عرضت مساء السبت الماضي حفلة المطربة العربية جوليا (بطرس)، التي قدمتها على مسرح بلاتيا في لبنان في أيلول عام 2014، على شاشة LBCI و LDC اللبنانيتين، ويبدو أنها لأول مرة تعرض على شاشة التلفزيون.
ومع اطلالتها في بداية الحفلة الى نهايتها، ومع كل اطلالة وتحية رأيت فيروز أمامي بمشيتها بلباسها بايماءاتها بتلويحة يدها، والأهم بنوعية أغانيها وبتفاعل الجمهور اللامحدود معها.
وهذا ما يجعلني أجزم بأن جوليا هي خليفة فيروز، كيف لا وهي تسير على نفس النهج والدرب، كيف لا وهي تغني للوطن والمقاومة والعاطفة والذاكرة، كيف لا وشقيقها الملحن زياد بطرس يرافقها كما رافق الملحن والموسيقار زياد الرحباني والدته فيروز في مرحلتها الثانية مع الرحابنة، كيف لا وجوليا تعتبر فيروز مثالها في الفن والغناء والرقي الانساني؟!
تدخل جوليا بفستانها الأحمر الطويل وهي تتهادى في مشيتها وكأنها تسير على وجه المياه بخفة ونشاط، لكن بثقة وكبرياء.. والجمهور يحييها ويلاقيها بأجمل ترحاب.
تقدم لنا جوليا في الوصلة الأولى باقة من أغانيها منها الجديد مثل " انزع وجهك" وأغانيها المعهودة المحبوبة، ومنها مع توزيع موسيقي جديد أو اضافي، مثل: ولا بأحلامك، يا قصص، شي غريب، بمرافقة آلات موسيقية لم تظهر في السابق، حيث رافقت جوليا في حفلتها هذه فرقة موسيقية كبيرة ضمت 120 عازفا على مختلف الآلات الموسيقية ومنهم عدد لا بأس به من العازفين الأجانب. هذا اضافة الى مرافقة حسية لبعض الأغاني من خلال لوحات راقصة بديعة، أضفت جمالا ورونقا على جمال الأغنية.
وكما ذكرت سابقا، فان أسلوب حفلة جوليا ذكرني بأسلوب حفلات فيروز، حيث تعتمد على وصلات ترتاح خلالها المطربة، ويؤدي الكورال إحدى أغانيها المعروفة، هكذا فعلت بالأمس فيروز وهكذا فعلت اليوم جوليا، وسمعنا الكورال يقدم لنا "بنحبك ايه" في الاستراحة الأولى واغنية " ما عم افهم عربي" في الاستراحة الثانية.
وكانت قمة الحفلة في الوصلة الأخيرة، التي طغت عليها الأغاني الوطنية المعروفة لجوليا، والتي تفاعل معها الجمهور الى حد لا يوصف، ولم يتمالك أنفاسه فهب واقفا على أقدامه وملوحا بقبضاته ومصفقا بحرارة، ولم تبخل جولياعلى جمهورها في القاعة وعلى المجمهور المتشوق أمام شاشات التلفاز بأغنية: أطلق نيرانك، طاب مجدك الى جانب أغنية جديدة ومعبرة "قديش مهضوم"، وتنهي الوصلة الأخيرة بأغنية "أحبائي" والتي تحمل الوفاء لجنود المقاومة الذين حققوا نصرا كبيرا على 2006 في صد العدوان الاسرائيلي على الجنوب اللبناني.
وتقف جوليا مع الفرقة الموسيقية لترد على تحية الجمهور ولتغادر المسرح كما تغادره فيروز، لكن وأمام هتاف الجمهور المتواصل ورفضه لمغادرة أماكنه وقوفا، تعود جوليا ثانية ملبية نداءات الجمهور وتقدم أغنية وطنية أخرى " الحق سلاحي" فيثور الجمهور ويلتهب مجددا، وتغيب ثانية جوليا وراء الستار بعدما تودع الجمهور، لكن هيهات كيف يرضى الجمهور أن يغادر القاعة وهو في عز التفاعل ولم يشف غليله من أغاني جوليا التي تجعلك ثابتا على الأرض وحائما في الفضاء، وأمام هتفات الجمهور وتصميمه وعناده تعود جوليا لتوفي هذا الجمهور الرائع حقه، وتقدم باقة مشكلة "كوكتيل" من المقاطع من أغانيها الوطنية وهنا تضج القاعة ويكاد الجمهور يخرج عن طوره، فاذا شكلت " الحق سلاحي" أغنية ما بعد الختام، جاءت هذه الباقة المميزة التي شكلت ما بعد بعد الختام، الحافلة بالمقاطع الوطنية الملتزمة والثورية التي جعلت الجمهور يضج مهللا ومتفاعلا ومنشدا.
أثبتت جوليا أنها مطربة من الدرجة الأولى، وأثبتت أنها تستحق أن تكون خليفة فيروز وأثبتت لنا أن الفن بخير ما دامت جوليا وأمثالها موجودين على الساحة الفنية، ويبقى عليهم أن يفرضوا وجودهم وبقوة في مواجهة الفن الهابط.
(شفاعمرو- الجليل)