في عصر كثرت فيه الأعباء، وغياب الاهالي عن ابنائهم بسبب ضيق الوقت لتوفير لقمة العيش، آمنت بادرة أنه لا بد أن يكون لدى المعلم فكرا حديثا يواكب تطور التعليم، شعورها بالانسجام في وظيفتها التي تعتبر نفسها مربية معلمة وأم لكل الطلاب دون تمييز، والأهم تقبل الطالب المختلف والايمان بالقدرة على التطور والتحصيل، وبإدراكها ألاّ يكتفي المعلمون بما توصلوا إليه من معرفة وتعليم وفق المنهاج، بل محاولة التحسين والتطوير والمعرفة بتنوع والاصرار والايمان بالقدرة على التغيير وأن المعلم هو معيار الكفاءة وبيده أدوات للتطوير، بالإضافة إلى اعتماد التكنولوجيا الحديثة في المدرسة، إذا توافرت الميزانيات لتكتمل أركان العملية التعليمية والنهوض بها قُدُماً.
كانت أولى خطواتها لإحداث التغيير وتطوير المنظومة التربوية داخل المدرسة التي عملت بها بكل كدٍ واصرار، مستغلة كفاءاتها بموضوع الحاسوب في ظل التطور التكنولوجي وايمانا منها أن الطلاب ليسوا أقل قدرات من طلاب في مجتمعات اخرى رغم شح الميزانيات للمدارس العربية، ففكرت وخططت ونفذت، إذ كانت داخل المدرسة غرفة مخزن للكراسي والطاولات المهترئة، فكان منها أن تطلب مفتاح المخزن فقط دون أن تطلب ميزانيات أو مواد أو آليات أو أجهزة من المدرسة، وقامت بتجنيد الميزانيات بتوجهها لمن تعرفهم من الأقارب والأصدقاء المقتدرين ماديا بطلب التبرع، وعندما تمكنت من تجنيد ميزانيات بواسطة التبرعات خصصت تلك الغرفة للأثاث المهترئ الى غرفة حاسوب، واقتنت الحواسيب وحولت المخزن الى قاعة حاسوب متطور تكنولوجيا، كان هذا قبل عشرة اعوام عندما لم تحظ أي مدرسة في الطيبة على غرفة حاسوب مثيلة.
لم تكتفِ بهذا التغيير والتطوير في المسيرة التربوية، بل اتخذت التعليم والتربية وتطوير المسيرة التربوية هي رسالة يجب أن تخلق وتبدع لتصل رسالتها الى أجيال والى شعوب، وخاصة أنها كانت في طفولتها طالبة في نفس المدرسة، وشعرت أن كل الطلاب مثل ابنائها، تتعامل وتعطي من قلبها بضمير حي وفكر واعٍ وإرادة صلبة، ذللت الصعاب عندما اتخذت جلّ اهتماها بطالب مشاغب تحصيله متدن، لديه مشاكل الحركة الزائدة وضعف التركيز ويتغيب عن مقاعد الدراسة كثيرا، ويسبب المتاعب ويخلق المشاكل لزملائه ولمعلميه أو للجميع على حد السواء، وكان قد اوصى الاخصائيون بعلاج مشكلته بأدوية تساعده على التركيز، وهذا ما آلمها أن هذا الطالب يمكنه أن يكون مغايرا ربما لو اتخذت طرقا بديلة في التعامل والتدريس والاهتمام به ورعايته تربويا بمضاعفة الجهود ومثابرتها على خلق أساليب تتلاءم مع احتياجاته دون مرجعية لمنهاج أو لطرق خارجية اخرى مساعدة.
عندما لاحظت المربية بالطالب، بما أنها تدرسه موضوع الرياضيات، أخذت على عاتقها مساعدة الطالب ودفعه الى الامام كما لو كان ابناً لها، دون اللجوء الى تعاطي أدوية للتغلب على مشكلة التركيز والحركة الزائدة، وخلال الفصل الاول من العام الدراسي الحالي بدأت بالاهتمام به دعمه معنويا وتشجيعه، بأنه طالب قادر أن يتخطى المشاكل والصعوبات، وايمانها بالقدرة على التغيير تجاهه عملت بمضاعفة جهودها وعلى حساب وقتها الخاص، واستدعت والديه للتعاون معها على أن يلبيا رغبته في تربية حصان، كانت إحدى هواياته كوسيلة للدافعية والرغبة في التعلم والعطاء، بالمقابل من جانب الطالب عليه أن يتجاوب معها، وهكذا بدأت بتدريبه على عمليات حسابية مبسطة ومنحِه متسعا ومساحة، ليقف امام الطلاب ليحل التمرين المبسط الذي دربته، وتدريجيا بدأت بتدريبه على مسائل وتمارين حسابية أكثر تعقيدا ونجح بها، وتجددت الثقة لديه وتعززت الرغبة بالتعلم الى أن حصل على أعلى معدل في الرياضيات بتفوق على باقي الطلاب.
وتم تكريمها بالمربية والمعلمة المتميزة على هذا الانجاز الذي حققته، دون أن تنتظر تكريما أو جائزة، إنما ابنتها التي رأت أنها تستحق التكريم عندما فتح باب التسجيل بأن الاخرين ممن فازوا لم يحققوا انجازا كما حققت، وتم تسجيلها وفازت في المرحلة الاولى والثانية والاخيرة، وحازت على لقب "المعلمة المتميزة" لعام 2016 على مستوى الدولة.