عندما شاهدت المقابلة، مع الفنّان العملاق والمُبدع، أحد كبار الممثلين الكوميديين في الوطن العربي صلاح تيزاني ( ابو سليم) ، على شاشة Mbc في برنامج محكمة المشاهير مع الإعلامي المعروف تمام بليق تأثّرت، انفعلت وتعاطفت مع هذا الفنّان العريق الّذي ترك بصمات واضحة وأكيدة، ورفع من قيمة الحركة الفنيّة على السّاحة اللبنانيّة تحديدًا، والوطن العربي خاصَة لما صرّح به من خلال المقابلة أمام ملايين المشاهدين بما يمُر ويُعاني من أوضاع عصيبة مؤسفة.
هذا المشهد المقزّز، بحاجة إلى أن نتوقّف عنده مطوّلا والتفكير بعقلانيّة وتحكيم الضمير، والسؤال الذي طرح ويطرح نفسه: هل بعد ما كان هذا الفنّان أحد رموز التمثيل والفن في أوج عطائه أعطى وضحّى، وساعد بكل رحابة صدر كلّ من عرفه، وخاصّة زملاءه الفنانين واليوم يعاني من الفقر؟! إنه فعلا من المؤسف ما سمعناه وشاهدناه وهو يسرُد قصّة حياته، وتدهوُر أوضاعه الصحيّة والماديّة والمعنويّة، حيث بدت على ملامحه الحيرة، الحسرة، الاستياء والتذمّر، فأبكى القلوب وأدمع العيون.
وهنا، لا بد من توجيه كلمة عتاب ونقد مباشر وصريح للإعلام اللبناني وبرنامج بلا تشفير، الذي استضاف هذا الفنان على فضح أسرار وخصوصيّات وأوضاع فنّان كبير، والمتاجرة بها ليجعله يبكي ويثير الشفقة مكسورًا وذليلا لا حول ولا قوة له. ثم إلى المؤسسات المختصّة والدولة اللبنانية التي تعتبر نفسها في طليعة الدول المتحضرة، ومعقل الفن والفنانين، كيف تسمح لنفسها أن تُهمل تاريخًا حافلاً وكنزًا لا يُقدّر، لتجعل فنّانا يفتقر إلى ابسط الخدمات وبدون بيت متواضع يأويه ليقضي فيه آخر أيّام حياته ( 88 سنة).
ومن خلال دراستي المتواضعة، لأوضاع الفنانين والفنانات في الوطن العربي، اتضح أنّ هناك نسبة كبيرة منه ابتعدوا عن الساحة الفنية والأضواء، بسبب أوضاعهم المزرية، وعدم الاهتمام بهم وتقديم الدّعم بأشكاله، فمنهم من قام ببيع أثاثه الخاص وبيته لتلقي العلاج أمثال الكاتب المسرحي السّوري الكبير سعدالله ونّوس.
وعن أوضاع الفن والفنانين في بلادنا، صرّح لي الفنّان القدير سعيد سلامة، أنّ الظروف الاجتماعية والاقتصادية في بلادنا أفضل بكثير منها في العالم العربي، وكل من عمل في هذا المجال وخرج للتقاعد وضعه أيضًا أفضل بكثير، وأنا شخصيّا غير قلق، رغم أنّ هناك تقصير كبير من المؤسسات التي لا تُقدّم أي دعم للفن والفنانين، وبدوره يوجّه نداء إلى المسؤولين والمؤسسات احترام هذه المهنة، كونها ثقافة وتربية تعبر عن مجتمع راقي وحصاري، رعايتها وتقديم الدّعم لها وفتح المسارح .