي نملكها ، حاولوا بكل الطرق والوسائل لمصادرتها وعدم اعادتها لنا ولكننا صارعنا كما نصارع على الحياه وناضلنا حتى تمكننا من اعادة واسترجاع الملكية، رغم اننا واجهنا المرارة العراقيل التي نصبوها امامنا ،حيث كان لنا بئر مياه وطالبتنا اسرائيل ان نغلقه وحددت لنا كمية المياه وأغلقوا لنا البئر وطلبت ان نتزود المياه من المستوطنه المجاورة سديه حيمد التي حددت لنا الكميه.
وتابع: كانت والدتي تملك 180 دونم ورثت من اجدادي كانت تسمى اراضي الجسر شرقي قرية جلجوليه، وكانت عائلات كثيره كذلك تملك مئات الدونمات وكانت للزراعه ومصدر رزق للعائلة، في الخمسينات هجروا العائلة وطاردوهم بالأسلحة نسفوا منازلهم ورحلوا الى جلجوليه وبنوا مستوطنه على اراضيهم اليوم تدعى حوراشيم،حينها حاولوا اثبات الملكية ولكن الصراع والتهجير والتسجيل اصبح هباءا في دولة لا يحكمها قانون ان ارادت ذلك، والكثير الكثير من القصص الشبيهه عبر التاريخ الفلسطيني المرير في دولة الاحتلال.
وبعد مرور اعوام كبرنا واردنا ان نبني لنا واخوتي الورثة من الاجداد لم تمنحنا الدوله رخصا بقينا في صراع في المحاكم اكثر من 12 عاما حتى تمكننا من استصدار رخص للبناء بشكل محدود، واليوم نحن ندفع الضرائب مثلنا مثل السكان في كفار سابا وبيارتنا ضمن نفوذ مجلس اقليمي هشارون ولكننا لا نتلقى أي خدمات كالاخرين، والتضييق من كل حدب وصوب، ولكن نحن نصر ان نبقى وسنبقى هنا الا يكفي ما صودر منا ومن الاخرين، ولكن الاهم المحافظة على ما تبقى وانصح كل شخص يملك قطعة ارض ولو صغيرة المساحة ان يسجلها في الطابو مهما كلف من اموال، هذا وطن في اطار دولة المؤسسات والقانون ليس مجرد أرض أو مساحة جغرافية معينة ، بل هو أرض و جغرافية معرّفة تعريفاً قانونياً و سياسياً و قومياً.
في حين روت ام شادي التي كانت تسكن في صغرها في منزل العائله في مدينة راس العين اليوم، في تلك الفترة تمكن الجيش من نسف عدة منازل ورحلوا الجميع وهربوا من مكانهم، من ضمن ذلك كان لنا منازلا مجاورة ما تشبه القصور بمساحة كبيره 16 غرفه وكان من افخم البنايات، لا زلت اذكر وذكراه راسخه في قلبي فكري ودمي اخرجونا عنوة وهددونا بالسلاح ثم نسفوه وأحيل رمادا، وانتقلنا الى قرية جلجوليه وسكنا في غرفة واحده كانت عائلتي 12 شخصا، وبيارتنا كانت تضم 54 دونم صودرت واحتلها الجيش بالقمع والاضطهاد الاستبداد والظلم، وكان لنا اراضٍ في منطقة قلقيليه ما يقارب 100 دونم كل ذلك اليوم صودر تحت التهديد، وكان للمرحومه والدتي 180 دونم ارض الجسر اليوم في حوراشيم بعد ان احتلها الجيش .
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.