النّقص الحادّ في الأسرّة التّأهيليّة وخدمات التّأهيل العلاجيّ في القطاع، الأطراف الصناعيّة الثقيلة وغير المريحة، والقيود التي تفرضها إسرائيل على خروج الجرحى من قطاع غزّة بهدف تلقي العلاج الطبّي.
جاء في بيان جمعية أطبّاء من أجل حقوق الإنسان ‘على مرّ عامين، أي منذ بدء الهجمة بتاريخ 8 تموز 2014، تابعت جمعية أطبّاء من أجل حقوق الإنسان قدرة المصابين في القطاع على تلقي العلاج. وكلما مرّ الزمن اتضح بأن نضال مبتوري الأطراف من أجل تلقّي العلاج كان الأصعب من من ضمن نضالات جميع المصابين. يقوم تقرير ‘مبتورون’ بتحليل المصاعب التي تعترض هؤلاء في طريقهم إلى تلقي التّأهيل العلاجيّ. إن هذا التقرير هو جزء من مشروع شامل لجمعية أطبّاء من أجل حقوق الإنسان، يشمل في إطاره أيضاً مدوّنة يكتب فيها ثمانية من المبتورة أطرافهم من قطاع غزّة عمّا يعانونه جرّاء البتر وعن الحياة في أعقابه. إلى جانب تقرير ‘متروكون’ الذي تمّ نشره سابقا، والذي يحكي قصّة سكان جنوب إسرائيل، الذين كانوا معرضين لهجمات الصواريخ التي تم إطلاقها من القطاع خلال الهجمة. ويتّصل هذان التقريران ببعضيهما وذلك لأن مسبّب الإصابات في كل من غزّة وإسرائيل واحد؛ فالحرب هي الحرب ذاتها، والسياسة المنسجمة مع ذاتها والتي تحافظ على بقاء الصراع دائرا تضرّ ببني البشر على جانبي الجدار’.
وأضاف ‘بحسب معطيات منظمة الصحة العالمية فإن نحو 100 من مبتوري الأطراف قد انضموا إلى مبتوري أطراف وجرحى آخرين خلّفتهم الهجمات السابقة، وهم ما زالوا بحاجة إلى تأهيل علاجيّ. ويظهر التقرير بأن العلاج الطبّي الذي يتلقاه مبتورو الأطراف في القطاع هو علاجٌ ذي نوعية منخفضة في كلّ مراحله: بدءاً من مرحلة البتر، التي تتم أحيانا في ظروف ميدانية وبسرعة وبشكل غير سليم، وتخلّف تشوّهات لا تتيح تركيب الأطراف الصناعيّة، حيث من غير الممكن إصلاح هذه التشوهات بعمليات جراحيّة في قطاع غزّة؛ مروراُ بمرحلة تركيب الأطراف الصناعيّة، والتي تعدّ ثقيلة وأقل جودة مقارنة بالأطراف المستخدمة في الدول المتقدّمة، وهي في جزء منها ليست أطرافا عملانية بل إنها أطراف تجميلية فحسب؛ وصولا إلى مرحلة التّأهيل، بعد تركيب الطرف الصناعيّ، وهي عملية لا يتم تمويلها ولا إدارتها ولا تنسيقها كما يجب’.
وتابع ‘إن المنظومة التأهيلية في قطاع غزّة، وهي التي كانت أصلاً تعاني من نقص، قد تضررت بشكل حاد خلال الهجمة الأخيرة، حين تم قصف المشفى التّأهيليّ الوحيد في القطاع، وهو مشفى الوفاء. وقد بلغ عدد الأسرة العلاجيّة التّأهيليّة في القطاع في أثناء كتابة التقرير (2015)، 35 سريرا، مقابل 125 في السابق، ومن ضمن المراكز التّأهيليّة الـ 55 المسجلة في قطاع غزّة، هنالك عشرة فحسب منها تعمل’.
وواصل ‘ هذا، ولا تعترف مختلف الجهات ذات العلاقة بمسؤوليتها عن معالجة مبتوري الأطراف. فإسرائيل تعفي نفسها من المسؤولية، أما السلطة الفلسطينية الواقعة تحت ضغط ضائقة اقتصادية مزمنة فهي لا تقوم بتمويل خدمات التّأهيل العلاجيّ كما ينبغي، والدول المانحة لا تأبه بتنسيق نشاطاتها مع السلطات في غزّة. وفي وسط هذه التعقيدات جميعا، يبقى مبتورو الأطراف من دون استجابة، وبعضهم يبقى من دون علاج لائق طيلة شهور، بل وطيلة سنوات، بعد انتهاء كل جولة من الجولات القتالية’.
وأكد ‘إن ضائقة مبتوري الأطراف غير منفصلة عن الواقع الذي يعيش فيه هؤلاء في كل من قطاع غزّة والضّفة الغربية، ولا عن حالة الجهاز الصحي الفلسطيني الواقع تحت التقييدات الكثيرة من جانب إسرائيل ومن التشتّت الذي تفرضه إسرائيل على الجهاز الصحّي الفلسطيني عبر فصل قطاع غزّة عن الضفة الغربية’.
وخلص الى ‘إن على دولة إسرائيل أن ترفع القيود والمصاعب التي تفرضها على مبتوري الأطراف والمتعالجين الفلسطينيين عموما، خصوصا في مجال تسهيل انتقال هؤلاء لتلقي العلاج الطبّي خارج قطاع غزّة، وتنفيذ التزاماتها بخصوص الحق في الصحة، كما هو معرّف في القانون الدولي، والعمل على رفع الحصار عن غزّة’.