"صوت الواقع"، هكذا عرفت صحيفة "جلوبس" اذاعة الشمس، كمؤسسة اعلامية رائدة طالما استحوذت على اهتمام وسائل اعلام اخرى في البلاد والخارج، لدورها المميز كإذاعة عربية تطرق كل الابواب وتحكي قصة الجماهير العربية في البلاد بشرائحها وأطيافها، بإصرارها على تأكيد الهوية القومية ونيل الحقوق والمساواة الكاملة في دولة اسرائيل.
هذا الدور كان دافعا أساسياً للكتاب الذي صدر عن المعهد الاسرائيلي للديمقراطية حول اذاعة الشمس. وصحيفة "جلوبس" الاقتصادية نشرت في عددها الجمعة الماضي تقريرا موسعاً عن الاذاعة ودورها.
في هذا التقرير تحدث المدير العام لإذاعة الشمس الاستاذ سهيل كرام عن التحديات التي واجهت الاذاعة في بداية الطريق والتحديات في العمل اليومي للإذاعة من خلال طرح كافة القضايا المتعلقة بالجماهير العربية كالمواطنة والهوية القومية والنقاش مع المؤسسة الرسمية والسلطة الثانية للبث، معرجاً على بعض المحطات الهامة مثل قرار الاذاعة البث في يوم الغفران وتغطية الاحداث الحساسة، من وجهة نظر عربية وليس كما يطرحها الاعلام الاسرائيلي، وقد استضافت الصحيفة أيضا رئيسة مجلس الادارة السيدة آمال كرام والزملاء مقبولة نصار وجاكي خوري.
كرّام أكد في حديثه لغلوبس: "إن اذاعة الشمس لا يمكنها العبور مر الكرام عن أي صراع، خاصة الصراع الداخلي الذي يعيشه العرب في اسرائيل حول الهوية، وهو الصراع اليومي الذي يعيشه كل عربي في هذه الدولة، فهي تعيش ايضا هذا الصراع".
مضيفا: "أن تكون عربياً في هذه البلاد ليس سهلا، وان تكون وسيلة اعلام في اسرائيل ايضا ليس بالأمر السهل كذلك، فما بالك ان تكون وسيلة إعلام عربية في اسرائيل، فالأمر ليس سهلا البتة، فمنذ انطلاقة اذاعة الشمس في العام 2003 والعاملون في الاذاعة والذين يصل عددهم قرابة الخمسين شخصا، وهم يجابهون الصراعات في عدد من الجبهات، اهم هذه الصراعات كما قلنا صراع الهوية كمواطنين عرب في دولة اسرائيل".
ويؤكد كرام في حديثه لغلوبس: "الاذاعة لا تتنكر لكونها تحت مظلة السلطة الثانية في دولة اسرائيل، ولا تنكر الواقع الذي يحيط بها، وهذا يتجلى في ان حوالي 20% من الذين يتم اجراء المقابلات معهم يتحدثون العبرية، ومن جهة اخرى تحاول اذاعة الشمس دمج هذه الهوية بصورة طبيعية بهويتها القومية الفلسطينية، والتي تعلنها الاذاعة كمركب أساسي في هويتها، وهذا ليس سهلا في كل نشرة اخبارية او برنامج إخباري، علينا مواجهة هذه الحقائق والعمل بحسبها". كما يقول كرام.
"والجبهة الثانية التي تواجهها الاذاعة – كما يقول السيد سهيل كرام – هي عمل الاذاعة أمام الدولة والرقابة عليها، فكل وسيلة اعلام ترى بالرقابة، سيفاً مسلطاً فوق رأسها، غير أن اذاعة الشمس "مدللّة" في هذا الجانب الذي يخص المركب القومي، وهذا يتجلى في رفض الاذاعة ان تكون بوقاً لإسرائيل، او تلعب في ملعب جسر السلام دون الخوض في ملفات التمييز والعنصرية وتصمم ان لا تسير وفق التلم وتغرد في السرب وتسبح مع التيار المركزي السائد في الدولة".
ويضيف السيد كرام لصحيفة "غلوبس": "التخوف الموجود من كل ما هو عربي في هذه البلاد من قبل السلطات الرسمية، يؤدي الى ان يكون ضغط الدولة على اذاعة الشمس اشد واقوى، وهذا يتمثل بالرقابة الزائدة على المضامين، فمقابل محطات اذاعة "يهودية" – على سبيل المثال – تغرّم بسبب مضمون تسويقي تم بثه، فيما تغرم اذاعة الشمس دائما على خلفية قومية، أبعد من ذلك هناك مستمعون خاصون بإذاعة الشمس يراقبون بثها على مدار الساعة".
اما الجبهة الثالثة التي يتحدث عنها كرام لصحيفة "غلوبس" "فتنبع من صراعين، أمام المستمعين لها، فإذاعة الشمس اذاعة ناقدة ليس فقط للدولة إنما للمجتمع العربي، ناقدة لممثليها ولعدد من قياداتها، وحتى هنا نحن لسنا في راحة من أمرنا، رغم نسبة الاستماع العالية جدا لإذاعتنا وتصل الى 88% من مستمعي الاذاعات في البلاد وهذا رقم غير مسبوق يفرض على الاذاعة مسؤوليات جمة".
يشار الى ان التقرير في جلوبس لم يأت فقط لعرض موقف الاذاعة بل لايصال رسالة واضحة عن المجتمع العربي بأطيافه المختلفة باعتبار ان الاذاعة كمؤسسة اعلامية تستقطب اهتمام الناس والمستمعين وتنقل صوتهم وتعبر عن مواقفهم المختلفة وتتعامل مع الملفات بنظرة مختلفة عن ما تنقله وسائل الاعلام الاسرائيلية التي تتبنى اولا الخطاب الامني، ومن ثم تمنح العربي مساحة ضيقة هامشية للتعبير عن موقفه، وبالتالي يجد في اذاعة الشمس المنبر الذي يعبر عن هواجسه وقلقه ومطالبه وتطلعاته من خلال البرامج الاخبارية والثقافية والحوارية وحتى الترفيهية التي تبثها اذاعة الشمس.