تقع مكة المكرمة غرب المملكة العربية السعودية، وتبعد عن المدينة المنورة حوالي 400 كيلومتر في الاتجاه الجنوبي الغربي، وعن مدينة الطائف حوالي 120 كيلومترا في الاتجاه الشرقي، وعن العاصمة الاقتصادية جدة 72 كيلومترا.
وهي في منطقة جبلية جرداء، ليس فيها شجر ولا ثمر عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالا، والطول 49/39 شرقا، ضمن إقليم تهامة غرب شبه الجزيرة العربية على بعد 80 كلم من البحر الأحمر ضمن تشكيلات الدرع العربي الذي تتكون جباله من صخور متحولة، وصخور جوفية اندساسية، وصخور غرانيتية.
وبين جبالها أودية تغطيها ترسبات الحصى والرمل، ومعظم هذه الأودية التي تتشكل منها مكة تتبع في تكوينها حركات الصدوع والانكسارات التي مرت بالدرع العربي خلال الأزمنة الجيولوجية القديمة.
تبلغ مساحة مدينة مكة حوالي 850 كيلومترا منها 88 مأهولة بالسكان، وتبلغ مساحة المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام المتربع وسط المدينة حوالي ستة كيلومترات، ويبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر حوالي 277 مترًا.
السكان
بلغ عدد سكان مكة المكرمة حسب إحصائيات 2012، حوالي مليوني نسمة كلهم مسلمون، لكن المدينة المقدسة تشهد توافدا على مدار العام لأداء فريضتي الحج والعمرة، ما يجعل عدد سكانها يتضاعف.
الاقتصاد
ظلت مكة المكرمة محطة للقوافل بين الشمال والجنوب أيام الجاهلية، وأمسكت بزمام التجارة بين أطراف شبه الجزيرة العربية وبين الطرفين المتنافسين، الفرس والروم.
كما ازدهرت بسبب الأسواق التجارية والمنتديات الأدبية الموسمية، التي من أشهرها في الجاهلية: سوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذي المجاز.
وقد تمتعت بظروف اقتصادية جيدة من خلال التجارة الداخلية والخارجية، وتمكن أهلها من تحقيق ثروات كبيرة من التجارة عوضتهم عن فقر البيئة التي تحيط بهم، حيث استطاع تجار مكة إنشاء علاقات تجارية مع كل من الأحباش والمصريين، مستفيدين من اقترابها من البحر الأحمر، وقد استخدموا لذلك سفنا تجارية تعمل لحسابهم.
ويعتمد اقتصاد مكة الحديث بشكل رئيسي على المواسم الدينية والإنفاق الحكومي، فيُشكل موسم الحج والعمرة مصدر دخل أساسي لأهل مكة.
وتُقدر الميزانية السنوية التي تخصصها الحكومة السعودية لأمانة العاصمة المقدسة بحوالي 50 مليون دولار يتم صرفها في الخدمات الأساسية، من بنية تحتية وتطوير وتنفيذ مخططات تنموية وبناء مساكن وتشييد طرق، فضلاً عن العناية بالمسجد الحرام والمشاعر المقدسة وما تتضمنه من توسيعات وتجديدات وإصلاحات.
التاريخ
يرجع تاريخ تأسيس مكة المكرمة إلى ما قبل ميلاد النبي إسماعيل وقيامه مع أبيه النبي إبراهيم عليهما السلام برفع أساسات الكعبة، وكانت مكة في البداية بلدة صغيرة سكنها بنو النبي آدم إلى أن دمرت أثناء الطوفان الذي ضرب الأرض في عهد النبي نوح.
أصبحت المنطقة بعد ذلك واديا قاحلا تحيط بها الجبال من كل جانب، ثم بدأ الناس بالتوافد عليها والاستقرار فيها وذلك عندما تفّجر بئر زمزم عند قدمي إسماعيل عليه السلام، بعدما ترك إبراهيم عليه السلام زوجته هاجر وولدها إسماعيل في ذلك الوادي المجدب.
في مراحل لاحقة انتقل أمر مكة إلى قريش، وهي فرع من قبيلة كنانة تنتسب إلى النضر بن كنانة، تحت إمرة قصي بن كلاب الجد الرابع للنبي محمد عليه السلام.
وفي عام 571 للميلاد خرج أبرهة الحبشي بجيشه المصحوب بالفيلة يريد تدمير الكعبة في مكة وإجبار العرب على الحج إلى كنيسته، وعندما اقترب من المدينة أبت الفِيَلة التقدم نحو الكعبة، وأرسل الله طيراً أبابيل بحجارة من سجيل فدمرت أبرهة وجيشه، وفق ما ورد في القرآن الكريم، وقد سُمي هذا العام بعام الفيل وهو العام الذي ولد فيه محمد صلى الله عليه وسلم.
في بداية العشرية الثانية من القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام في مكة، فعارضه سكان مكة بقوة واستضعفوا أتباعه واضطروهم إلى الهجرة، وهاجر نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة عام 622 للميلاد.
وفي السنة العاشرة للهجرة (630 للميلاد) فتح المسلمون مدينة مكة سلميا بعد أن استسلم أهلها، وحُطِّمت كل الأصنام التي كانت منصوبة في الكعبة المشرفة، وحُرِّم دخول المدينة المقدسة على غير المسلمين بحسب نصوص القرآن الكريم.
معالم
توجد في مكة المكرمة مجموعة من أهم المعالم الدينية والتاريخية العالمية عموما والإسلامية خصوصا، ففي قلبها يقع المسجد الحرام أعظم مسجد في الإسلام، تتوسطه الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في صلاتهم وأول بيت وضع للناس، وهو أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين.
يضم المسجد الحرام مجموعة من المعالم الأثرية والدينية المقدسة أهمها الكعبة، وتقع وسط المسجد الحرام تقريباً على شكل حُجرة كبيرة مرتفعة البناء مربعة الشكل تكتسي ثوبا من الحرير الأسود مزين بآيات قرآنية مكتوبة بخيوط الذهب. وعلى بعد عشرين مترا من الكعبة توجد بئر زمزم.
وفي الناحية الشرقية من مكة المكرمة على بعد 20 كيلومترا، يقع جبل عرفات، وتقام عنده أهم مناسك الحج .
ومن معالم مكة المكرمة غار حراء، وهو الغار الذي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتحنث فيه قبل نزول القرآن، وفيه نزل عليه الوحي، وهو في شرق مكة المكرمة على يسار الذاهب إلى عرفات في أعلى "جبل النور" على ارتفاع 634 مترا، ويبعد تقريبًا عن المسجد الحرام مسافة أربعة كيلومترات.