أستحلفك بالله أن لا تكوني عنيفة كعاصفة هوجاء تحطم كلّ ما حلّ أمامها، وأن لا تصبحي ساحة معركة ساحقة فاصلة، أو موجة عاتية تغرقنا جميعا، وتمحو ماضيك، حاضرك، ومستقبلك كقصيدة شاعر متشرّد يحمل هموم المعمورة، ولا تدعي التاريخ يلطّخ مسيرتك المشرّفة بالقلم الأحمر العريض، ولا تكوني كلوحة فنان يائس لم يحسن انتقاء ألوانها.
لا، ولا تعودي إلى تلك المشاهد المخيفة والمقلقة، بل إلى عناوين ذات حُلّة ناصعة صافية كزرقة السماء لتبقى صورتك كما عهدناها شامخة أبيّة ومصدر فخر واعتزاز، لا تنزف، ولا تبكي وتبكينا على مصير بائس وتردّي أحوالنا. لا تدعي الخيبة تسيطر على نفوسنا، أو يعشّش اليأس في عقولنا؛ لنبقى معًا موحّدين متمسكين بالنسيج الاجتماعيّ والقيم الرّفيعة. لغتنا واحدة، هي لغة نبذ مظاهر العنف وأشكاله كافّةً، لنتحدث، في جلساتنا الخاصّة والعامّة في البيت، في المقهى، في الشارع، بين أروقة المكاتب والمؤسّسات وأماكن العمل، عن غد أفضل، ولنزرع في أرضك الخصبة الأمل، الأمن، والأمان .
أقسم لك مدينتي أني أشعر بما تشعرين به من ألم وحزن عميق، خجل وخيبة أمل، وأعلم أنّ جرحك ما زال ينزف، لكنّ أهلك يصرّون على العيش بين تلالك وحاراتك، ويتنّعمون بنسمات هوائك، فليس عندنا شيء أصعب من غياب شمسك الدافئة، وهوائك العليل، ونحن مدمنون على حبّك، ولا نستطيع أن نخفي ما نشعر به تجاهك!!
اتركينا أيّتها السحابة السوداء، وارحلي عنّا بلا عودة؛ لنلتقي وإياكِ في زحمة الأيام، وننسج أحلى حكايات ماضيك.