احتشد المئات من أبناء الداخل الفلسطيني مساء يوم السبت (30/1/2016) في قاعة "العوادية" بمدينة شفاعمرو، إحياء لفعاليات اليوم العالمي للتضامن مع فلسطينيي الداخل، الذي أعلنت عنه لجنة المتابعة العليا، وتحدث في المهرجان ممثلون من مختلف القوى السياسية العربية، وأكدوا على أهمية هذا اليوم في إحداث نقلة نوعية في نضال جماهير الشعب الفلسطيني في الداخل، ورفع صوتهم في أرجاء العالم ضد الظلم الإسرائيلي والسياسات العنصرية للمؤسسة الإسرائيلية.
افتتح المهرجان بدقيقة حداد وقراءة الفاتحة والنشيد الوطني الفلسطيني، وتولى عرافته الكاتب سلمان ناطور قائلا: "من هنا نطلق صوتا نضاليا موحدا في أرجاء العالم، ونقف ضد نظام يبني سياساته على التطهير العرقي واضطهاد شعبنا".
كلمة البلد المضيف، ألقاها أمين عنبتاوي، رئيس بلدية شفاعمرو، ودعا فيها إلى تشكيل هيئة موسعة من مختلف الأحزاب والقوى العربية والجمعيات الأهلية والناشطين، بهدف صياغة مشروع وطني وحدوي، مؤكدا أن الوحدة بين أطياف شعبنا هي عنوان المرحلة ويجب تغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية في مواجهة سياسات العنصرية الإسرائيلية.
رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، ذكر أن هذا اليوم يشكل نقلة نوعية في نضال شعبنا في الداخل، مؤكدا أنه البداية لتدويل قضايانا ونقلها إلى كل المحافل الدولية، وشكر اللجنة التحضيرية على انجاح الفعاليات، والجالية الفلسطينية وكل أحرار العالم الذين تفاعلوا مع هذا اليوم.
وتطرق بركة إلى الفعاليات التي شهدها هذا اليوم في أماكن مختلفة من العالم، وإلى المهرجانين الذين نظما في رام الله وغزة، وتحدث عن 40 عاصمة ومدينة في العالم العربي وأنحاء العالم، أحيت فعاليات يوم التضامن مع فلسطينيي الداخل.
وأشار رئيس "المتابعة" إلى ضرورة فضح العنصرية الإسرائيلية وتعريتها أمام العالم، مبينا أشكال القهر والتضييق التي يعاني منها أبناء الداخل الفلسطيني على كل المستويات، وفي مقدمتها التضييق في الأرض والمسكن والملاحقة السياسية.
وندّد بركة بحظر الحركة الإسلامية واعتبر هذا الاجراء ذروة الممارسات العنصرية الإسرائيلية تجاه شعبنا.
وقال "إن يوم التضامن العالمي مع أهل الداخل، هو محاولة لوضع جماهيرنا على خارطة العالم، لكنه لن يكون بديلا عن نضالنا بكل اشكاله، بل هو قيمة مضافة في مواجهة العنصرية الإسرائيلية".
ورفض بركة الانتقادات التي وجهت إلى هذا اليوم بزعم أنه "تجزئة" لأبناء شعبنا، مؤكدا أنه ليس كذلك بل هو جزء مكمل في نضال شعبنا بكل أطيافه وأماكن تواجده.
وشدّد على أهمية الوحدة من أجل الانتصار على مشاريع العنصرية الإسرائيلية.
ثم تحدث مازن غنايم، رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، وقال إن اليوم هو تاريخي ويحمل عدة رسائل للعالم العربي والعالم أجمع.
وخاطب العالم العربي بالقول: "نحن جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني اينما تواجد، ونحن ملح هذه الأرض"، وفي رسالته إلى العالم الغربي قال غنايم: "كيف من الممكن أن تقبلوا ما حل بنا في الداخل من مآسي ومعاناة وكل أشكال التمييز".
وختم قائلا: "لن نساوم على هويتنا وقوميتنا مهما كانت الاغراءات فنحن نرفض المساومة ولو اعطينا كل الميزانيات" وكان بذلك يرد على تصريحات نتنياهو التي دعت العرب إلى تقديم "التنازلات في حقوقهم الوطنية والقومية من أجل المساواة".
وفي كلمة للباحث والأكاديمي اليهودي غابي الغازي، ندّد بحظر الحركة الإسلامية، واتهم الحكومة والمؤسسة الإسرائيلية بممارسة القهر على "مواطنيها" العرب، مشيرا إلى أن "الدولة غير مؤتمنة على حياة من تزعم أنهم "مواطنين" فيها وهم العرب".
ثم تحدثت النائب حنين زعبي، من التجمع الوطني الديموقراطي، وحيّت الحضور، وأكدت ان اليوم هو محطة هامة في صراع شعبنا مع المؤسسة الصهيونية. كما قالت.
ودعت إلى وحدة أطياف شعبنا على قاعدة مواجهة سياسات المؤسسة الإسرائيلية، وشدّدت على أنه لا يمكن لشعبنا أن يقبل المواطنة على حساب الانتماء.
وقالت إن أصل المواجهة مع المشروع الصهيوني هي "سرقة وطن" ومارس هذا المشروع كل أشكال القهر والقمع بحق أبناء هذا الوطن الأصليين.
وأضافت أن إخراج الحركة الإسلامية عن القانون، هو دليل ضعف للمؤسسة الإسرائيلية ويكشف وجهها الفاشي، الذي يخالف كل القواعد الديموقراطية.
ودعت زعبي إلى إعادة بناء لجنة المتابعة وتوحيد خطاب أهل الداخل الفلسطيني في مواجهة مخططات المؤسسة الحاكمة.
النائب السابق محمد حسن كنعان، عن الحزب القومي العربي، أكد أن اليوم هو تاريخي، في ظل حكومة عنصرية تقتل شعبنا وتحاصره، فلا بد من إسماع صوت شعبنا إلى كل العالم.
ودعا كنعان إلى رص الصفوف والمزيد من الوحدة بين أطياف شعبنا وقواه السياسية.
النائب السابق طلب الصانع، قال في سياق كلمته "إن المؤسسة الإسرائيلية تريد أن تصادر حقنا في تقرير مصيرنا، ولكن شعبنا افشل وسيفشل كل مخططاتهم، وانتقل إلى مرحلة نوعية ليصرخ في كل العالم ضد اسرائيل وزيف ديموقراطيتها".
القيادي في أبناء البلد، رجا اغبارية، تطرق إلى طبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني والذي امتد على مدار 100 عام، وأشار إلى محطات كثيرة في تاريخ شعبنا، منها ما أدى إلى انتكاسات كما في اتفاق اوسلو والتنسيق الأمني.
وتحدث اغبارية عن أشكال القهر والتضييق التي يعاني منها اهل الداخل، من هدم بيوت وغيرها، ودعا إلى الوحدة وخوض المواجهة مع المشروع الصهيوني على كل أرض فلسطين التاريخية.
النائب مسعود غنايم، قال في كلمته: "نعيش اليوم على مفترق طرق نستكمل به نضالنا، علينا ان نصنع حاضرنا ومستقبلنا بالوحدة، نتسلح بقوة حقنا، نناضل للصمود أمام كل سياسات المؤسسة العنصرية من أجل بيوتنا وأرضنا، هذه الدولة أسفرت عن وجهها الحقيقي هي والحكومات التي تعاملت معنا كأعداء، وتتغول علينا لدرجة اننا مهددون بوجودنا حتى تم منع كلمة الله أكبر".
النائب عايدة توما، عن الحزب الشيوعي والجبهة، تطرقت إلى أهمية أن يقف أحرار العالم معنا اليوم من أجل صمودنا على أرض الاباء والاجداد وأرض أجيالنا القادمة.
أما النائب أسامة السعدي، عن الحركة العربية للتغيير، فقال في كلمته للمهرجان: "هذا المهرجان الكبير الحاشد هو أكبر رد على بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة في هذه البلاد".
ونقل السعدي للمشاركين، تحية النائب أحمد الطيبي، الذي توجه إلى امريكا لكي يطرح قضايا الداخل هناك وفي الامم المتحدة.
وكانت الكلمة الختامية في المهرجان للشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية ورئيس لجنة الحريات.
ورحّب الشيخ رائد بالحضور جميعا وخص بالذكر وفد جمعية الحقوقيين الأتراك التي تشارك في المهرجان بوفد رفيع.
ووجه تحية الحرية والإعزاز إلى الأسير محمد القيق وقال: "أرى من الضروري ان أؤكد ألف تحية والحرية كل الحرية للأسير محمد القيق" مضيفا "لو كان مكان للاختيار لفرحت أن أكون بدل محمد القيق على سريره, فنحن لا نخاف السجون ولا الموت، هكذا تعلمنا من جيل الصحابة والتابعين".
وأضاف رئيس الحركة الإسلامية: "خلال العقدين الماضيين كنا نقول وبحق الاقصى في خطر، ونقول اليوم وجودنا في خطر، فماذا يعني حظر الحركة الاسلامية بناء على قوانين الطوارئ التي لا تستخدم إلا في ايام الحروب، انه يعني ان المؤسسة تعلن علينا الحرب جميعا على كل المجتمع الفلسطيني دون استثناء، وماذا تعني كلمة بعد عملية ديزنغوف، أنه هدر دماءنا جميعا، وماذا يعني عندما نقرأ موقف المستشار القضائي من لجنة الفحص التي تطالب بتنفيذ أوامر الهدم بلا تردد ودفع الغرامات".
وقال: "لا اتحدث لأثير الفزع فنحن لا نخاف ولكن كما يبدو ووفق الواقع، تنتظرنا أيام صعبة".
وأكد الشيخ أن الرد على المؤسسة الإسرائيلية يكون من خلال استراتيجية عنوانها الوحدة مشددا: "نحن في معادلة نستشهد دونها ونرضى بالسجن المؤبد، فإما ان نعيش على أرضنا سعداء أو ندفن فيها شهداء".
وقال في رسالة ثانية: "مع كل ما تحدثت عنه في خطوطه العامة، قلنا ولا زلنا نقول أرضنا لا يعمر فيها ظالم ولا عنصري، ومن هنا أنا على يقين أن الظلم الاسرائيلي إلى زوال والعنصرية الاسرائيلية إلى زوال والاحتلال إلى زوال، سنبني وان هدموا سنبني حتى ينتصر بناؤنا على هدمهم".
وخاطب العالم العربي والاسلامي في ختام كلمته قائلا: "هل تعلمون من هم فلسطينيو الداخل، هم كنز استراتيجي لنصرة القدس والاقصى المباركين، هم كنز استراتيجي للحفاظ على حق العودة، هم كنز استراتيجي للحفاظ على حق المهجرين وللدفاع على الصفة التاريخية الحضارية لهذه الأرض المباركة حتى نلقى الله رب العالمين".