نامت نواطير العواصم عن ثعالب الكروم..وقد أتخمت..وما زال هنالك..بقايا من عناقيد!
نامت النواطير..إلا الناطور الفلسطيني سلمان ناطور وباقي النواطير الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم..فقبضوا على الجمرة..وعضّوا التراب بالنواجذ!
بقي ناطور ناطرًا وحارسًا للذاكرة..
وكي لا ننسى..ننفض عن أطلالنا غبار النسيان "فما نسينا"..ولن ننسى..
وكان الشيخ الذي زرعت الأيام والليالي أرض وجهه همًّا وصبرًا.. شاهدًا تاريخيًّا دامغًا..على هول المأساة!
إن شعبًا بلا "ذاكرة"..هو شعب بلا مستقبل!
إن شعبًا بلا "ذاكرة" يضع مصيره على كف عفريت!
تعالوا أن نرمي حجرًا في فضاء التاريخ المراوغ..وننصب راياتنا على شرفات الذاكرة..ونهز المارد الذي يغط في سبات عميق.. والمستلقي على طول المسافة من المحيط إلى الخليج!
عن البئر والمخاتير والخنتريش والقروط وأبو دبوس والأدون وعين حوض وأم الزينات والخبيزة والمغاربة والسماسرة والقسام وحيفا والبحر والبروة وميعار وأخواتها..تحدثنا "الذاكرة"..
**
ونلتقي دائمًا..
لنحرس الحلم..ونحرس الذاكرة..
فماذا يساوي شعب بلا حلم..وبلا ذاكرة؟
للجغرافيا ذاكرة..وللتاريخ ذاكرة..لشجرة الزيتون ذاكرة..للسنديان ذاكرة..للحجر ذاكرة..للصبر ذاكرة..للقبر ذاكرة.. للكنيسة والمسجد ذاكرة.. وللإنسان الإنسان ذاكرة..
"ستأكلنا الضباع إن بقينا بلا ذاكرة..ستأكلنا الضباع"!
ولن نسمح لأنفسنا أن تأكلنا الضباع..
**
لن نسمح لأنفسنا بعد هذا العمر الطويل..
ولن نسمح للآخرين..
تصبحون على خير..وتصبحون على "ذاكرة" عصية على النسيان..يشيب الغراب ولا تشيب!
*
(من كتاب "أقمار خضراء" الذي سيصدر قريبًا - الكلمة ألقيت قبل 9 سنوات تقريبًا..في أمسية ثقافية أقيمت في مسرح "الميدان" تكريمًا للمبدع الراحل الباقي سلمان ناطور)