كشفت وثائق مسربة على الإنترنت عن محاولتين لمسؤولين فلسطينيين لاستغلال المال العام لأغراض شخصية، مما سلط الأضواء على حجم الفساد وسوء الإدارة المستشريين في أوساط حكومة رام الله، بحسب وصف وكالة أسوشيتد برس التي نقلت النبأ.
وأثارت الوثائق موجة غضب وسط الفلسطينيين الذين ضاقوا ذرعاً بالخدمات التي تقدمها الحكومة مع حالة الركود التي يعيشها اقتصاد بلادهم.
وقد ظل مسؤولو السلطة الوطنية الفلسطينية يدافعون عن جهودهم في استئصال شأفة الفساد، ويقولون إنهم استردوا ملايين الدولارات التي أُنفقت في غير محلها.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس بأن إحدى الوثيقتين الممهورة بتوقيع مجدي الخالدي، وهو مستشار دبلوماسي للرئيس محمود عباس، طلبت من وزير الخارجية البحريني مبلغ أربعة ملايين دولار أميركي لتمويل مجمع سكني خاص بالمسؤولين الفلسطينيين في إحدى أحياء رام الله الراقية بالضفة الغربية.
وأكد المسؤول أن القصد من بناء المجمع هو "مقاومة المستوطنات الإسرائيلية" رغم عدم وجود بؤر استيطانية في المنطقة المستهدفة.
ولم يتضح ما إذا كانت البحرين قد دفعت المبلغ المطلوب بالفعل، بينما امتنع الخالدي عن التعليق عندما اتصلت به وكالة الأنباء الأميركية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها.
وتكشف الوثيقة الثانية أن مدير عام المعابر والحدود بالسلطة الفلسطينية نظمي مهنا طالب الحكومة بتسديد الرسوم الدراسية الخاصة بابنته ومصاريف العلاج لعائلته في الأردن، والتي بلغت 1500 دولار، "وهو مبلغ كبير بالنسبة للعديد من الفلسطينيين".
ودافع مهنا عن تلك المطالب قائلاً إن الحكومة الفلسطينية تسمح بها، بينما قالت الحكومة إنها لا تغطي هذا النوع من المصاريف.
وسرعان ما غصت وسائل التواصل الاجتماعي بردود فعل غاضبة، حيث أبدى الفلسطينيون اعتراضهم على كل شيء، بدءاً بالموارد المالية لقيادتهم، وانتهاءً بشرعية السلطة في ضوء التأجيل المتكرر للانتخابات التي أُجريت آخر مرة عام 2005.
وقال مدير مؤسسة أمان التابعة لمنظمة الشفافية الدولية المعنية بالفساد عزمي شعيب: "ثمة ثقوب سوداء" في النظام المالي والإداري للسلطة الفلسطينية "بحاجة إلى التصدي لها وإصلاحها".
ومن بين تلك الثقوب إخفاق السلطة في نشر تقارير مالية حسب الأصول وفي موعدها، بينما لا تُخضع للرقابة عشرين صندوقاً حكومياً يرأسها تنفيذيون يتقاضون رواتب عالية.
وأضاف شعيب أن العديد من الإدارات العامة باتت "ممالك خاصة" لبعض المسؤولين، حسب قوله.
من جانبه، صرح رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية رفيق النتشة بأن منظمته تحارب ظاهرة الثراء الحرام، وتمكنت من استرداد ملايين الدولارات المنهوبة. لكن بالنسبة للفلسطينيين فإن الوثائق المسربة عززت قناعتهم بفساد حكومتهم، على حد تعبير وكالة أسوشيتد برس.