لغة "خطبة الأحد" مكتوبة بسخرية سرعان ما تتحوّل في الأبيات اللاحقة إلى جادّة ووجدانية ومن ثم تُختتم بمقاطع ثوريّة رافضة في تمازج موسيقي شعري غنائي ملحمي مختلف وجديد.
الفلسطينيان سريّ بشارات وعنان قسيم أخرجا هذه المغنّاة في عمل فنيّ مرئي (فيديو آرت) يدعم الجّوهر الشّعري صوريًا من خلال مشاهد تؤكّد على أن الأقليّات الدينيّة والعرقيّة الفلسطينيّة هي فعلاً جزء من تكوين حضارة المكان وتاريخه. هذا وساهم في إنتاج العمل شباب آخرين من فلسطين ومن أقطار عربية أخرى.
إلى جانب الغاية الإبداعيّة والفنّية من المُغنّاة إلاّ أن لها هدفان سياسيان ضروريّان ومُلحّان: فهي تخاطب العالم الحر حول ما ترتكبه الجماعات الإرهابيّة من جرائم بشعة بحق الأقليّات في الشرق من جهة، ومن جهة أخرى تتناول استغلال السّلطات الإسرائيليّة فرصة هذه الأحداث مروّجةً لمخططها الرامي في أوساط فلسطينيي الداخل إلى تجنيد أبناء الأقلياّت الدينيّة منها في جيشها.
تهدف السّلطات الإسرائيليّة في هذا المخطط إلى شطر وتفريق الأقليّة العربيّة في الداخل ومن ثمَّ تحويل الصّراع الدّائر في عيون العالم من صراع قومي (إسرائيلي فلسطيني) إلى صراع ديني (يهودي إسلامي)، من هذا المنطلق جنّدت السّلطات الإسرائيليّة مؤخرًا عملاء لها من رجال دين من فلسطينيي الـ 48، وكرّست لهم ميزانياّت مخصّصة لتسويق فكرة تجنيد أبناء الأقليّات، علمًا بأن تلك الأقلياّت هي من أعمدة العمارة الوطنيّة الفلسطينيذة وجزء فاعل وفعّال في بناء الهويّة العربيّة في الداخل.
رغم فلسطينيّة العمل إلاّ أن في تناولها الفنّي هذه المغناة أقليّات فلسطين المستضعفينَ والمستهدفين بالذات، هي أيضًا تتناول وبشكل غير مباشر أقليّات الدول العربيّة الأخرى محاولةً أن تساهم في إعادة بناء المشروع الوطني المناهض للجّرائم التي تُرتكب بحق تلك الأقليّات فتدفعهم مرغمين إلى هجرة الشرق، هذا الشرق الذي هم، وبلا شك، جزء من تاريخه وحضارته معًا.