ضمن رحلات الاستشكاف التي ينظمها مجموعة الرحالة والمستكشفين الفلسطينيين انطلقت رحلة جديدة قبل ايام للرحالة مخلص غرير(ابو ابراهيم)، احمد عدوي، فادي سند، رائد ابو طه، خالد بركات و نزار العيسة الى جبال واودية المنطقة الحدودية الصحراوية بين بيت لحم والخليل.
وبحسب تقرير صحفي صادر عن المستكشفين والرحالة فان وجهة الرحلة هذه المرة الى ما تبقى من أطلال دير قديم في واد الغار, (وهذا الوادي هو الحد الفاصل بين أراضي محافظة بيت لحم وأراضي محافظة الخليل وترفده مجموعة اودية أهمها وادي سيف ووادي الحمام ووادي الجيحار ووادي ابراهيم ووادي الكلت) ، ما ان بلغت الساعة الثانية عشرة والنصف ظهر الجمعة حتى كان افراد المجموعة قد استقلوا احدى سيارات الأجرة التي حملتهم وكل متاعهم وما يلزم ليومين وليلة في الصحراء. وقبل ان تبلغ السيارة ( قرية الرشايدة ) استوقف الجميع وادي الجيحار الذي يغوص عميقا على يمين الطريق , هذا الوادي الذي يأتي من أطراف بيت فجار والشيوخ ليتصل بوادي الغار.
أحمد عدوي احد افراد المجموعة المتحمس جدا لكل ما يستكشف، قال:- "ما أن نزلت من السيارة ونظرت صوب الوادي السحيق القادم من اقصى الغرب يتلوى كافعوان هائل الضخامة بين الجبال حتى ذكرني هذا المشهد بتلك الافلام والصور التي كثيرا ما نشاهد للوادي العظيم الذي يحتضن نهر الكولورادو".
بعد مرور ما يقارب الساعة على لحظة الانطلاق كان افراد المجموعة قد ترجلوا من السيارة متجهين صوب اجمل موقع في وادي الغار، وبعد مسير قارب الستة كيلومترات وصلوا الى أطلال ما كان ذات يوم ديرا يزدحم بالحياة.
بعد استراحة قهوة قصيرة و استطلاع سريع للمكان، قرر افراد المجموعة اقامة مخيمهم في منتصف بقايا الدير. لم تمض سوى نصف ساعة حتى كانت اربع خيم قد انتصبت لتعلن ان الحياة قد عادت لأطلال دير هجر منذ اكثر من الف عام.
وبعد ترتيب الامتعة، انطلق افراد المجموعة لاستكشاف المكان وما حوله، وقبل غياب الشمس تم استكشاف اربعة ابار مياه، واحد منها مطمور بفعل العوامل الطبيعية والتخريب الادمي. اما الثلاثة الاخرى فكان اثنان منها يحتويان ماءا بكميات كبيرة، اما الاخير فكان فارغا .
فادي سند احد افراد المجموعة والمهتم بتفاصيل الكنوز الاثرية قال :- "عثرت على مقاطع من لوحات فسيفسائية في خمسة مواقع مختلفة من الدير، ثلاثة في الغرف الصخرية (الكهوف )، واحدة في مدخل غرفة حجرية، اما الاخيرة وهي الاجمل فكانت في جزء الدير المبني فوق الجرف الصخري. اعتقد ان جميع هذه اللوحات الفسيفسائية تعود الى قبل اكثر من الف وخمسمئة عام) .
أثناء تجوال افراد المجموعة تم توثيق سبعة ادراج خمسة منها منحوتة في الصخر، واثنان حجريين. مخلص غرير المتحدر من اصول بدوية قال بعد تامل طويل للمكان من على قمة جرف صخري مشرف:- "احصيت حتى الان تسع غرف منحوتة في الصخر متفاوتة في الحجم ودرجة التدمير. انني مذهول من اولئك الحفارين الذين قاموا بذلك العمل الجبار).
وما بين الدرجات وغرف الصخر ما زالت تتشبث اساسات غرف هدمت وتكفل الوادي بنقل حجارتها بعيدا.
رائد ابوطه استاذ الكيمياء في مدرسة ذكور بيت لحم الثانوية تحدث عن مشاهداته فقال:- "استغرب من وجود هذا العدد الكبير من القنوات والاحواض الصغيرة وخصوصا ذلك العنقود المتدرج من الأحواض الذي ينتهي بحوض موصول بأنبوب رصاصي. لقد ادهشني استخجام انابيب رصاصية بهذا الشكل قبل اكثر من خمسة عشر قرنا"
ما ان هجرت الشمس وادي الغار حتى كان افراد المجموعة يصعدون تلا مرتفعا ترائى لهم وكأن قمرالصحراء يتكئ عليه. لقد اجمع الكل على ان القمرهناك اكبر واسطع ، لقد التقطوا مجموعة من الصور الرائعة الجمال بدا فيها القمر وكأنه لا يعلو عن قمة التل أكثرمن قامة طفل. كان هذا المشهد سببا في اطلاق اسم "واحة القمر"على مخيم المجموعة الاستكشافية المقام على اطلال ديربلا اسم في وادي الغار.
مع بزوغ فجر اليوم التالي كان افراد المجموعة فد بدأوا يستخدمون الحجارة لكتابة اسم لهذا المكان الذى ظل بلا اسم لمئات السنين , لقد اصبح بالامكان مشاهدة لوحة ارضية كبيرة عمادها التراب والحجارة تقرأ بسهولة من مسافات بعيدة : "واحة القمر"
لقد اكد افراد المجموعة على ان الهدف من هذه الجولات الاستكشافية هو تسليط الأضواء على كنوزنا التاريخية التي تنتشر في كل مكان، وتشجيع المواطنين على زيارتها والحفاظ عليها، وقد تمنوا على وزارة السياحة والاثار وكل المعنيين وذوي العلاقة القيام بكل ما يلزم للحفاظ على هذه المواقع من النسيان والتخريب.
تجدر الاشارة الى ان هذه المجموعة الاستكشافية قد قامت خلال شهر أيلول المنصرم بجولتي استكشاف سيرا على الأقدام لقناة السبيل (العروب برك سليمان) حيث تتبعوا ما يقارب الخمسة والثلاثين كلم من مجموع طول القناة الذي يبلغ حوالي سبعة واربعين كلم.